صيد ثمين

بي دي ان |

11 سبتمبر 2024 الساعة 04:30م

المشرف العام
لطالما أصابنا نحن الفلسطينيون رعباً من أن يعتاد العالم الظالم المشهد رغم قساوته وانحيازه التام للكيان الفاشي الذي لا يعير أي اهتمام لجميع مؤسسات هذا الكوكب ومنظماته الوهمية والعاجزة على الأغلب.
 
أكثر من أربعين شهيد ومئة جريح فجر يوم أمس في مواصي خان يونس في مجزرة إسرائيلية، عدا عن أكثر من 150 ألف شهيد وجريح ومفقود منذ السابع من أكتوبر فلم يكن كافياً هذا الكم الهائل من الضحايا بكل ما يتضمنه الإنسان من قيمة إنسانية لتحريك ضمائر تحتضر.

"صيد ثمين" كلمة السر التي بات يستخدمها الجيش الفاشي ليمرر جرائمه، ولعل قيامه بمجزرته البشعة فجر أمس العاشر من سبتمبر الجاري، كانت ضمن المبررات الوهمية التي يسوقها جيش الكيان لتبرير قتله لعشرات الأبرياء تحت ذريعته "صيد ثمين". 

لقد أمن المجرم العقاب بالتالي يضاعف جرائمه التي تخفي خلفها أهداف أكبر من مقتل أبو دقة والمبحوح وغيرهم ، فهو ما زال مستمراً في حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غاية منه لتهجير ما تبقى من أصحاب الأرض وتفريغ الأرض من سكانها بزيادة الضغط وانعدام مقومات الحياة، وازدياد القتل الجماعي والممنهج. 

نتنياهو لايريد صفقة ولا أظنه يفعلها حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على أقل تقدير، لحين إيضاح الرؤية "ترامب أم هاريس"، على أمل منه بنجاح شريكه في تنفيذ صفقة القرن من جديد (ترامب) والذي صرح منذ أيام قليلة أن إسرائيل بحاجة لتوسعة مساحتها، بالتالي هو ضوء أخضر، وطمأنة نتنياهو برغبته، بل ودعمه له في مشروعه التوسعي والاستيطاني في الضفة والقدس وطموحه الاحتلالي لغزة، أو بقائه أمنياً هناك.

فلم يخفى على أحد رغبة نتنياهو باستمرار العدوان الفاشي على غزة ووضعه العثرات أمام المفاوضات الجارية للوصول لصفقة ووقف إطلاق النار. 

نتنياهو يستخدم وزيريه الأشد قبحاً "بن غفير وسمورتيش"، لتمرير قراراته الأكثر تطرفا ووحشية بحق كل ماهو فلسطيني، بكامل الرضا والقبول، تماما كما هو قبول بل وشرعنة أميركا لكل وحشية نتنياهو بعدوانه على الأبرياء الفلسطينيين سواء بغزة أو الضفة أو القدس، رغم التصريحات والخطابات المتكررة للبيت الأبيض بضرورة وقف إطلاق النار، بل بالعكس لو أرادت واشنطن وقف العدوان لفعلت، لكنها التصريحات الكاذبة والصادرة من بين أنياب ملطخة بدماء الأطفال وأشلاء الضحايا، وما طرح المبادرات والمقترحات الأمريكية واستغراقها أسابيع بين الأروقة للمناقشة إلا لإعطاء نتنياهو متسع من الوقت لتكملة مشروعه الدموي والاحلالي.

مؤامرة ضد الشعب الفلسطيني يحيكها عالم بأكمله ويشترك بها قوة الشر من جميع الجهات،" الكيان الفاشي، أمريكا، بريطانيا والغرب بأكمله، وأسوأهم على الإطلاق، (الصمت والعجز العربي) الذي فاق كل التوقعات، وضاعف خيبات الأمل.

لاشك أن موازين القوى غير متكافئة على الإطلاق بين ما يمتلكه الفلسطينيون من أدوات مقاومة وأسلحة في حقيقة الأمر هي لا تستطيع بأي حال تحقيق نصر على العدو، عدا ما تبثه "قناة الجزيرة" والتي جعلت من الشباب المقاوم جيش أسطوري لا يقهر، بالتالي قدمت ذريعة أخرى للعدو لشن هجمات أشرس على الكل الفلسطيني، رغم معرفته التامة بقدرات الفلسطينيين، وقدمت للعالم صورة ذهنية مفادها، أن المعركة هي جيش مقابل جيش، فكانت الجزيرة وسيلة قاتلة ضمنياً، ومناصرة ظاهرياً.

الشعب الفلسطيني برمته محاصر من قبل الاحتلال الذي يستفز ويتلكك لشن هجماته ومضاعفة عملياته العسكرية على جميع الأراضي الفلسطينية، لأنه لم ولن يتخلى عن طموحه التهجيري. 

لعل الغريب في هذا المشهد أن المناصرين للفلسطينيين والمدافعون عن حقهم المشروع، والذين يقودوا المظاهرات بل ويغيروا الرأي العام لصالح الحق الفلسطيني هم الشعوب الغربية الحرة، في حين شعوبنا العربية تبدو وكأنها فقدت إيمانها تجاه فلسطين القدس، مما يضعف الرهان على تحركهم بل ينعدم الرهان. 

في ظل هذا المشهد الميداني الفلسطيني والسياسي الإقليمي والدولي، يقع العاتق الأكبر على الفلسطينيين أنفسهم، في زيادة العمل الدبلوماسي والإعلامي والشعبي، لفضح الانتهاكات الإسرائيلية، وزيادة دعم "المقاطعة لكل ماهو إسرائيلي، والأهم تغيير الأداء الفلسطيني والتفكير خارج الصندوق، وتحديدا نقل المعركة لأكثر من ساحة وأكثر من صعيد، وإلحاق أضرار واضحة ومؤثرة على الكيان".

والعمل على عزل إسرائيل دوليا ونبذها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن رغم كل هذه الكوارث وحرب الإبادة الجماعية التي ستغير الخارطة الجغراسياسية، وهذا الكم المهول من الشهداء والجرحى والدمار، مازال الفلسطينيون منقسمون على أنفسهم ولم ينجحوا في توحيد برنامجا وطنياً يقدم ولو الدعم المعنوي للفلسطينيين، ماهو مطلوب كثير، ومحزن أن نبقى في مربع بيع الوهم من جانب، ومربع الشجب والاستنكار كالدول الشقيقة من جانب آخر، هذه مرحلة أصعب من كثر عظم بالتالي علينا الإفاقة وإلا نهايتنا ستكون موت فلسطين، كل فلسطين.