جلسات خالية من الدسم

بي دي ان |

27 ابريل 2023 الساعة 01:10ص

الكاتب
من نافل القول، ان كل كلمة وموقف وبيان وقرار عربي واقليمي ودولي يدعم القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية يعزز دور ومكانة الشعب والقيادة الوطنية، ويعطيها مصداقية أكبر على المستويات المختلفة. وتزداد أهمية تلك المواقف في ظل تراجع الاهتمام العالمي بقضية الشعب الفلسطيني، وتقدم احداث وقضايا صراع في أقاليم أخرى عليها، نموذج المسألة الأوكرانية، والمسألة التايوانية والان صعود الصراع السوداني الداخلي او غيرها من نقاط التوتر الإقليمية والعالمية.
مع ان قضية فلسطين هي القضية الاقدم، والأكثر الحاحية لحلها. لا سيما وانه مضى على الصراع الدامي بين الدولة الصهيونية الفاشية والشعب والقيادة الفلسطينية 75 عاما، ونجم عنها خمسة حروب كلاسيكية، وقرابة عشرة اجتياحات عسكرية توازي في عنفها ووحشيتها وعملياتها الحربية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة الحروب، لا بل اكثر دموية وفاشية، لان إسرائيل تستخدم فيها كل أسلحة الموت والقتل والابادة من طيران عسكري الى دبابات الى صواريخ وسفن حربية دون وجود ند وطني، ونجم عنها سقوط المئات والالاف من الشهداء والجرحى، بالتلازم مع عمليات تدمير البنى التحتية والمؤسسات التربوية العلمية والصحية ومنازل المواطنين والابراج السكنية فاقت الوصف، بالإضافة للعديد من الانتفاضات والهبات الشعبية، ومئات الاقتحامات للاحياء والمخيمات والمدن والاماكن المقدسة وخاصة المسجد الأقصى.
ورغم وجود ما يزيد عن الالف قرار اممي من قرار التقسيم الدولي 181 عام 1947 الى قرار العودة 194 الاممي لعام 1948 وما تلاها من قرارات صدرت في متوالية هندسية خلال العقود الثمانية الماضية، منها 85 قرارا صادرة عن مجلس الامن الدولي آخرها القرار 2334 الصادر في 23 كانون اول / ديسمبر 2016، الا ان كل تلك القرارات ذهبت ادراج الرياح، ولم تلتزم بها القوى الدولية النافذة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي وخاصة الولايات المتحدة ودول الغرب الرأسمالي، مع انها دفعت بكل ثقلها وارهابها لاقامة الدولة الإسرائيلية اللقيطة على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، ومازالت حتى اليوم تضع كل ما تملك من قوة البارود والمال والنفوذ لدعم إسرائيل في المحافل الإقليمية والدولية، وفي الوقت ذاته تحول دون الاعتراف بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية السياسية والقانونية، مع ان فلسطين التاريخية من البحر الى النهر، هي ارض الشعب العربي الفلسطيني، ولم تعترف بالدولة الفلسطينية، التي نصت عليها العديد من القرارات الأممية، والتي تبنتها تلك الدول والاقطاب، لكنها تبنتها ودعمتها وفرضتها لتمرير الشق المتعلق بالدولة الصهيونية المارقة والخارجة على القانون، ولطمس الحقوق الفلسطينية بشكل كامل، ومع انها تعلن عن تمسكها مثلا بخيار حل الدولتين، لكنها ترفض مجرد الاعتراف بالدولة والحقوق الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تقيم الدنيا ولا تقعدها في أي ملف من ملفات الصراع الإقليمي او الدولي ان كان في أوكرانيا او تايوان او غيرها، وتطلق العنان لاكاذيبها وديماغوجيتها عن "حقوق الانسان" و"الديمقراطية" و"حق تقرير المصير للشعوب" و"حق عودة اللاجئين من تلك الدول لديارهم" وتنكره على الشعب الفلسطيني. لانها تكيل بمكيالين، ولأنها صاحبة المشروع الصهيوني.
خلاصة القول، ان جلسات مجلس الامن الشهرية حول المسألة الفلسطينية، ونموذجها الجلسة التي التأمت اول امس الثلاثاء الموافق 25 ابريل الحالي لا تسمن ولا تغني من جوع، وخالية من الدسم، وبلا فائدة ترجى، لان مندوبي الدول من الدول دائمة العضوية للدول الغير الدائمة في المجلس، ورغم التباين في خطابها، وكيفية اخراج مواقفها من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الا انها جميعها تتحدث عن أهمية خيار حل الدولتين، وتؤكد تمسكها به كأساس ناظم لحل الصراع، وعن وقف الاستيطان الصهيوني، ووقف كل جرائم الحرب والانتهاكات الإسرائيلية وعن التمسك بالاستاتيكو التاريخي في المسجد الأقصى، واحيانا يصدر عنها بيانات، واحيانا دون ذلك، ورغم مرور 75 عاما على نكبة الشعب العربي الفلسطيني، ورغم النكبات المتعاقبة وويلات أبناء الشعب في كل تجمعاته داخل الداخل وفي الأراضي المحتلة عام 1967 وفي الشتات والمغتربات، الا ان أي من تلك المواقف المعلنة في جلسات المجلس ليس له رصيد. ويخرج البعض الفلسطيني ليستخرج إيجابيات منها. ولكن ما قيمة أي إيجابية ان لم يكن لها صدى على الأرض؟ وما أهمية ان تعلن صباحا ومساءا المندوبة الأميركية والبيت الأبيض ومعه كندا ومجلس وزرائها وبريطانيا و10 داون ستريت والاليزيه في فرنسا والمستشارية والبوندستاغ في المانيا وفي إيطاليا عن حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وكل من تلك الدول تتبرأ وترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
هل يعني ذلك عدم المشاركة في هكذا جلسات؟ لا، لم اقصد ذلك، نعم للمشاركة فيها، وفي أي منبر إقليمي او دولي، ولكن دون مغالاة وتضخيم في نتائج تلك الجلسات، ولا يجوز ان نبيع انفسنا مكاسب وهمية. ولندقق كثيرا في كيفية التعامل مع هكذا منابر بشكل مناسب لمردودها على القضية والمصالح الوطنية العليا.
[email protected]
[email protected]