بعد حادثة مقتل الصوفي.. هل باتت شريعة الغاب تحكم قطاع غزة؟

بي دي ان |

24 ابريل 2023 الساعة 07:21م

المشرف العام
ترتبط حضارة الدول وتقدمها بمدى الديمقراطية المنجزة، واحترام آدمية المواطن، ولعل من سوء حظ المواطن العربي أن بلادنا العربية على الأغلب لا تمارس الديمقراطية رغم ادعاء البعض ولا تحترم آدمية المواطن رغم تداول المصطلح المفرغ من جوهره لدى الحكومات.
 
وعلى الرغم من أن الاسلام كفل لأفراده حرية الرأي والتعبير، وأن الله تعالى كرم الانسان وفضله، وجرم قتل المسلم ظلما ودون وجه حق، بالتالي فإن الأولى أن من يدعي التمسك بالدين والشريعة الإسلامية أن ينفذ تعاليمها. 

لقد تشوهت الحياة المدنية الآمنة ، وسيطرت المصالح، بل فإن البعض أصبح يحافظ على مصالح دول أخرى على حساب مصلحة المواطنين والمصلحة الوطنية عامة.
 
جريمة قديمة تتجدد شهدتها المحافظات الجنوبية "قطاع غزة" والتي تقع تحت حكم الأمر الواقع "حركة حماس" منذ عام 2007 وهو العام الأسوأ خلال الثلاث عقود الأخيرة، قتل المواطن محمد عبدالله الصوفي سكان رفح والذي تمت وفاته في سجون حركة حماس في رفح، مع العلم أنها ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل تكرار الحادثة مع عدم معاقبة أو محاسبة مرتكبيها، فالتهاون في قتل مواطن فلسطيني هو بحد ذاته جريمة، وقد تكون الوفاة مقصودة أو غير مقصودة في كلا الحالتين لا يمكن التعاطي مع الحادثة باستخفاف ولا مبالاة، هناك قيمة  للانسان لا بد من التعامل على أساسها، كما أن هناك أسرة وعائلة للمغدور لابد من اعتبار وجودهم ومراعاة أن هناك كارثة حلت بالأسرة بطريقة بشعة.

لا أريد البحث في حيثيات الاعتقال والتهمة وصدقيتها من عدمه، والاعتقال من حيث أحقيته من عدمه، لكن الحديث هنا عن إنسان له قيمته وقدسيته، وعلى الجميع أن يقف ويتوقف لأجلها. 

ولعل من المهم هنا ذكر حادثة حصلت في غزة بدايات الانقلاب وبعد اغتيال القيادي في حركة حماس "سعيد صيام" حيث تم تعذيب شاب على مرأي الناس وسط مدينة غزة وتم تكسير ساقيه "تكسير العظام" بحجة أنه تبسم بعد سماعه خبر وفاة صيام، فكان هذا الإجراء الذي فيه اهدار وسحق كرامة وآدمية المواطن، فما بال في حال تسبب بوفاة مواطن دون إجراء أي لجنة تحقيق، دون أن يهتز ضمير القائمين على الحكم، دون أن تهتز المشاعر، بات الإنسان جدًا رخيص، ليس له ثمن ولو بخس، ومع تكرار كل حادثة وفاة في السجون تزداد الضمائر والمشاعر بلادة. 

وماهو ملفت في الحادثة تلك أيضا، نفاق جزء كبير من مجتمعنا الفلسطيني، فكلما كانت حالة اعتقال لمواطن في سجون السلطة الفلسطينية بالضفة"تقوم الدنيا ولم تقعد"، فلماذا لم نر أي اعتراض أو تظاهرة تضامنية مع المغدور ؟ أين أصحاب حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوقه؟ أم أن المواطن الغزاوي بلا قيمة، أم أن النفاق والانحياز الدولي أرمى بظلاله على بلادنا ؟! مع العلم أننا نناشد وندافع عن حقوق الانسان وكرامته وحرية التعبير والرأي في كل بقعة جغرافية على أرضنا، أما أن يقتل مواطن بعد ساعات من اعتقاله دون ردود أفعال، بحد ذاته يندى له الجبين، فعلى ما يبدو كان سهل لدى الكثير أن يقضي أطفالًا العيد بهذه الظروف وهذا اليتم والقهر دون أن يرتب على كتفهم أحد أو يعانق طفولتهم أحد، لم يخطو أحد ليلقي عباءة دافئة على قلوبهم المرتعشة. 

هانت دموع الأطفال والأم والزوجة دون تحريك ساكن. مضى العيد يا سادة، بعدما قضى الصوفي نحبة، فهل من ردود أفعال وتحقيقات تضعنا بتفاصيل وحيثيات الحادث لنضع اللبنة الأولى في المنظومة القيمية والأخلاقية قبل الوطنية للانسان من جديد، حتى مواجهة الخصم تحتاج إلى أخلاق. 

الشعب الفلسطيني بانتظار تشكيل لجنة تحقيق نزيهة من شخصيات مشهود لهم للوقوف على التفاصيل ومن ثم محاكمة المذنبين على الملأ. وإلا فسنكون ليس جميعنا بل الجزء الأضعف تحت حكم " شريعة الغاب " .