معظم النار من مستصغر الشرر
بي دي ان |
09 نوفمبر 2025 الساعة
08:44م
الكاتب
ونحن نقرأ سيرورة التاريخ وتحولاته الدراماتيكية، يتوجب ملاحظة وتدوين التطورات الصغيرة، التي تشكل مداميك صغيرة في عملية التراكم الكمي لإشادة صرح الانقلابات النوعية الاجتماعية والطبيعية على حد سواء، ففي المجتمعات البشرية تحمل التغيرات التفصيلية في ثناياها معاول الهدم التدريجي في البناء الاجتماعي والاقتصادي القائم والقديم، الذي تتعاظم تناقضاته الداخلية والخارجية في عملية ترابط جدلي، مما يوسع ويعمق الهوة بين البنائين الفوقي والتحتي، وتسهم في احداث القفزة النوعية مع بلوغ الذروة في التناقضات التناحرية بين الطبقات الاجتماعية الحاكمة وباقي مكونات الشعب بطبقاته وفئاته وشرائحه الاجتماعية، التي باتت ترفض العيش بالطريقة السائدة والمتعفنة بأمراضها وتشوهاتها على الصعد المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والبيئية والثقافية، ويبدأ التمرد التدريجي على الواقع المتناقض مع مصالح وحقوق ومكتسبات الشعب.
وكما تقول المقولة "معظم النار من مستصغر الشرر"، التي تعني أن التحولات الجذرية تبدأ من التطورات البسيطة والصغيرة، التي قد تبدو لقطاعات واسعة من المجتمع في الدولة المعنية، بأنها غير ذات أهمية، ويستخف ويستهان بها من قبل نظام الحكم، معتقدا أنه "يمكن تجاوزها"، وضبط سقف تأثيراتها في المجتمع، نتاج غرور وتغول الطبقة المتسيدة على البناء الفوقي، ونتيجة الجهل والغباء في آن من منظومة الحكم ودولتها العميقة بقيمة وأهمية تلك النقلات في سيرورة التطورات، التي بالضرورة ستحمل في المستقبل صيرورة نوعية تعصف بالبناء الفوقي القديم، وتحوله لحطام في لحظة تاريخية بعينها، عند بلوغ التناقضات ذروتها التناحرية بين الحكام والمحكومين.
وبالنظر لما حدث يوم الأربعاء 5 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي من انقلاب دراماتيكي في مدينة المال العالمية وول ستريت، وقلعة العولمة الأميركية الأهم، مدينة نيويورك بفوز الشاب زهران ممداني القادم من أوساط الشعب وطبقاته الاجتماعية محدودة الدخل على اباطرة المال، المستقل أندرو كومو، والجمهوري كورتيس سيلوفا، فإن الفوز لا ينحصر في ارتداداته وتداعياته على المنافسين المباشرين، ولا حتى على امتداداتهما الحزبية والسياسية، انما على النظام السياسي الأميركي بمركباته الطبقية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية، وعلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء، الممسكين بمقاليد الأمور على مدار حقبة تاريخية طويلة تمتد على مساحة قرنين أو أكثر. حيث لم يعد الشعب الأميركي قادرا على التعايش مع حكم اباطرة رأس المال المالي النيو ليبرالي، وتعاظم رفضه مع عودة الرئيس دونالد ترمب للحكم في ولايته الثانية الحالية، التي انتهج فيها سياسات خطيرة مست بمصالح الطبقات والفئات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة عموما، وحتى طالت مرتكزات النظام الامبريالي ذاته، وانقلب على مرتكزات النظام الفيدرالي في المؤسسة العسكرية والتربية والتعليم والصحة والمهاجرين، الذين شكلوا الرافعة الأساس لقوة الولايات المتحدة الأميركية على مدار تاريخ وجودها، وهدد ويهدد الديمقراطية والدستور والقوانين الأميركية، وهاجم الحلفاء والخصوم والاعداء، والهيئات الأممية، التي كان له الباع الطويل في تأسيسها عام 1945، أي هيئة الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وغيرها من السياسات الهوجاء على المستويين الداخلي والخارجي.
ولم يكن التطور في الانتخابات البلدية المحلية او في الولايات محصورا في صعود ممداني المهاجر لتولي منصب عمدة نيويورك، انما شملت عددا آخر من المهاجرين في تولي مناصب هامة في مدن عديدة أميركية أخرى، منهم: إعادة فوز عبد الله حمود في رئاسة بلدية ديربون ومعه مصطفى حمود وكمال الصوافي أعضاء في المجلس البلدي، ومحمد بيضون رئيسا ومعه حسن احمد في بلدية ديربون هايت، وإعادة انتخاب اندريه صايغ لرئاسة بلدية باترسون ومعه إبراهيم عمر عضو مجلس بلدية، وآدم الحربي في هام ترامك، وعلاء عبد العزيز في عضوية مجلس ولاية نيوجرسي، ورامي الكبرا عضو مجلس بلدية بافل سيتي، نادية رسول عضو مجلس بلدية هيلبرد في ولاية اوهايو، ومحمد عمر في غروف سيتي، ولاية اوهايو، وغزالة هاشمي نائبة حاكم ولاية فرجينيا ومعها سام رسول عضو مجلس ولاية فرجينيا، واخرين جميعهم من المهاجرين، وبالتالي مشهد التحولات في العديد من المجالس البلدية والولايات له دلالة عميقة على رفض خيار الرئيس الأميركي ومواقفه المعادية للمهاجرين.
