ما بين طفح الكيل.. وحلو عنا ماذا يريد الرئيس في خطابه؟

بي دي ان |

25 سبتمبر 2021 الساعة 04:19م

ما بين "طفح الكيل " و"حلو عنا" الكثير والكثير من تفاصيل قضيتنا الفلسطينية التي سردها الرئيس محمود عباس أبو مازن في كلمته المهمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة 76، أمس الجمعة، وقد كان التوفيق واضحا في حديثه والبدء بالبداية حيث طرد الفلسطينيين من بيوتهم في النكبة  الأولى التي مر عليها 73 عاما، ولعل ما هو مُلفت في ذلك قوله "أنا وعائلتي ومثلنا الكثير، لدينا صكوك ملكية لهذه الأرض التي هي موثقة في سجلات الأمم المتحدة" هذا الإدلاء والذي يتناسب تماما مع خارطة فلسطين التاريخية التي وضعها السيد الرئيس خلفه أثناء ذلك الخطاب ليتذكر المنافقون والمنحازون لإسرائيل حقيقة الصراع وصدق الرواية الفلسطينية، مرورا بقضية اللاجئين وحق العودة وفقا للقرارات الدولية وخاصة القرار 194، ومن ثم قضية الشيخ جراح وسلوان في القدس العاصمة.

لقد تقصد الرئيس أبو مازن في هذا الخطاب شرح تفاصيل التفاصيل وكل الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق كل ما هو فلسطيني، فذكر الاستيطان وانتهاكات القرارات الدولية والضرب بها عرض الحائط، في ذات القاعة والتي من المفترض أن تكون حامية لقراراتها، وأحرجهم في قوله إن إسرائيل تتعامل من فوق القانون، مؤكدا أنه لا يوجد للفلسلسطيني شريك للسلام في إسرائيل. 

في ذات السياق فند الرئيس المجازر والمذابح التي ارتكبتها إسرائيل بحق الآلاف من الفلسطينين، مع إصراره أن إسرائيل لن تفلت من العقاب جراء كل ما ارتكبته من اثام والام بحق الفلسطينين، معاتبا المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة بفشل سياساتها تجاه حل القضية الفلسطينية، وهو إحراج لها مرة ثانية، كما أن تطرقه لموضوع عائلات الأسرى والشهداء ووجوب رعايتهم من قبل السلطة بوضوح أيضا فيه إنهاء لأية حالة رضوخ ممكن أن يطلبها أي طرف اتجاه الأسرى وعائلاتهم وكذلك أسر الشهداء. 

اعتراف الرئيس أن كل السياسات التي اتبعتها القيادة الفلسطينية من منطلقات السلام والالتزام بالاتفاقيات والقرارات أثبتت عدم صوابيتها تجاه إسرائيل، ولعل هذا الاعتراف مهم جدا ليقف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته من جانب، ومن جانب اخر ليدرك الإسرائيليون أن هناك خيارات متعددة وبدائل كثيرة أمام الفلسطينيين في سبيل الحرية والتحرر وربما أنه قد جاء وقتها، هناك رسالة واضحة للفلسطينين أن الانتخابات تم تأجيلها ولم تلغى وأنها ستتم في حال توفر المناخ لذلك خاصة في مدينة القدس. 

إعادة الحديث مرة أخرى عن نضاله الشخصي "أبو مازن" وقناعته الشخصية بالسلام واتباعه الطرق السلمية والقانونية والدبلوماسية و... وكل ذلك، ولَم يرى شريكا في إسرائيل يُؤْمِن بحل الدولتين، وهذا ما قاله فعلا مسؤولون اسرائيليون كبار مؤخرا منهم، غانتس وبينيت وأكدوا مرارا بمنعهم لقيام دولة فلسطينية وهذا يدلل على نفاذ صبر الرئيس، وربما هذا التأكيد سيفتح الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تتغير فيها الوسائل والقرارات الروتينية المعتادة في التعاطي مع الصراع. الأهم الذي جاء بالخطاب والذي لربما كان مفاجأة وشكل حالة استياء شديدة لدى إسرائيل واستنكرها ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، هو إعطاء إسرائيل مدة عام واحد لتنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وإلا فإن لدى الفلسطينين ما يقولونه ويفعلونه خاصة فيما يخص الاعتراف بإسرائيل ومن ثم التوجه إلى محكمة العدل العليا. 

إذا على ما يبدو أننا أمام خطاب مختلف وطريقة خطاب مختلفة حملت في طياتها كل ما يريد الفلسطينيون إيصاله للعالم أجمع من شرح معاناتهم واستفزازاتهم وحقوقهم المسلوبة والتي أدناها العيش بحرية، لوح بأكثر من خيار، هدد بانفجار الواقع بأي لحظة وقد يتم خلالها تغييرات على الواقع وذلك سيكون نتاج احتلال غاشم يقتل المواطنين ويستولي على أرضهم ويحاصرهم إلى أخره، لكن من المهم أن نقف نحن الفلسطينون ونصطف ليس خلف الخطاب فقط وإنما خلف القرارات ونبني عليها، وعلينا أن ندرك جيدا أن الانقسام والخلافات الداخلية ستُعطل تنفيذ جملة من القرارات التي تساعدنا في الخلاص من الاحتلال ولو على جزء من أرضنا، وأن المناكفات والانشغال ببعضنا البعض ستعيدنا للخلف وستقتل أحلامنا كما يقتلها العدو. 

مطلوب اليوم الوقوف بكل جدية ومسؤولية وأن يكون هذا العام مهلة للعدو وعام وحدة لنا لنعطي شعبنا وخاصة أسرانا الأمل بعد حالة الجمود والرتابة واليأس التي تسود المشهد الفلسطينيي، فدعونا نرسم ملامح هذا العام بشكل وطني ونأخذ هذه المهلة على محمل الجد، وفرصة لنا لنرى أداء الادارة الأمريكية أيضا، ومدى قناعتها بحل الدولتين، خاصة بعد الرسالة المهمة التي تضمنها الخطاب أن قضيتنا سياسية وليست اقتصادية كما يريد الطرفين الإسرائيلي والأمريكي تسويقها لنا وللعالم أجمع.