هل ينجح البلدوزر الإسرائيلي في تجريف دول عربية ؟!

بي دي ان |

02 ابريل 2023 الساعة 12:56ص

المشرف العام
أحيت الجماهير الفلسطينية ذكرى يوم الأرض كعادتها من كل عام والذي يصادف الثلاثون من آذار /مارس، ويحرص الفلسطينيون في هذا اليوم لإحياء الذكرى على مستوى الوطن والشتات، عبر فعاليات وطنية ومسيرات وتنظيم وقفات وزراعة أشجار زيتون كرسالة دالة على إصرار الفلسطينيين على البقاء وتجذرهم بالأرض، وكما قال القائد الشهيد أبو جهاد "رأسنا سيبقى في السماء وأقدامنا مغروسة في تراب الوطن". 

إن هذه الفعاليات الهادفة لإحياء الذكرى تأخذ الطابع الرسمي والشعبي، لكن ميدانيا فإن الشعب الفلسطيني كل يوم يعلن تمسكه بأرضه ودفاعه المستميت عنها، عشرات السنوات وأصحاب الأرض يدفعون الغالي في سبيل أرض تستحق وما زالوا، رغم كل الهجمات وآلة الحرب الإسرائيلية التي تحاربهم في كل منطقة جغرافية على أرضهم المسلوبة، لقد رخص الدم وزهدت الأرواح مقابل الأرض، والعنفوان والتحدي يزداد إصرارًا وعزيمة، والشباب لا تكل ولا تحبط، وتستمر بالنضال والكفاح بشتى الوسائل المتاحة. 

ويزداد إصرار الفلسطينيين على النضال كلما ازداد الاحتلال الأسوأ في العصر الحديث شراسة وهمجية، وها نحن نقف اليوم أمام حكومة إسرائيلية تتسم بالعنجهية والاستعلاء والاستقواء، ضاربة عرض الحائط بكل القرارات الشرعية والدولية، حكومة متطرفة ما بين قطعان المستوطنين والمثليين وغيرهم من حثالة الدول، لا تعترف بالفلسطينيين ولا حقوق ولا اتفاقيات، أي أن الفلسطينيين الآن بلا شريك ممكن الحديث معه حول اتفاق سياسي وما شابه بالتالي سيبقى الحديث للميدان. 

لعل ما كان ملفت عربيا وأثناء إحياء بعض الدول العربية لذكرى الأرض تضامنا مع الشعب الفلسطيني هو رفض العديد من الشعوب العربية لقرارات التطبيع التي عقدتها حكوماتهم مع العدو الصهيوني، وهذا مبشر باستمرارية نبض الشارع العربي المدافع عن قضية العروبة، وفي ذات السياق كان واضحًا خوف الكثيرين من المغاربة من سيطرة اليهود على مناحي مختلفة في بلادهم وتغلغلهم في مؤسسات ومرافق الدولة وتدخلهم بشكل واضح في شؤنها رغبة بالسيطرة على مراكز القوى وصناعة القرار مستقبلًا، وهذا ما قاله العديد من النشطاء السياسيين أثناء وقفاتهم وفعالياتهم التضامنية مع الشعب الفلسطيني، لدرجة أن أحدهم عبر عن خوفه على بلده قائلا "أخشى أن يكون للمغاربة غدا ذكرى يوم الأرض كما الفلسطينيين" في إشارة منه لرغبة الإسرائيليين بالسيطرة على المغرب بالطرق الناعمة على الأغلب، إن هذا المغربي لا يهذي، فالهدف الصهيوني بالسيطرة على دول الوطن العربي واضحة ومصرح بها من قبل إسرائيلين كثر، وليست الصورة التي وضعها وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش على منصة أثناء إلقاء خطاب في فرنسا "خارطة إسرائيل الكبرى" والتي تشمل فلسطين كاملة وأجزاء من الأردن ولبنان والسعودية والعراق، لم تكن خارطة عبثية وإنما وصلت إسرائيل لمرحلة مِن الاستعلاء والتبجح في مشهد لإهانة كاملة للعرب والمسلمين دون أي رد فعل مقابل ومساو للحدث سوا بضع من البيانات المعتادة. 

إذا نستطيع القول هنا أن "البلدوزر" الإسرائيلي يستعد للانطلاق وتجريف دول عربية لصالحه بالطرق الناعمة والخشنة، وبطرق قد تعجز أمامها الأمة النائمة. 

قبل مدة قصيرة طالبت إسرائيل من بعض الدول العربية تعويضات ليهود وصلت المليارات بدعوى أنها تعويضات ليهود كانوا يسكنون البلاد وتم طردهم، كان من بين هذه الدول ليبيا وتونس والعراق ومصر وغيرها. إن إسرائيل تروي رواية كاذبة فتصدقها وتفرض على العالم تصديقها ومن ثم تفرض عليهم مبالغ خيالية في محاولة للانقضاض على تلك الدول وفق رؤيتها وأهدافها. 

سيكتشف العرب قريبا وربما أدرك جزء كبير منهم أن عداء إسرائيل وأطماعها ليست فلسطين فقط وإنما الرقعة تتسع وأنه يتوجب على العرب ألا يأمنوا شرورها حتى في حال التطبيع معهم، كي لا يتم إحياء يوم الأرض أو ذكرى النكبة لدول عربية بجانب فلسطين في المستقبل القريب لا قدر الله، فالعمق العربي ثابت في وجدان الفلسطينيين وكل ما نتمناه قوة العرب والحفاظ على وحدتهم وأرضهم والسعي لتحرير فلسطين والانعتاق من آخر احتلال في العصر الحديث هو أيضا نصر للعرب ووقاية من خطر يهدد السلم والاستقرار والأمن العربي كافة. 

في ذكرى يوم الأرض ولأن فلسطين كل يوم فيها تحت الاحتلال هو يوم الأرض، نذكر من جديد أن فلسطين قضية العرب والقدس قضية كل المسلمين على وجه الأرض، وليس مطلوب من الفلسطيني وحده الدفاع عن قبلة ملايين المسلمين، رغم أنه ممتن لهذا الشرف. 

لم يعد يجد الفلسطينيون رسائل أكثر قدسية من دمائهم النازفة وأرواحهم الطاهرة التي يدفعونها فداء للقدس كل يوم، ليقولوا للعرب والمسلمين أن مسرى الرسول الكريم في خطر وأن حكومة نتنياهو برموز التطرف فيها وجماعة الهيكل يستعدون لذبح القرابين في الأقصى، ويفتعلون المشاكل ويعدمون الشباب بالاقصى على مرأى المسلمين دون أن يتم تحريك ساكن، لقد أدرك العدو الصهيوني أنه حتى لو تم هدم الأقصى لن يتحرك العرب والمسلمين فلم يعد لديهم أي خوف أو هاجس من أي ردة فعل عربية وإسلامية وهذا بحد ذاته الخطر الأكبر، فهل يستفيق العرب والمسلمين قبل فوات الأوان.