مريم أبو دقة.. شهيدة الكلمة التي ودّعت أهلها برسائل من قلب أمٍّ ورفيقةٍ وأخت
بي دي ان |
25 أغسطس 2025 الساعة 10:53م

غزة - خاص بي دي ان - لينه راضي
في غزة، حيث الدماء تختلط بالغبار، رحلت مريم أبو دقة، الصحفية التي لم تعرف الخوف، وحملت الكلمة والصورة لتكون شاهدة على الحقيقة. لم تترك وراءها مجرد كاميرا، بل رسائل وداع مؤثرة، قلبًا وروحًا تركتها لابنها غيث، ولعائلتها التي كانت سندها وحياتها.
صباح الاثنين، ارتقت مريم برفقة 19 فلسطينياً آخرين
في مجمع ناصر الطبي بخانيونس، لتصبح رمزًا للشجاعة، والحب، والإصرار على نقل الحقيقة رغم كل المخاطر.
وصايا الوداع.. رسائل مريم الأخيرة
من بين الركام، خرجت كلمات مريم، التي تركت رسائل كتبتها بخط يدها، كأنها كانت تقرأ الغيب. سلّمتها لصديقتها المقربة دعاء زعرب، وأوصتها ألا تُفتح إلا حين تغيب غيابًا أبديًا.
إلى والدها:
“بابا، إنت الجبل والسند اللي طول عمري بحبه وواقف معايا. الله يعطيك الصحة والعافية، دير بالك ع حالك مشاني. لا تزعل عليّ، أنا مبسوطة لأني ارتحت من هالحياة، وبدي أروح عند ماما.”
إلى إخوتها:
“إخواني الله يحفظكم ويرزقكم ويوسّعها عليكم، على قد ما كنتوا مناح معي. الله يوفقكم في حياتكم، وتظلوا سند لبعض.”
إلى أخواتها:
“خواتي الحبيبات، راح أشتاقلكم كتير، بس تعودتوا ع غيابي بسبب الشغل. أمانة تدعولي وتظلوا مع بعض، وما تنسوني.”
إلى زوجات إخوتها:
“نسوان إخوتي، الله يسعدكم ويريّح بالكم، أمانة ديروا بالكن ع حالكن وعلى الأولاد. أنا بحبكم كتير، وبتمنى تظلوا عايشين بمحبة مع بعض.”
إلى أبناء العائلة:
“أولاد إخوتي وخواتي كمان بحبهم كتير، ديروا بالكم ع حالكم، وخلوا قلبكم كبير على بعض.”
إلى طفلها الوحيد “غيث”:
“غيث، قلب وروح أمك.. أنا بدي منك تدعيلي، وما تبكي عليّ مشان أضل مبسوطة. بدي ترفع راسي وتصير شاطر ومتفوق وتكون قد حالك وتصير رجل أعمال.
يا حبيبي ما تنساني، أنا كنت دايمًا أعمل كل شيء عشان تظل مبسوط ومرتاح.
بس تكبر وتتزوج وتجيب بنت، سميها مريم على اسمي.. أنت حبيبي، وقلبي، وسندي، ورافع راسي، بدي دايمًا أتباهى فيك.
أمانة يا غيث: صلاتك، ثم صلاتك، ثم صلاتك.. أمك مريم.”
مريم.. الصحفية الشجاعة والابنة البارة
بعيدًا عن الكاميرا، كانت مريم امرأة حملت في قلبها إنسانية نادرة. قبل سنوات، تبرعت بكليتها لوالدها دون أن تقبل أن تُصوَّر قصتها، لأنها كانت تعتبر أن التضحية واجب لا بطولة.
في الميدان، كانت “أخت الرجال”، ترافق زملاءها في التغطية، لا تبالي بالخطر، ولا تهاب تهديدات الاحتلال.
وفي البيت، كانت أمًا حنونًا لغيث، وابنة مطيعة، وأختًا محبة.
الاحتلال يغتال الشهود
برحيل مريم، يرتفع عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين اغتالهم الاحتلال منذ بداية الحرب إلى 245 صحفيًا، في جريمة واضحة تستهدف شهود الحقيقة.
لكن كلماتها الأخيرة وصورها ستظل باقية، لتقول للعالم: هنا كانت مريم، وهنا بقيت الحقيقة.
إرث من نور
لم يترك استشهاد مريم فراغًا فقط في غرف الأخبار، بل ترك فراغًا في قلب طفل لم يعرف بعد معنى أن تفقد أمك للأبد.
مريم، الصحفية الشهيدة، رحلت بالكاميرا والرسالة، لكنها ستبقى في قلوب من أحبوها، في دعاء غيث الصغير، وفي كل قصة تُروى عن صحفيين حملوا الكلمة كأمانة، ودفعوا حياتهم ثمنًا لها
رحيل مريم أبو دقة لم يكن مجرد فقدان صحفية، بل فقدان قلب ينبض بالشجاعة والحب، صوتًا كان ينقل الحقيقة في أحلك الظروف، وأمًّا تركت رسالة واضحة: الحياة تستمر رغم الألم، والحب لا يموت. مع استشهادها، يرتفع عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين اغتالهم الاحتلال منذ بداية العدوان إلى 245 صحفيًا، ما يسلط الضوء على استهداف ممنهج لشهود الحقيقة. ستظل مريم في ذاكرة غزة والعالم، في كل صورة وثقتها، وفي كل كلمة كتبتها، شاهدةً على الشجاعة، والإصرار، والوفاء للواجب الإنساني والمهني