سلاما لروح البابا
بي دي ان |
23 ابريل 2025 الساعة 12:39ص

ترجل بابا الفاتيكان، فرنسيس أول أمس الاثنين 21 نيسان / ابريل 2025، بعد ان عايد المؤمنين من اتباع الديانة المسيحية في ساحة القديس بطرس بعيد الفصح المجيد، عيد القيامة، وعبقرية المفارقة رحيل الحبر الأعظم في حضرة العيد الكبير، وبعد معايدة المؤمنين من اتباع الديانة المسيحية، وفي رحيله حكمة الاهية، بأن أعطاه الله جل جلاله القدرة على تحدي المرض، والخروج للمؤمنين من الشرفة المطلة على الساحة دون جهاز التنفس الصناعي في اليوم الأكثر بركة لاتباع الديانة المسيحية، الذين يزيد عددهم عن 2 مليار انسان من مجموع سكان الأرض، وخاصة اتباع رعية كنيسة اللاتين الكاثوليك الذين يقتربون من 1,2 مليار مؤمن كاثوليكي.
بابا الفقراء والبسطاء والمسحوقين القادم من حارات وضواحي الارجنتين الفقيرة، الذي رسم دربا أخلاقيا لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، عندما قال: "آه، كم أود أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء." هذا الحس الإنساني الخلاق يعكس قيم واخلاق ابن العائلة العمالية الأرجنتينية الفقيرة، التي انجبته في نهاية عام 1936. وتعكس ثقافته وتعاليمه التي لازمته في حياته، وعكسها خورخي ماريو بيرغوليو، الاسم الأصلي للبابا فرنسيس في سلوكه وممارساته حتى عندما جلس على رأس الكنيسة بعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2013، ومع إطلالته الأولى في 13 اذار / مارس من ذات العام على اتباع الكنيسة، وهو يرتدي ثوبا ابيض بسيطا، وأختار اسم "فرنسيس" تيمنا بالقديس فرنسيس الاسبزي، شفيع البيئة والحيوانات والطيور، ومنذ تلك اللحظة الأولى، عبر عن التزامه بالبساطة والخدمة، إذ فضل العودة بالحافلة مع الكرادلة بدلا من استخدام سيارة الليموزين البابوية، وأصر منذ تبوأ كرسي البابوية على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفا بين الحاضرين، متخليا عن الجلوس على الكرسي.
هناك الكثير من الميزات التي تميز بها الحبر الأعظم، من بينها، تمكنه من استقطاب الكرادلة المحافظين في الكنيسة، ونجاح مساعيه في أن يكون رجل التوافق والوسطية بين الاتجاهات المتباينة، عبر تمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، ورؤيته الاصلاحية الطامحة الى تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. وواجه تياره الإصلاحي تيارات اتسمت بالمعارضة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، وعُلقت عليه الآمال من الإصلاحيين، بأن تعكس خصاله وتوجهاته روحا جديدة داخل الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية والنشاط والتجدد في رسالته المقدسة.
ومن سماته البارزة وقوفه بشكل دؤوب الى جانب الفقراء والبسطاء من المؤمنين، ودعمه اللا محدود لهم، وتمثل واقعهم وهمومهم. وأعرب مرارا وتكرارا عن تعاطفه الشخصي مع الفقراء، وعُرف بدفاعه عن اللاجئين والنازحين بسبب النزاعات، وقال: "أمام مأساة عشرات الالاف من اللاجئين الفارين من ويلات الحروب والجوع، والذين يخوضون رحلة محفوفة بالأمل، يدعونا الانجيل للوقوف الى جانب الضعفاء والمهمشين، أولئك الذين تركوا لمصيرهم" المجهول. وانعكس موقفه الإيجابي بهذا الصدد، مع ايلائه الاهتمام والمتابعة الحثيثة واليومية مع اتباع الكنيسة في قطاع غزة خصوصا وفلسطين عموما، ووجه النداء تلو النداء من أجل السلام في بؤر النزاع والحروب حول العالم، مركزا بشكل خاص على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وفي خطاب القاه في كانون ثاني / يناير 2025، شدد قائلا: "لا يمكننا تحت أيظرف أن نقبل قصف المدنيين." وتابع "لا يمكننا ان نغض الطرف عن أطفال يموتون من البرد، لأن مستشفياتهم دُمرت، أو لأن شبكة الكهرباء في بلادهم أصبحت هدفا عسكريا."
