رسالة هنية الى الرئيس وتحريك المياه الراكدة!

بي دي ان |

04 يناير 2021 الساعة 05:47ص

على حين غرة اعلن مساء امس السبت الثاني من يناير 2021 م عن تلقي  السيد الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية ورئيس  حركة فتح ورئيس  اللجنة التنفيذية ل. م.ت. ف . ، رسالة من السيد اسماعيل هنية  رئيس المكتب السياسي لحركة حماس  بشأن موافقة حركته حماس على اجراء إنتخابات عامة متتالية او متتابعة وغير متزامنة كما طالبت حركة حماس في  الإجتماع الأخير الذي عقد في القاهرة بين وفدها و وفد  حركة فتح قبل اسابيع ، والذي ادى الى جمود الحراك السياسي الفلسطيني  بشأن اجراء  الإنتخابات  بناء على سلسلة الحوارات التي اطلقها اجتماع الأمناء العامون في ( رام الله بيروت) والمنعقد في سبتمبر الماضي والحوارات التي تبعته بين حركتي فتح وحماس  في اكثر من عاصمة  من استانبول الى الدوحة والقاهرة ... والتي تجمدت عند تراجع حركة حماس عما كانت قد وافقت عليه من ان تجري الإنتخابات بالتتابع  وطالبت بأن تجري هذة الإنتخابات بالتزامن ....!
السؤل الذي يطرح نفسه  ما الذي جرى  في هذة الفترة القصيرة حتى تغير حركة حماس موقفها   وتقبل بأن تجري الإنتخابات بالتتابع ويوجه  هنية رسالته هذة للرئيس الفلسطيني بما حملته من موافقة   ؟
سؤال يستحق البحث عن جواب ، لقد اشارت رسالة هنية الى جملة التحديات والمتغيرات  التي تواجه القضية الفلسطينية  و اشارت الى دور الأشقاء والاصدقاء مصر وقطر واستانبول وموسكو والجهود التي بذلوها  في التوسط  بين القطبين الفلسطينيين ... فتح وحماس  ، هذة الجهود التي لم تكن جديدة  اطلاقا، حيث بذل هؤلاء الاشقاء والأصدقاء وغيرهم جهودا كبيرة في هذا الشأن منذ  اقدمت حركة حماس على انقلابها على السلطة في قطاع غزة  وحسمها العسكري في صيف 2007 م لتفرض منفردة سلطة أمر واقع على قطاع غزة  وبدعم  وبرعايات متعددة  اقليمية وعربية واسرائيلية ، ولكل من هذة الأطراف  حساباتها الخاصة  والتي تتراوح مابين الإعلان عن دعم المقاومة الى  سعي بعضها الى ترسيخ الإنقلاب وما ينجم عنه من انفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية تحت يافطات مختلفة ومتنوعة ، وما ينجم عن ذلك من  تهديد لوحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة ، واضعاف لمواقف السلطة الوطنية والنظام السياسي الفلسطيني... الى خلق ثغرات واسعة في الجسد  السياسي الفلسطيني قد  وجدت فيه العديد من الأطراف الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الكيان الصهيوني  مجالا خصبا للعبث في الشأن الفلسطيني برمته و كل منها بطريقته... وكانت ترى حركة حماس في هذا العبث عناصر داعمة ومساعدة لها في تحقيق مشروعها  الحزبي الخاص في احتلال   مكانة  حركة فتح و م. ت. ف. التمثيلية   ونزع الشرعية عنهما ...!
اليوم بعد مرور اربعة عشر عاما على انقلاب حركة حماس وافشال العديد من اتفاقات المصالحة في اللحظات الأخيرة والعودة  بها الى نقطة الصفر ،تأتي رسالة السيد هنية اليوم ،  فما الذي اختلف وما المستجد الحقيقي الذي دفع اليها ،  وهل تحمل الرسالة   ضمانة  معينة  من ان لا تتراجع حركة حماس عن مضمون هذة الرسالة وما  حملته من بشرى والتزام والتي تلقفها الرئيس الفلسطيني فورا  وبدون تأخير او حتى دون الرجوع الى المرجعيات  بإيجابية  وموافقة سريعة ، ودعا فورا السيد حنا ناصر رئيس لجنة الإنتخابات  الى بحث الإجرات الواجبة لإصدار المراسيم الخاصة بإتمام هذة  الإنتخابات ...!
