صدمة مزدوجة لعائلة فياض: بيسان حيّة خلف القضبان بعد دفن جثمان لا يعود لها

بي دي ان |

20 أغسطس 2025 الساعة 09:52م

الاسيرة بيسان فياض
في السابع من كانون الثاني/ يناير 2024، اجتمعت عائلة الشابة الفلسطينية بيسان فضل محمد فياض في مخيمهم الصغير وسط قطاع غزة، تودّع ابنتها التي قيل إنها “استشهدت” أثناء اعتقالها لدى الاحتلال الإسرائيلي. 

الجثمان الذي سُلّم للعائلة دُفن وسط دموع الفقدان وحزن ثقيل، بعد أن قيل لهم إنه لبيسان التي لم يتجاوز عمرها الرابعة والعشرين.

كانت العائلة تظن أنها أغلقت صفحة الانتظار المرير على أمل اللقاء، لتفتح صفحة الحداد الطويل، لكن ما لم تتوقعه هو أن القدر سيعيد فتح الجراح بطريقة أقسى مما تصوّروا

المفاجأة الصادمة: بيسان حيّة!

بعد نحو ثمانية أشهر من مراسم الوداع، وصلت للعائلة أنباء صادمة قلبت كل شيء: بيسان لا تزال على قيد الحياة.

المعلومات المؤكدة التي كشف عنها المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا تشير إلى أن بيسان تقبع في أحد سجون الاحتلال، وأنها تعاني من إصابة خطيرة في العمود الفقري أدت إلى شلل نصفي، وسط ظروف صحية صعبة وغياب شبه كامل للرعاية الطبية.

الأكثر فداحة أن الجثمان الذي دفنته العائلة لم يكن لابنتها، بل لشخصية مجهولة الهوية حتى الآن.

أبعاد إنسانية وحقوقية

هذه الحادثة ليست مجرد خطأ إداري أو التباس في الهوية، بل تمثل، بحسب حقوقيين، جريمة مزدوجة:
    1.    بحق بيسان نفسها التي أُخفيت قسرًا، حُرمت من حريتها، ومنع عنها العلاج.
    2.    بحق عائلتها التي أجبرت على وداع جثمان لا يعود لابنتها، وتحمّلت صدمة الفقدان مرتين.

المركز الفلسطيني شدّد على أن القضية ليست حالة فردية، بل جزء من سياسة الإخفاء القسري التي يمارسها الاحتلال منذ بدء عدوانه على قطاع غزة قبل أكثر من 22 شهرًا. فهناك مئات الفلسطينيين المفقودين والمخفيين قسرًا، لا يعرف ذووهم إن كانوا أحياءً أم أمواتًا، ولا يُسمح لهم حتى برؤية جثامين من يُقال إنهم قضوا.

مطالب عاجلة

في بيانه الأخير، دعا المركز إلى الكشف الفوري عن مصير المعتقلة بيسان فياض، وضمان حصولها على العلاج العاجل.
    
كما اوصى بفتح تحقيق لمعرفة هوية الجثمان الذي سُلّم لعائلتها ودفن خطأً.

وطالب بضروريةة توفير معلومات دقيقة عن جميع المعتقلين والمخفيين قسرًا، وضمان تواصلهم مع ذويهم.

كما أكد على ضرورة محاسبة الاحتلال على استخدام جريمة الإخفاء القسري كأداة لترهيب الفلسطينيي

وناشد المؤسسات الحقوقية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة بضرورة التدخل العاجل.

شهادات من العائلة

والدة بيسان، التي عاشت تجربة الفقد مرتين، قالت في تصريح صحفي قصير:“لم أصدق عيني عندما سمعت أن بيسان ما زالت على قيد الحياة. بكيت كما بكيت يوم دفنّاها، لكن هذه المرة بكيت من صدمة جديدة: كيف يمكن أن يدفنوا فتاة ليست ابنتي ويقولوا إنها بيسان؟ كيف يمكن أن تعيش ابنتي خلف القضبان مصابة لا تجد من يعالجها؟”

أحد أشقاء بيسان عبّر عن الغضب قائلاً:“نحن لم نفقد بيسان وحدها، بل فقدنا الثقة بكل ما يقوله الاحتلال. لقد تلاعبوا بمشاعرنا ودفنوا الحقيقة معنا."

قضية أكبر من بيسان

قضية بيسان تفتح الباب على ملف ضخم من المفقودين والمخفيين قسرًا، والذين تقدّر المؤسسات الحقوقية عددهم بالمئات منذ بداية العدوان.

وتحذّر منظمات حقوقية من أن هذه السياسة لا تستهدف الأفراد فقط، بل تهدف إلى إرهاب العائلات والمجتمع بأسره، عبر تركهم في دوامة الانتظار بين الأمل واليأس.

قصة بيسان فضل محمد فياض ليست مجرد مأساة عائلية، بل شهادة دامغة على وحشية الإخفاء القسري، ووسيلة الاحتلال في تعميق الألم الفلسطيني.

وما لم يتحرك المجتمع الدولي سريعًا للكشف عن مصير جميع المفقودين، وضمان حقوق المعتقلين، فإن قصصًا مشابهة قد تستمر في التكرار، تاركة آلاف العائلات الفلسطينية في ظلام الانتظار المرير.