لماذا جنين في هذا التوقيت؟!

بي دي ان |

24 ديسمبر 2024 الساعة 09:26م

المشرف العام
في الثاني عشر من ديسمبر الجاري ونقلا عن هيئة البث الإسرائيلية قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في إجتماعات مغلقة:"إن مسألة ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل يجب أن تعود إلى جدول الأعمال مع تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه مطلع العام المقبل". 

بالتالي هذا التصريح الخطير الذي يتماهى بالأساس مع تصريحات ترامب بضرورة توسيع دولة إسرائيل "حسب زعمه" وموافقة ورغبات لأعضاء اليمين المتطرف لاسيما وزير المالية سموتريتش وغيره، جميعها تستدعي الوقوف بكل جاهزية استعداداً للخطر القادم. 

جيش الاحتلال الذي يعمل بكل قوته في غزة بحرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين العزل وبكل شراسة وبشاعة، لا يجعله مترددا أيضا في استخدام وقاحته وتجاوزاته لكل الأعراف والقوانين الدولية في السيطرة على الضفة الغربية مستخدما كل الطرق والوسائل والأدوات، بالتالي هذا يعني أن يبدأ الاحتلال بخلق مناخ يساعده في مخططاته الاستيطانية الإحلالية، ولأن الضفة الغربية هي جوهر القضية بالتالي يجب أن تكون قوية فلسطينيا، موحدة داخلياً، خالية من النزاعات أو أي فتن، ولابد من توخي الحذر الشديد في التعاطي مع أي أزمة طارئة، وما يحدث في مخيم جنين للاجئين منذ أكثر من أسبوعين، هو حدث لابد من الوقوف عليه بحزم وحذر في ذات الوقت، لأن التوقيت خطير ومهم، وخاصة أن هنالك جهات خارجية لا تكف العبث بالشأن الفلسطيني. 

إن وجود الحالة "الشباب المسلحة" التي ظهرت مؤخرا في جنين والتي بنظري ليس بالضرورة إدراجها ضمن مقاومة الاحتلال، لأنه هناك أيضاً بنادق توجه لصدور مواطنين سواء كانوا أجهزة أمنية أو غيرها، وتنبع خطورة هذه الحالة المسلحة في طبيعة لباسها والذي يعكس شعور "بالداعشية" و لا يشبه بأي حال من الأحوال ثقافتنا وهويتنا الفلسطينية، ولا يشبه هيئة مقاومة الاحتلال، لاسيما بعد التهديدات بتفجير أنفسهم بأبناء الأجهزة الأمنية الذين بالأساس هم حماة الوطن وجميعهم من أبناء الشعب الفلسطيني ومنهم من أبناء مخيم جنين، وكذلك استغلالهم للأطفال وتحميلهم السلاح وتوجيههم وجه كارثية ضد أبناء شعبهم بدلا من الاحتلال، إضافة لإعترافهم أمام وسائل الإعلام أنهم يتبعون إيران وغيرها. 

ولابد هنا من إعمال العقل قليلاً لدى أولئك الشباب المضلل، وليراجعوا مواقف إيران تجاه حزب الله وحماس وغيرهم وكيف تركتهم بل وتم بيعهم، فما بالك بفتية لن ينفع سلاحهم إلا لبث الفتنة وإشاعة البلبلة وقد تكون مقدمة لحرب أهلية لاقدر الله.
 
المقاومة الفلسطينية حق مشروع لكل الفلسطينيين طالما بقي الاحتلال جاثما على صدورنا، لكن لابد للمقاومة أن تكون تحت مظلة وطنية ووفق برنامج وطني متفق عليه، ولابد أن نأخذ العبرة مما وصلت إليه غزة من دمار شامل مرعب لن نستطيع إصلاحه ولو بعد عشرات السنوات، بالتالي لايجوز أن تأخذ كل مجموعة من الشباب قرارا يمس أمن الوطن، كما هو مطلوب أيضا من السلطة الوطنية والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني احتواء الشباب والعمل على تشكيل وعي وطني سليم يمثل حصانة من العبث بعقولهم.

المطلوب هو توفير فرص عمل للشباب وتشكيل حاضنات مجتمعية لهم، كي لايكونوا عرضة لسلب العقول واللعب بمشاعرهم، وضرورة تعزيز الإنتماء للشعب والوطن، في بدايات السلطة الوطنية كان هنالك هيئة التوجيه السياسي والمعنوي ودوائر الأشبال والزهرات والعديد العديد من المؤسسات التي احتضنت الشباب وعززت مفاهيمنا الوطنية العميقة لديهم، مهم عودة عملها بقوة، وبالرغم من خطورة الحالة المنفلشة في جنين إلا أنه لايجوز أيضا حصار المخيم وإحداث شلل وعطب في حياة المواطنين الذين لاذنب لهم، مما يعمل على كره ومقت المواطنين لسلطتهم وأجهزتهم الأمنية التي واجبها حماية أمنهم ومصالحهم.

 وبات مطلوب من القيادة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني التدخل بشكل عاجل بإنهاء الأزمة بشكل يحفظ ويحقن الدم الفلسطيني كافة، وإن تطلب الأمر تغيير النهج الحالي في طريقة فرض النظام، ونحن مع فرض النظام والقانون وحماية أمن وسلامة المواطنين أولا وأخيراً، وما خروج آلاف من المواطنين اليوم في شوارع الخليل رفضاً لحالة الفلتان الأمني ورفضا لحالة المسلحين التابعين لجهات خارجية إلا تأكيدا لضرورة سيادة القانون وسلامة المواطنين وخوفا من انتشار الفتنة وضرب السلم الأهلي في جميع مدن الضفة والذي سيكون بمثابة هدية قيمة للاحتلال، ونحن في أخطر مراحلها معه، وهنا نقول لقد أخطأ البعض في جنين وأصابت الخليل.