لا شك ان هناك جملة متغيرات  اقليمية ودولية ومحلية قد املت على السيد هنية و حركته  توجيه هذة الرسالة بما تضمنته الى الرئيس ابو مازن ،  منهاالتغيير القادم في ادارة البيت الأبيض  بعد اسابيع قليلة ، ومنها الرسالة المصرية البليغة التي وجهتها مصر العربية  مؤخرا من خلال اخلاء قنصليتها في غزة والمغلقة منذ الإنقلاب .. وقبل كل هذا حالة الغليان الشعبي التي بات  يشهدها قطاع غزة جراء الحصار وتدهور الأوضاع الإقتصادية فيه  اضافة الى فشل حكم حماس للقطاع والذي سبق ان اشار اليه السيد  خالد مشعل في مداخلة نقدية له  سابقا منذ اعوام ..
يضاف الى ذلك القوة العسكرية التي باتت تمتلكها حماس في قطاع غزة  وتفرض من خلالها سلطتها المطلقة سواء فازت او خسرت الإنتخابات المزمع إجراؤها ،  فإن خسرت هذة الإنتخابات إن جرت فإنه من المستحيل ان تسلم قطاع غزة ، وإن فازت بها يعني امتداد سلطتها للضفة الغربية  وفي حينها  ستمتد تفاهماتها الأمنية القائمة  مع الكيان الصهيوني  على انحاء الضفة الغربية وتصبح الطريق ممهدة بينها وبين الكيان الصهيوني لتوقيع اتفاق هدنة طويلة الأمد  لمدة ثلاثين عاما دون التوصل لإتفاق سلام نهائي  ودون ان تعترف حماس بالكيان الصهيوني ،  و هذا يتوافق مع رغبة اليمين الحاكم في الكيان الصهيوني  حيث يستمر في  تنفيذ سياسات التوسع الإستيطاني والضم للقدس ولأراضي الضفة الغربية وتنفيذ كافة  عناصر  خطة( كوشنير نتن ياهو ترمب ) خطة صفقة القرن والتي لم تجد معارضة عربية رسمية فعالة لغاية الآن ، بل بدات بعض الدول العربية بتنفيذ  ما املته عليها هذة الخطة الجهنمية من تطبيع وغيره دون اي التزمات من جانب الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالحقوق  الفلسطينية ..!
 لا يعني ما سلف ان نرفض اجراء الإنتخابات العامة وما تضمنته رسالة هنية للرئيس  ، وقد باتت  الإنتخابات ضروية  لإعادة صياغة النظام السياسي  الفلسطيني واستعادة الشرعية الإنتخابية لمؤسساته التمثيلية والتنفيذية  بعيدا عن التدخلات الخارحية  الإقليمية والدولية  وصيانة القرار الوطني الفلسطيني المستقل  والحفاظ على الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق المساواة وحق العودة  وحق تقرير المصير واقامة الدولة المستقله وعاصمتها القدس والتي تمثل   ثوابت الموقف الفلسطيني  من اية تسوية سياسية تستهدف إنهاء الصراع...
لكل ذلك فإن هذة الإنتخابات   الضرورة لا بد من الإعداد السياسي والقانوني والوطني لها اعدادا دقيقا يؤدي الى الغرض الوطني المنتظر تحقيقه  منها ... في اعادة بناء النظام السياسي على   اساس الشراكة الوطنية و ازالة كل مخلفات الأنقلاب واستعادة وحدة الأراضي الفلسطينية و وحدة الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ووحدة مؤسساته  وسياساته ... وهذا يحتاج الى  حوار وعمل وطني جاد و واسع يشمل كافة المكونات الفلسطينية في الداخل والخارج  قبل اجراء تلك الإنتخابات من اجل ان  تحقق هذة الإنتخابات غاياتها الوطنية في  ظل مرحلة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني  .. وليس لمجرد الفوز بمقاعد سلطة حكم ذاتي تحت الإحتلال ...
وللحديث بقية عن الإنتخابات وتفاصيلها المختلفة...!