ابو عرام الضحية والشاهد

بي دي ان |

05 يناير 2021 الساعة 06:31م

جريمة حرب جديدة يرتكبها جيش الموت الإسرائيلي في وضح النهار مع مطلع العام الجديد في قرية التوانة في مسافر يطا جنوب الخليل عندما حاولت عصابة من خمسة جنود وباللباس العسكري سرقة ماتور كهرباء يخص عائلة الشاب هارون ابو عرام، 24 عاما، الذي دافع مع اثنين من اقاربه عن مصدر الإنارة في بيوتهم، وتأمين سحب المياة من البئر، وفي اعمال البناء وغيرها من الضروريات، التي تخص حياتهم، وتمكنوا من إفشال عملية السرقة، بيد ان احد الجنود القتلة ومن نقطة الصفر قام باطلاق الرصاص الحي على الضحية هارون، مما سبب له الشلل الرباعي فورا وفق بيان وزارة الصحة الفلسطينية.
وكما هي عادة جيش الموت الإسرائيلي، إدعى الناطق باسمه كذبا وزورا وبهتانا، أن الجنود كانوا في مواجهة 150 متظاهرا، مع ان شواهد العملية كانت واضحة للعيان، حيث لم يكن في المكان سوى الأقارب الثلاثة ولصوص الجيش الخمسة، الذين تمكنوا من تحميل الماتور، لكن هارون إستطاع من إنزاله، مما اثار حنق ذلك اللص القاتل، فاطلق الرصاص على راس الضحية والشاهد على جريمة الحرب الإسرائيلية.
وعلى اثر ذلك أصدرت الحكومة الفلسطينية بيانا أدانت فيها جريمة الحرب الجديدة، وطالبت المجتمع الدولي بتأمين الحماية الدولية لإبناء الشعب الفلسطيني، ووقف جرائم وإنتهاكات جيش اللصوص القتلة، كما تم تكليف جهات الإختصاص برفع ملف الجريمة الجديدة لمحكمة العدل الدولية للقصاص من جيش الإرهاب الصهيوني عموما والمنفذين خصوصا. وفي السياق، دعا الاتحاد الاوروبي سلطات الاستعمار الاسرائيلية يوم السبت الماضي الموافق 2/1/2021 الى التحقيق السريع في الجريمة الجديدة ضد الضحية هارون ابو عرام، وطالب بمحاسبة الجناة. وشدد البيان الاوروبي على رفضه الاستخدام المفرط وغير المتناسب للقوة، مشيرا إلى ان القوات الاسرائيلية أطلقت النار على ابو عرام، بينما كان يعيد بناء منزله، الذي هدمته في تشرين ثاني / نوفمبر 2020 في مخالفة واضحة للقانون الدولي.
الجريمة الإسرائيلية ضد الضحية هارون دليل وتأكيد ساطع على الآتي: اولا ان الجيش الإسرائيلي، هو جيش من اللصوص والقتلة، ولا يمت بصلة للجيوش النظامية العالمية؛ ثانيا لا يلتزم باي من القوانين والنظم والمعاهدات الدولية، ويعتبر نفسه فوق القانون الدولي؛ ثالثا القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية أطلقت يد الجيش القاتل في إرتكاب أية جريمة دون رادع قانوني او اخلاقي او سياسي، وهي التي تؤمن له التغطية على جرائم حربه، اي كانت الاسباب والدوافع، المهم ان يبطش ويقتل وينتهك ابسط حقوق الإنسان الفلسطيني الأعزل؛ رابعا إستباحة مصالح وحقوق الفلسطينيين، والتنكيل بهم في مطلق زمان او مكان على الأرض الفلسطينية المحتلة، دون أية إلتزامات بالإتفاقات المبرمة، لإخضاعهم لسيف الإرهاب والعنصرية، خامسا تشريع قانون الغاب الإرهابي، وتقديم الإسناد والدعم اللوجستي وعلى كل الصعد والمستويات لقطعان المستعمرين الصهاينة في جرائمهم المتوالية ضد الجماهير الفلسطينية؛ سادسا العمل بشكل حثيث ووفق خطط منهجية لمواصلة عملية التطهير العرقي ضد الفلسطينيين لطرهم من اراضيهم وبيوتهم.... إلخ
في ضوء جريمة الحرب القذرة ضد الراعي ابو عرام، فإن المسؤولية الدولية تحتم إعادة النظر في الخطاب والسلوك الأممي ضد دولة الإستعمار الإسرائيلية، والإرتقاء لمستوى المسؤولية في تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة بتأمين الحماية الدولية لابناء الشعب العربي الفلسطيني، وفرض العقوبات السياسية والديبلوماسية والإقتصادية ضد الدولة المارقة وقياداتها من المستويين السياسي والعسكري، والعمل على إلزامها بإستحقاقات عملية السلام على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وحث الخطى سريعا لعقد المؤتمر الدولي وفقا لمنهجية ميونيخ، وتجاوز حالة التعثر والارباك والشلل السائدة لإحداث إختراق في تحقيق قفزة لبناء ركائز السلام الممكن والمقبول لحماية الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ودون ذلك ستبقى اسرائيل ترتكب الجريمة تلو الأخرى ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ولن تلتفت لكل البيانات والإستنكارات والمطالبات الخجولة، التي تصدر عن القوى والأقطاب الدولية. كما لا يجوز تضليل الذات والرأي العام الدولي عبر المناشدات بدعوة الحكومة الإسرائيلية لإجراء المحاكمات لجنودها القتلة، لإنها، هي والكنيست من شرع وسن القوانين والقرارات لمؤسستها العسكرية وأجهزتها الأمنية وقطعان مستعمريها للضغط على الزناد لمجرد الشبهة على ابناء الشعب الفلسطيني. آن الآوان لتغيير الخطاب والسلوك الأممي، إن كانت القوى والمؤسسات الدولية معنية بتحقيق السلام الممكن والمقبول.
[email protected]
[email protected]