خاص: بي دي ان

الطفل الموديل "محمد بكر" ذو الوجه البشوش... يعاني من اضطرابات نفسية ونوبات هلع بسبب الحرب

بي دي ان |

10 سبتمبر 2024 الساعة 05:08م

الطفل محمد بكر
لم تدع الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة في شهرها الثاني عشر صغيراً او كبيراً إلا وتركت اثراً قاسياً وصعباً عليه.

منهم من فقد عائلته باكملها او احد من افرادها وربما اكثر، ومنهم من فقد اعضائه واصبح بإعاقة مستدامة، ومنهم من فقد ممتلكاته وذكرياته، ومنهم من اصبح مريضاً نفسياً يتلقى العلاج لعل وعسى ان يكون مريحاً ومداوياً له بعض الشيء.

ربما يتحمل الكبير مآسي وويلات الحرب ويقدر على مقاومتها اكثر من طفل لم يبلغ رشده.

 شعب اعزل لا يوجد لديه اياً من اساليب او مقومات الحماية، شهد ولا يزال يشهد احداث لا تخطر على قلب بشر ولا احد يستطيع تحملها، وكل ما تنقله وسائل الإعلام عن اوضاع غزة يعتبر غيضٌ من فيض من الواقع.

قصف عنيف بري وبحري وجوي بعدة انواع من الطائرات، والمدافع دون توقف ولو لساعة واحدة، اصواتٌ مرعبة وشظايا تتطاير في كل مكان تحمل معها اشلاء ودم ابرياء لا ذنب لهم سوى انهم يحلمون بواقع كما هو واقع غيرهم من شعوب العالم.

اطفال غزة كان لهم اوفر الحظ من هذه الصواريخ والقذائف، التي تسببت باستشهاد عشرات الآلاف منهم، وإصابة عشرات الآلاف ايضاً.

كان من المقرر ان يتوجه الاطفال بغزة يوم امس الاثنين إلى مدارسهم مع بدء العام الدراسي الجديد كباقي اقرنائهم من الطلبة الفلسطينيين في الشق الآخر من الوطن، لكن الحرب جعلتهم بين شهيد ومصاب، وطفل آخر يقضي يومه من اجل الحصول على جالون ماء يلبي احتياجه واحتياج عائلته، او يتجول في مناطق خطرة جداً ليجمع الحطب لاهله لإشعال النار للطبخ، او يبحث عن اي مصدر رزق يعتاش من خلاله هو وعائلته.

الطفل "محمد حكمت بكر" ذو الاربعة عشر عاماً من سكان حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، ويعيش الآن داخل احد مراكز الإيواء بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة بعد ان نزح إليها مع عائلته تحت ضربات الصواريخ والقذائف، كان من المفترض ان يتوجه يوم امس لمدرسته ليبدا عاماً دراسياً جديداً يختم فيه مرحلة الإعدادية لينتقل العام القادم للمرحلة الثانوية، لكن الحرب صنعت منه بائعاً للحلوى لإعالته وإعالة عائلته بدلاً من قضاء يومه بدون اي فائدة وبسبب الوضع المادي المتردي جراء الحرب.

كان الطفل محمد صاحب الابتسامة المشرقة والمظهر الانيق يتهافت له اصحاب محلات الملابس الراقية في قطاع غزة للعمل معهم "موديل" لتصويره وعرض صوره في إعلاناتهم وعلى ابواب معارضهم لكسب أكبر عدد من الزبون نظراً لاناقته وجماله وجمال الملابس عليه.

يقول الشاب معتصم بكر، وهو خال الطفل محمد، انهم كانوا ينادوه بإسم "حمود"، وكان حمود مجتهداً في دروسه، وفي ذات الوقت كان طفلاً شقياً وروحه جميلة.

ويضيف عمه، حمود يحب الشياكة والأناقة، وكانت معارض الملابس تتهافت عليه ليكون "موديل" لهم، ولكن كان رخم في بعض الاوقات بخفة دم.

ويستكمل حديثه، حمودة الآن يعاني من اضطرابات نفسية مع نوبات هلع نتيجة قسوة الحرب والظروف التي عاشها ولا يزال يعيشها، لقد تحول من ولد مفعم بالنشاط والأمل بعد أن كان يمارس شرع طفولته وحقه بالتعليم واللعب إلى طفل محطم نفسياً يتجول بين النازحين على أمل بيع صينية "البسبوسة" التي تصنعها له والدته.

معتصم بكر خال الطفل محمد قال لصحيفة "بي دي ان"، إن ابن شقيقته ازدادت حالته سوءاً مع مرور الوقت جراء استمرار المأساة والرعب والتعب والجحيم الذي يراه ويعانيه.

الطفل محمد بكر ليس الاول ولم يكن الاخير، هناك آلاف الاطفال وحتى الشباب وكبار السن مثل محمد، والحرب لا زالت مستمرة وفي كل يوم تزداد شدتها عن اليوم الذي قبله، فمتى سينتهي هذا الكابوس؟ وهل سنعيش حياة طالما حلمنا بها كثيراً بعد كل هذا الموت والدمار والعذاب؟.

نسال الله ان يحفظنا ويزيح هذه الغمة عنا في قطاع غزة.

الوسوم