والاهم من كل ما تقدم، كان قداسته يجري الاتصال مع راعي الكنيسة الكاثوليكية في مدينة غزة، ويتحدث مع كل انسان من الرعية، ويشد ازرهم، ويهتم بقضاياهم، وكان آخر مكالمة له مع ابناء القطاع يوم السبت الماضي، مما اثار غضب واستياء وسخط حكومة الإبادة الجماعية الاسرائيلية عليه. رغم ذلك لم يتراجع عن موقفه الإنساني النبيل تجاه أبناء الشعب الفلسطيني عموما ودون استثناء، أو تمييز بين اتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، وهذا الموقف الأصيل لصاحب الكرسي الرسولي ترك اثرا عميقا من الحزن بين أوساط الشعب والقيادة الفلسطينية على رحيله، لأنهم فقدوا حبرا اعظم من طراز رفيع ومميز ومخلص لتعاليم السيد المسيح، الفدائي الفلسطيني الأول، لم يحد يوما عن رسالة المعلم الأول، لذا اصدر الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين قرارا بتنكيس الاعلام الفلسطينية على كافة المؤسسات لثلاثة أيام، تعبيرا عن الخسارة الفادحة والجسيمة، التي تمثلت برحيل الحبر الأعظم فرنسيس، الذي سيبقى خالدا وحيا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ولا يمكن نسيان تجربته ومواقفه الإنسانية الشجاعة.
مؤكد ان الحياة والموت لكل كائن حي، ليست بيدنا، وهي من الحقائق المطلقة، فرحم الله الحبر الأعظم فرنسيس، الذي رحل عن عُمر يناهز 88 عاما في مقر اقامته بدار القديسة مارتا، وذلك في أعقاب تعرضه لأعراض مرضية ألمت به (التهاب رئوي مزدوج)، اضطرته دخول المستشفى في شهر شباط / فبراير الماضي، ومن تداعياتها انتقل الى دار الخلود الأبدية. لروحه السلام والمحبة، ولذكراه الخلود، لأنه أحد رموز العطاء الإنساني البارزين.
[email protected]
[email protected]
بابا الفقراء والبسطاء والمسحوقين القادم من حارات وضواحي الارجنتين الفقيرة، الذي رسم دربا أخلاقيا لرعيته من مؤمني الكنيسة الكاثوليكية، عندما قال: "آه، كم أود أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء." هذا الحس الإنساني الخلاق يعكس قيم واخلاق ابن العائلة العمالية الأرجنتينية الفقيرة، التي انجبته في نهاية عام 1936. وتعكس ثقافته وتعاليمه التي لازمته في حياته، وعكسها خورخي ماريو بيرغوليو، الاسم الأصلي للبابا فرنسيس في سلوكه وممارساته حتى عندما جلس على رأس الكنيسة بعد استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2013، ومع إطلالته الأولى في 13 اذار / مارس من ذات العام على اتباع الكنيسة، وهو يرتدي ثوبا ابيض بسيطا، وأختار اسم "فرنسيس" تيمنا بالقديس فرنسيس الاسبزي، شفيع البيئة والحيوانات والطيور، ومنذ تلك اللحظة الأولى، عبر عن التزامه بالبساطة والخدمة، إذ فضل العودة بالحافلة مع الكرادلة بدلا من استخدام سيارة الليموزين البابوية، وأصر منذ تبوأ كرسي البابوية على انتهاج أسلوب مغاير، استهله باستقبال كرادلة الكنيسة بطريقة غير رسمية، واقفا بين الحاضرين، متخليا عن الجلوس على الكرسي.
