نظافة الطفل ترفٌ في زمن الحرب.. أمهات غزة يواجهن الحصار بـ"أقمشة قطنية" بدل الحفاضات
بي دي ان |
03 يوليو 2025 الساعة 07:56م

غزة - خاص بي دي ان - لينه راضي
في قطاع غزة المحاصر، لم تعد نظافة الطفل حقًا طبيعيًا، بل أصبحت عبئًا ثقيلًا على كاهل الأمهات، بعد أن تجاوز سعر باكيت الحفاضات 500 شيكل – أي أكثر من 120 دولارًا أمريكيًا، ومع انقطاع الإمدادات، لم يعد بمقدور معظم العائلات الحصول على حاجيات أطفالهم الأساسية، فاختاروا بدائل بسيطة وأليمة: القماش، الورق، وحتى قطع الملابس القديمة.
الكرامة تُغلف بالقماش
أم علاء، والدة لرضيع لم يتجاوز عامه الأول، تروي بمرارة: "لم نعد نملك خيارًا، نغسل وننظف ونُعيد استخدام الأقمشة كأننا عدنا عشرات السنين للوراء… لكن أي أم تقبل أن يرى طفلها هذا المشهد؟"
لا يتعلق الأمر بالنظافة فقط، بل بالكرامة، بالطفولة، وبحق الطفل في أن ينمو بعيدًا عن رائحة الحرب وحرمان الحصار.
من الحفاض إلى الندرة: الأسواق خاوية
وفق تقارير محلية، فإن أكثر من 90% من صيدليات ومحلات غزة باتت خالية من الحفاضات ومنتجات الأطفال الأساسية، نتيجة الحصار الكامل على إدخال البضائع منذ أشهر.
ومع توقف معظم المساعدات الدولية، اضطر الأهالي لتصنيع بدائل محلية، أو ببساطة، التخلي عن الحفاظات نهائيًا.
أسعار تجاوزت القدرة
قبل الحرب، كان يمكن شراء عبوة حفاضات بأقل من 20 شيكل؛ اليوم تتراوح بين 200 و500 شيكل (حوالي $55–120) .
وللعائلة الغزية يعني أن كل دولار يُصرف على الحفاضات يعني خسارة طعام، دواء، أو دَفء؛ فالحياة صارت حسابات يومية شاردة
"ابني مصاب بالتهاب جلدي دائم من القماش، لكن لا دواء ولا بديل" تقول أم يوسف، وهي تحضن طفلها الرضيع وسط حرارة خانقة في أحد مراكز الإيواء.
الطفولة في مرمى الحصار
في وقت يُحرم فيه أطفال العالم من اللعب أو التعليم بسبب النزاعات، فإن أطفال غزة يُحاصرون في أساسيات حياتهم. لا حفاض، لا حليب، لا ماء نقي، لا بيئة صحية.
ووفق منظمات الإغاثة، فإن أكثر من 60 ألف طفل دون سن الرابعة معرضون لمشاكل جلدية وصحية خطيرة بسبب غياب المنتجات الصحية، في ظل تدهور البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
حين تُقصف الطفولة
لم تعد الحرب تقتل الأبرياء فقط، بل تسرق ما تبقى من الطفولة، حتى اللحظات التي من المفترض أن تكون بسيطة وعفوية – كتنظيف الطفل – تحولت إلى فعل مقاومة، وإلى مشهد يومي من الصراع لأجل البقاء.
في زمن الحرب، لا يعد الحفاض مجرد منتج استهلاكي، بل يتحول إلى رمز لحياة مسلوبة وطفولة تُختطف من لحظاتها الأولى.
وفي غزة، حيث الطفولة تُربى تحت صوت القذائف، تصبح نظافة الطفل بطولة يومية، تخوضها أمّهات لا يمتلكن شيئًا سوى الأقمشة والصبر.