نطفة لميلاد فجر جديد

بي دي ان |

08 ديسمبر 2021 الساعة 10:32م

منذ الصباح وأنا أفكر، بكيفية تقبل أن يقوم إعلاميونَ عرب بتناول قضيةٍ إنسانية حساسة بطريقة وقحة مستفزة؛ بهدف الحصول على جوائز، وأوسمة، وشهرة، دون النظر إلى حجم الأسى الذي يمكن أن يسببه هذا الأمر.

 فيلم (أميرة) الذي قامت (صبا مبارك) الممثلة الأردنية بأداء دور زوجه أسير فيه تلجأ للنطف المهربة من أجل الإنجاب فتكتشف فيما بعد ان طفلتها ابنة ضابط صهيوني داخل السجن أخرجه مخرج مصري بدعمٍ مالي إماراتي يسيء للقضية الفلسطينية ويتناول قضيةً حساسةً للغاية.

قبل كتابة هذه السطور كنت أردّدُ في نفسي بأن "اميتوا الباطل بالسكوت عنه". 

لدرجة أنني لم أستطع كتابة سطرٍ واحدٍ عن هذا الموضوع، بل جلست أفكر بأثر هذا الأمر نفسياً على زوجات الأسرى اللواتي أنجبن من خلال (النطف المهربة)، عن إحساسهن والغصة التي عصفت بقلوبهن، وكيف تقبلن ظلم بعض ذوي القربى اللذين تناولوا رواية الاحتلال بهذه الطريقة البشعة. 

صمتُ طويلاً وكنت أتخيل أنني أقبل جبين كل امرأة من زوجات الأسرى من خاضت هذه التجربة الصعبة، فعملية الخضوع لمثل هذه الأمر ليست بالأمر السهل، ولا يستطيع وصفها سوى من مر بها.

لقد استرقنا السمع للطفلة ميلاد سفيرة الحرية ابنة الأسير الكاتب والروائي (وليد دقه) (59 عاماً)المحكوم بالسجن منذ أكثر من 36 عامًا أنا ومجموعة من النشطاء عبر برنامج (كلوب هاوس) بينما كانت ام ميلاد السيدة سناء سلامة تتحدث إلينا عن ميلاد التي أنجبتها من خلال النطف المحررة، لقد كانت قوية صلبة، وهي تتحدث بصوتٍ ثائرٍ عن تجربتها المريرة، كزوجة أسيرٍ ولديها طفلة، قالت لنا: (بأن الاحتلال الإسرائيلي فرض عليهم زيارة أطفال النطف بعد إجراء فحص (DNA)؛ لتأكيد نسب الأسرى لهم، وقد يصب هذا الأمر في مصلحة الأطفال، وقد تم بالفعل ثبات نسب جميع أطفال النطف إلى آبائهم دون خطأ يذكر.

استطردت وهي تقول: (لقد كان عمر ميلاد سنة وأربع شهور عندما طلب منها زوجها أن تحضرها للزيارة وهي تمشي، وأن تطلب منها أن تُشير لأبيها دون أن تحدده من بين أصدقائه، طبعًا ميلاد كانت تعرف صورته من الصور التي تملأ البيت، لكن المفاجأة أنها وجدتهم على الأرض ولم يستطيعوا الوقوف من أثر الصدمة).

 أما عن عملية تهريب النطف فهي تبدأ بعد اتفاق الزوجين وقبولهم، ويشترط وجود أربعة شهود داخل المعتقل يشهدون على إخراج النطفة بواسطة الوسيط وتُستقبل بشاهدين عاقلين بالغين من أهل الأسير وزوجته، يحلفان اليمين على أن النطف تعود للأسير، كما ويتم الاتفاق على العملية قبل موعد إخراج النطفة بشهور، وتخضع زوجة الأسير لتحضيرات علاجية وهرمونية مسبقة، وهناك من زوجات الأسرى من يتم تحضيرهن لكن دون جدوى فصعوبة إخراج النطف تؤذي إلى فشل الأمر وهذا بدوره يترك اثاراً نفسية صعبه عليهن.

ورغم الانتصار الذي حققه الأسرى بالنطف المهربة، إلا أن الاحتلال يتربص لهم بــ: العقوبات، والتعذيب، والاستفزاز، وقد تصل إلى عقوبته وزيادة الحكم عامين، وقد يحرم الزيارة لسنوات أو مدى الحياة.

يطالب أهالي الأسرى وزوجاتهم بالضغط على جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ للسماح لهم لرؤية أطفالهم واحتضانهم وجهًا لوجه، وليس من خلف الزجاج؛ لأن ذلك حق إنساني.

الجدير ذكرة أن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، نحو(4650)، بينهم (40) أسيرة، ونحو (200) طفل، إضافة إلى (520) أسيرًا إداريًا (من دون تهمة، أو محاكمة).