هناك الكثير من الميزات التي تميز بها الحبر الأعظم، من بينها، تمكنه من استقطاب الكرادلة المحافظين في الكنيسة، ونجاح مساعيه في أن يكون رجل التوافق والوسطية بين الاتجاهات المتباينة، عبر تمسكه بالآراء التقليدية في القضايا الجنسية من جهة، ورؤيته الاصلاحية الطامحة الى تحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. وواجه تياره الإصلاحي تيارات اتسمت بالمعارضة داخل أروقة الفاتيكان البيروقراطية، وعُلقت عليه الآمال من الإصلاحيين، بأن تعكس خصاله وتوجهاته روحا جديدة داخل الفاتيكان، تبعث فيه الحيوية والنشاط والتجدد في رسالته المقدسة.
ومن سماته البارزة وقوفه بشكل دؤوب الى جانب الفقراء والبسطاء من المؤمنين، ودعمه اللا محدود لهم، وتمثل واقعهم وهمومهم. وأعرب مرارا وتكرارا عن تعاطفه الشخصي مع الفقراء، وعُرف بدفاعه عن اللاجئين والنازحين بسبب النزاعات، وقال: "أمام مأساة عشرات الالاف من اللاجئين الفارين من ويلات الحروب والجوع، والذين يخوضون رحلة محفوفة بالأمل، يدعونا الانجيل للوقوف الى جانب الضعفاء والمهمشين، أولئك الذين تركوا لمصيرهم" المجهول. وانعكس موقفه الإيجابي بهذا الصدد، مع ايلائه الاهتمام والمتابعة الحثيثة واليومية مع اتباع الكنيسة في قطاع غزة خصوصا وفلسطين عموما، ووجه النداء تلو النداء من أجل السلام في بؤر النزاع والحروب حول العالم، مركزا بشكل خاص على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وفي خطاب القاه في كانون ثاني / يناير 2025، شدد قائلا: "لا يمكننا تحت أيظرف أن نقبل قصف المدنيين." وتابع "لا يمكننا ان نغض الطرف عن أطفال يموتون من البرد، لأن مستشفياتهم دُمرت، أو لأن شبكة الكهرباء في بلادهم أصبحت هدفا عسكريا."
والاهم من كل ما تقدم، كان قداسته يجري الاتصال مع راعي الكنيسة الكاثوليكية في مدينة غزة، ويتحدث مع كل انسان من الرعية، ويشد ازرهم، ويهتم بقضاياهم، وكان آخر مكالمة له مع ابناء القطاع يوم السبت الماضي، مما اثار غضب واستياء وسخط حكومة الإبادة الجماعية الاسرائيلية عليه. رغم ذلك لم يتراجع عن موقفه الإنساني النبيل تجاه أبناء الشعب الفلسطيني عموما ودون استثناء، أو تمييز بين اتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، وهذا الموقف الأصيل لصاحب الكرسي الرسولي ترك اثرا عميقا من الحزن بين أوساط الشعب والقيادة الفلسطينية على رحيله، لأنهم فقدوا حبرا اعظم من طراز رفيع ومميز ومخلص لتعاليم السيد المسيح، الفدائي الفلسطيني الأول، لم يحد يوما عن رسالة المعلم الأول، لذا اصدر الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين قرارا بتنكيس الاعلام الفلسطينية على كافة المؤسسات لثلاثة أيام، تعبيرا عن الخسارة الفادحة والجسيمة، التي تمثلت برحيل الحبر الأعظم فرنسيس، الذي سيبقى خالدا وحيا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ولا يمكن نسيان تجربته ومواقفه الإنسانية الشجاعة.
مؤكد ان الحياة والموت لكل كائن حي، ليست بيدنا، وهي من الحقائق المطلقة، فرحم الله الحبر الأعظم فرنسيس، الذي رحل عن عُمر يناهز 88 عاما في مقر اقامته بدار القديسة مارتا، وذلك في أعقاب تعرضه لأعراض مرضية ألمت به (التهاب رئوي مزدوج)، اضطرته دخول المستشفى في شهر شباط / فبراير الماضي، ومن تداعياتها انتقل الى دار الخلود الأبدية. لروحه السلام والمحبة، ولذكراه الخلود، لأنه أحد رموز العطاء الإنساني البارزين.
[email protected]
[email protected]