قراءة تحليلية لإعلان بريطانيا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر القادم

بي دي ان |

30 يوليو 2025 الساعة 04:55م

الكاتب
أمس، الثلاثاء الموافق 29/7/2025، أعلن رئيس وزراء بريطانيا، جون ستارمر، نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025، ما لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة نحو وقف إطلاق النار وتكريس حل الدولتين. وجاء هذا الإعلان لعدة أسباب رئيسية، من أبرزها:

1. ضغط إنساني وثغرة سياسية كبرى: بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة جرّاء العدوان الإسرائيلي، وارتفاع أعداد الشهداء المدنيين إلى عشرات الآلاف، إلى جانب انتشار الجوع والحرمان المتزايد، تصاعد الغضب الشعبي داخل بريطانيا، وعلى المستوى الدولي. وقد أثارت صور الأطفال الجوعى ردود فعل قوية لدى الرأي العام البريطاني، وشكّلت ضغطاً مباشراً على الساسة والدبلوماسيين والنواب من مختلف الأحزاب، الذين ضاقوا ذرعاً بالسياسات الحالية.

2. ضغط سياسي داخلي مؤثر: أكثر من ثلث نواب حزب العمال، إلى جانب عدد من كبار الوزراء في الحكومة، مثل أنجيلا راينر وإيفيت كوبر، بلغ عددهم أكثر من 250 نائباً وقّعوا خطاباً مشتركاً يدعو إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، ما يعكس تصاعد التأييد والضغط الداخلي في البرلمان.

3. تنسيق دولي مع فرنسا والاتحاد الأوروبي خاصة المانيا: جاء الإعلان البريطاني مباشرة بعد إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم، ما خلق زخماً دولياً جديداً لصالح الشرعية الفلسطينية. وقد اعتبر ستارمر هذه الخطوة ضرورية لضمان استمرار خيار حل الدولتين، ولإظهار الدعم البريطاني لهذا المسار السياسي.

4. شروط واضحة ومحددة للاعتراف: حدد ستارمر جدولاً زمنياً دقيقاً للاعتراف في سبتمبر، ما لم يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بشروط معينة، منها: وقف العمليات العسكرية في غزة، تجميد عمليات ضمّ الضفة الغربية، وفتح معابر الإغاثة. كما طالب بإجراءات مقابلة من حماس، مثل الإفراج عن الرهائن، والالتزام بعدم المشاركة في حكومة غزة، وتسليم السلاح لجهات دولية. لكنه لم يشر إلى قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

5. مسؤولية تاريخية وأخلاقية: أكد ستارمر أن البريطانيين كثيراً ما عبّروا عن دعمهم للشعب الفلسطيني، خاصة في ضوء إعلان بلفور الصادر في نوفمبر 1917، والذي تضمّن وعداً بمنح حقوق للفلسطينيين، وهو التزام ظل معلقاً لأكثر من قرن. لذا، فإن الاعتراف المرتقب يُمثّل تصحيحاً لمسار التاريخ، وتكريساً لمبادئ العدالة الدولية.

ختاماً، فإن الاعتراف البريطاني والفرنسي المرتقب بدولة فلسطين الجديدة سيكون بمثابة كرة ثلج تتدحرج وتكبر، لتقود إلى سيل جارف من الاعترافات الدولية المتتالية. ومن الجدير بالذكر أن عدد الدول التي تعترف حالياً بدولة فلسطين بلغ 149 دولة، ومن المؤكد أن هذه الاعترافات ستُمهّد الطريق نحو قيام دولة فلسطينية حقيقية على الأرض الغلسطينية، في موعد لا يتجاوز نهاية عام 2026.