بعد اسقاط القرار الفلسطيني ماذا ستحاول الجامعة العربية ان تسقط؟!

بي دي ان |

10 سبتمبر 2020 الساعة 03:42م

نتائج اجتماع جامعة الدول العربية علي مستوى وزراء الخارجية امس ربما كانت مفاجئة للبعض رغم انها لم تكن صادمة لاحد فاسقاط مشروع القرار الفلسطيني المخفف ضد التطبيع اظهر ان الدول الاعضاء لا تدافع عن الامارات ولكن تدافع عن التطبيع بحد ذاته تمهيدا لالتحاقها بمسيرة مستمرة علي طريق التطبيع وربما حتى التحالف مع اسرائيل وخشيت هذه الدول ان مر مشروع القرار الفلسطيني ان تجد نفسها تعيق مسارها المرسوم لها في واشنطن نحو انفتاح جديد في العلاقة مع اسرائيل 

لم يخسر الفلسطينيين خساره جديدة اليوم بل فقط تم في هذا الاجتماع الاعلان عن هذه الخسارة التى كانت على مدار سنوات طويلة تتطور لتصل الى حالة الانهيار الكلى لمنظومة العلاقات العربية الداعمة لحق الشعب الفلسطيني دعما فعليا وليس مجرد خطاب سياسي لذر للرماد في العيون 

صحيح ان وصول القادة الجدد الي سده الحكم ورغبتهم في المحافظة على بقائهم فيها جعلهم يفكرون في حماية الذات وهذا لن ياتي الا ضمن انتظامهم في تحالف يحميهم كانت امريكا راس هذا التحالف لفترة طويلة ولكنها رغبت في ان تكون اسرائيل هي زعيم هذا التحالف بالوكالة عنها وبالتالى لم يجد هؤلاء الزعماء خيارا الا ان يخضعوا لقياده اسرائيل لتحالف يحميهم سواء من العدو الموهوم ايران او العدو الفعلي لهم وهي شعوبهم المقهورة بعدوانهم عليها وعلى حقوقها وبالتالى استطاعت الولايات المتحدة ان تدفع هؤلاء القادة الى احضان اسرائيل وتضعهم في مواجهة مع من تحدى الامريكان والاسرائليين وهم الشعب الفلسطيني وقيادته

ان المشكلة اليوم ليس في افشال مشروع القرار فقط بل في ما تريد هذه الدول اسقاطه بعد اسقاط هذا القرار وهذا يعيدنا بالذكرة الى القمة  العربية في بيروت في العام ٢٠٠٢ عندما رفضت نفس هذه الدول السماح للرئيس ياسر عرفات المحاصر حتى بالقاء كلمه مباشرة في القمة وكانت هذه القمة هي بداية حقيقية لمسار التخلص من ياسر عرفات ومن نهج المقاومة الذي اندفع اليه في انتفاضة الاقصى ورفضه للخضوع للابتزاز الامريكي والاسرائيلي

يبدو ان التاريخ سيعيد نفسه الان واصبح العرب جزء من معركة الولايات المتحدة واسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والقياده الفلسطينية التى قالت لا كبيره لخطة ترامب نتنياهو المسماه بصفقة القرن واعلنت عن قطع علاقتها بالادارة الامريكية في خطوه ربما لم تقدم عليها دولة في العصر الحديث الا نادرا بل ذهبت اكثر من ذلك واعلنت عن تحللها من الاتفاقات الموقعة وقطع العلاقة مع اسرائيل ورفض اي تنسيق معها حتى وان كان لذلك اثمان سياسية واقتصادية وامنية

ان هذا التحدي الفلسطيني الذي توج اخيرا باجتماع الامناء العامون للفصائل الفلسطينية بمشاركة حماس والجهاد والذي تري فيها بعض الدول العربية جزء من معادلة الاعداء لها جعل من هذه الدول تعمل علي اكثر من مجرد اسقاط مشروع القرار الي ما ستبذله من جهد لاسقاط من هو خلف هذا القرار وكل القرارات السابقة التى اغضبت الادارة الامريكية واسرائيل 

ان عملية التخلص من ابو عمار وشكل النظام السياسي الذي كان قائما حينها بدا في العام ٢٠٠٢ وما تلاه من خارطه الطريق الامريكية ومن ثم اغتيال ياسر عرفات تتكرر الان وبشكل واضح فان اسقاط مشروع القرار الفلسطيني يعني ان المسار قد بدا لاسقاط القياده الفلسطينية الحالية وعلى راسها الرئيس محمود عباس وسنشهد خلال الفتره القادمة الاحاديث مرة عن تجديد القيادة وتمكين قيادة شابة ومره عن حق الشعب في اختيار ممثلية عبر انتخابات جديدة وربما سنسمع عن ضرورة تغيير النظام السياسي الفلسطيني نفسة ليتماشى مع ما هو مطلوب منه في سياق صفقة ترامب والتى ياتي التطبيع كمرتكز اساسي فيها

ان المطلوب فلسطينيا الان هو الحذر الشديد والبحث عن مقاربات جديدة لوقف الانهيار العربي تجاه اسرائيل وايضا حتى لا يمنح هؤلاء فرصة لتحقيق خططهم مستغلين هشاشة الاوضاع الداخلية واللعب على عواطف الناس وايضا حاجاتهم الاقتصادية والاجتماعية مستغلين حلفاء لهم داخل الشعب الفلسطيني يطمحون لتولي المواقع التى قد تسهل تنفيذ ما يريده هؤلاء العرب وخلفهم الادارة الامريكية 

اننا بحاجة الي عملية اصلاح واعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته من منظمة التحرير الي السلطة والقوى السياسية الي الاتحادات والنقابات ومؤسسات العمل الاهلي وهذا يدفعنا الى ضرورة ان نصلح بانفسنا وبطريقتنا ما يسعي غيرنا لاصلاحه لنا بطريقته وهذا يحتاج الى تقدير المخاطر وكيفية التعامل معها عبر عملية حوار وطني حقيقي لكل القوى السياسية والمجتمعية والنقابات والفعاليات الشعبية والفكرية والشبابية من اجل وضع الاستراتيجة الوطنية الموحدة والشاملة واعادة اللحمة للشعب والنظام السياسي وتجاوز موبقات الماضي واهمها الانقسام البغيض والانطلاق نحو مرحلة جديدة حتى وان شكلت انقلابا علي ما كان سابقا من منظومة سياسية او منظومة في العلاقات الدولية عبر اعلاء راية الكفاح الوطني في وجه المحتل ورفع الغطاء عن اسرائيل الذي يظهرها دولة طبيعية في المنطقة والعالم  عبر سحب الاعتراف الفلسطيني فيها واطلاق مواجهة حقيقية شاملة لرفع تكلفة الاحتلال من جهة ولاظهار وجهه البشع من جهة اخرى ووضع اسرائيل في مكانها الحقيقي دولة احتلال فاشية مارقة علي القانون الدولي والشرعية الدولية ولا تصلح شريكا اوحليفا لاحد خاصة للدول العربية

اننا بحاجة الي الصراحة والوضوح واعلاء النقد البناء وتجاوز اخطاء الماضي والمكاشفة بالاخطاء والخطايا واتاحة المجال امام جيل جديد يقود معركة الخلاص من الاحتلال ويبطل كل المؤامرات التى تستهدف شعبنا وقضيته العادلة

• رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديموقراطي والتنمية السياسية