لكن أهم تحول كان يتمثل في فوز ممداني الذي خاطب جمهور الناخبين في مدينة المال العالمية ببرنامجه الاشتراكي الديمقراطي، ولم يترشح على اساس الدين أو العرق وجذوره الهندية الأوغندية، انما كحامل راية ومشعل التحولات الجذرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وهو بمثابة الشرارة الصغيرة الى جانب اشعال شرارات متناثرة في مكونات الشارع الأميركي وفي أوساط النخب والمؤسسات الأميركية المختلفة، جميعها عوامل هدم في معبد العولمة الأميركية، والنظام النيوليبرالي العالمي، وليس تحولا فقط في برامج عمل المرشحين الديمقراطيين أو غيرهم.
[email protected]
[email protected]
بي دي ان |
09 نوفمبر 2025 الساعة 08:44م
وكما تقول المقولة "معظم النار من مستصغر الشرر"، التي تعني أن التحولات الجذرية تبدأ من التطورات البسيطة والصغيرة، التي قد تبدو لقطاعات واسعة من المجتمع في الدولة المعنية، بأنها غير ذات أهمية، ويستخف ويستهان بها من قبل نظام الحكم، معتقدا أنه "يمكن تجاوزها"، وضبط سقف تأثيراتها في المجتمع، نتاج غرور وتغول الطبقة المتسيدة على البناء الفوقي، ونتيجة الجهل والغباء في آن من منظومة الحكم ودولتها العميقة بقيمة وأهمية تلك النقلات في سيرورة التطورات، التي بالضرورة ستحمل في المستقبل صيرورة نوعية تعصف بالبناء الفوقي القديم، وتحوله لحطام في لحظة تاريخية بعينها، عند بلوغ التناقضات ذروتها التناحرية بين الحكام والمحكومين.
وبالنظر لما حدث يوم الأربعاء 5 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي من انقلاب دراماتيكي في مدينة المال العالمية وول ستريت، وقلعة العولمة الأميركية الأهم، مدينة نيويورك بفوز الشاب زهران ممداني القادم من أوساط الشعب وطبقاته الاجتماعية محدودة الدخل على اباطرة المال، المستقل أندرو كومو، والجمهوري كورتيس سيلوفا، فإن الفوز لا ينحصر في ارتداداته وتداعياته على المنافسين المباشرين، ولا حتى على امتداداتهما الحزبية والسياسية، انما على النظام السياسي الأميركي بمركباته الطبقية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والثقافية، وعلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء، الممسكين بمقاليد الأمور على مدار حقبة تاريخية طويلة تمتد على مساحة قرنين أو أكثر. حيث لم يعد الشعب الأميركي قادرا على التعايش مع حكم اباطرة رأس المال المالي النيو ليبرالي، وتعاظم رفضه مع عودة الرئيس دونالد ترمب للحكم في ولايته الثانية الحالية، التي انتهج فيها سياسات خطيرة مست بمصالح الطبقات والفئات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة عموما، وحتى طالت مرتكزات النظام الامبريالي ذاته، وانقلب على مرتكزات النظام الفيدرالي في المؤسسة العسكرية والتربية والتعليم والصحة والمهاجرين، الذين شكلوا الرافعة الأساس لقوة الولايات المتحدة الأميركية على مدار تاريخ وجودها، وهدد ويهدد الديمقراطية والدستور والقوانين الأميركية، وهاجم الحلفاء والخصوم والاعداء، والهيئات الأممية، التي كان له الباع الطويل في تأسيسها عام 1945، أي هيئة الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وغيرها من السياسات الهوجاء على المستويين الداخلي والخارجي.
ولم يكن التطور في الانتخابات البلدية المحلية او في الولايات محصورا في صعود ممداني المهاجر لتولي منصب عمدة نيويورك، انما شملت عددا آخر من المهاجرين في تولي مناصب هامة في مدن عديدة أميركية أخرى، منهم: إعادة فوز عبد الله حمود في رئاسة بلدية ديربون ومعه مصطفى حمود وكمال الصوافي أعضاء في المجلس البلدي، ومحمد بيضون رئيسا ومعه حسن احمد في بلدية ديربون هايت، وإعادة انتخاب اندريه صايغ لرئاسة بلدية باترسون ومعه إبراهيم عمر عضو مجلس بلدية، وآدم الحربي في هام ترامك، وعلاء عبد العزيز في عضوية مجلس ولاية نيوجرسي، ورامي الكبرا عضو مجلس بلدية بافل سيتي، نادية رسول عضو مجلس بلدية هيلبرد في ولاية اوهايو، ومحمد عمر في غروف سيتي، ولاية اوهايو، وغزالة هاشمي نائبة حاكم ولاية فرجينيا ومعها سام رسول عضو مجلس ولاية فرجينيا، واخرين جميعهم من المهاجرين، وبالتالي مشهد التحولات في العديد من المجالس البلدية والولايات له دلالة عميقة على رفض خيار الرئيس الأميركي ومواقفه المعادية للمهاجرين.
لكن أهم تحول كان يتمثل في فوز ممداني الذي خاطب جمهور الناخبين في مدينة المال العالمية ببرنامجه الاشتراكي الديمقراطي، ولم يترشح على اساس الدين أو العرق وجذوره الهندية الأوغندية، انما كحامل راية ومشعل التحولات الجذرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وهو بمثابة الشرارة الصغيرة الى جانب اشعال شرارات متناثرة في مكونات الشارع الأميركي وفي أوساط النخب والمؤسسات الأميركية المختلفة، جميعها عوامل هدم في معبد العولمة الأميركية، والنظام النيوليبرالي العالمي، وليس تحولا فقط في برامج عمل المرشحين الديمقراطيين أو غيرهم.
[email protected]
[email protected]