في ذكرى الإعلان.. هل يكتمل الاستقلال!

بي دي ان |

16 نوفمبر 2022 الساعة 12:22ص

"إن المجلس الوطني يعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف". 

لعل هذا الجزء الأهم من نص إعلان الدولة الفلسطينية 15 نوفمبر 1988 في دورة المجلس الوطني ال19 والمنعقدة في قاعة الصنوبر بالجزائر. 

كلمات اهتز لها الوجدان الفلسطيني، ورصت الصفوف الفلسطينية رصا صوب فلسطين والقدس العاصمة، أحييت آمالًا وفتحت آفاق لأحلام وجعلتها قابلة للتحقيق، حلم الدولة الفلسطينية، لم يكن حلم ياسر عرفات الثائر الواثق وحده بل كان ومازال حلم الشعب الفلسطيني باكمله، ولكن ياسر عرفات جسد الفكرة والحلم في "قرار" ووضع اللبنات الأولى لنكمل بعدها جميعنا المشوار، كان يشعر بقدرته على اختراق الصعاب متحزما بحق الوجود الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية، فحاول انتزاع حقوق شعبه وأظنه نجح بذلك. 

الاستقلال الوطني ليس مجهود شخصي مهما كانت عبقرية الشخص، لكنها تعتمد على رص الصفوف ووحدة الحال، وتعزيز الانتماء لدى المواطنين لأرضهم وتعزيز صمودهم وتكاتفهم، الاستقلال يبنى على سواعد الأبطال وفعلهم الوطني المشروع ويعجن بدماء الشهداء، ويبني جسوره على عظام الجرحى البواسل، هكذا يكون الاستقلال، بعمق القيادة ومدى قيادتها وقدوتها للمشروع الوطني، وانخراطها مع الجماهير والالتحام بها. 

في هذه اللحظات التاريخية التي يدفع بها الفلسطيني الثمن من كل شيء ولكل شيء، مهم الاعتراف أننا أمام استقلال لم يكتمل بعد، فعلى عظم التضحيات التي تنم عن سخاء المناضل والفدائي والشعب الفلسطيني على أرضه، مهم أيضًا الاعتراف على استحياء بتدخل ودخول عناصر غريبة على قضيتنا الفلسطينية أفسدت ما تم انجازه بفعل التضحيات، وحالت دون تحقيق الحلم الفلسطيني الذي لربما كنا في فترة ما على مقربة منه، لكن أيدي خفية ومعلومة عبث بالمشهد الفلسطيني ودولًا دفعت باتجاه تخريب الساحة الفلسطينية الملتحمة، ولا ننسى العدو الإسرائيلي الأول الذي تنصل من الاتفاقيات الموقعة وضرب عرض الحائط بكل المواثيق والأعراف الدولية.

ياسر عرفات المؤسس أيضًا دفع حياته ثمنًا، حين قبل فقط أن يكون شهيدًا وليس بائعًا فاختار شرف الشهادة والخلود في بواطن عقول الفلسطينيين وقلوبهم. 

في نوفمبر كان بداية الحلم ونهاية الحالم، لم ينته المشوار ولم يمت الحلم، واستلم الراية جيل شجاع يعتمد عليه، 
تعثرت الخطوات بعد استشهاد القائد أبو عمار، وحلول نكبة الانقلاب وتداعياته على الشعب الفلسطيني، وتدمير النسيج المجتمعي وشرخ وحدة الصف الفلسطيني، تفاصيل كثيرة أعادت القضية الفلسطينية للوراء كثيرا، ومؤخراً مؤامرات كثيرة تحاك ليس من الخلف بل وبالعلن للعبث بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والعمل على خلق بديل هزيل لها بشكل مقصود من قبل البعض ومدعوم من بضع دول تأبى الا تخريب وتدمير الحلم الفلسطيني.

تعود الجزائر مشكورة لتجديد دعمها للدولة الفلسطينية في محاولة أخرى للم الشمل الفلسطيني على أمل نجاح محاولتها الجادة، لذلك مطلوب فلسطينيا الآن اقتناص فرصة تاريخية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني برغم  الجرح العميق في خاصرة الوطن وبرغم النزف الذي لم يتوقف بعد، وإلا سيكون مطلوب وبقوة أن تقول الجماهير الفلسطينية صاحبة الدماء الزكية والتضحيات الجلية ليس بقولها فقط بل بفعلها الفاعل للحفاظ على كيانها ودورها ومنجزاتها الطويلة عبر تاريخ حافل بالعطاء السخي لأرض وشعب يستحق، ولحماية فلسطين والقدس العاصمة من عبث العابثين بكل ما هو مقدس ومحظور العبث به.

مطلوب من الفلسطينيين تكملة المسير ليكتمل إعلان استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.