افاق نجاح الحزب الجديد

بي دي ان |

22 أغسطس 2022 الساعة 01:10ص

مازالت فكرة تشكيل حزب فلسطيني إسرائيلي تراود البعض داخل الخط الأخضر، وجرى في مياه الفكرة حوارا متعدد ومتشعب استغرق زمنا لا بأس به في السنوات الاخيرة بين كل المؤمنين الفلسطينيين والإسرائيليين انصار السلام، الذين اكتشفوا خديعة الصهيونية وفشلها، واصطدامهم بجدار الفاشية والعنصرية والكراهية القاتلة، وقناعتهم واقرارهم بان مستقبلهم مرهون ومرتبط ارتباطا وثيقا بابناء الشعب الاصلاني المتجذر في ارض وطنه الام من الفلسطينيين، وبعد افتراضهم ان التجارب الحزبية السابقة من الحزب الشيوعي الى حزب "ميرتس" وغيرها من المسميات الحزبية فشلت، او لم ترتق الى مستوى الطموح، وفق قناعات القائمين على المحاولة الجديدة.
ووفق المعطيات المتداولة في وسائل الاعلام الإسرائيلية والفلسطينية خلال الشهور والأسابيع والأيام الماضية على ما يبدو ان الفكرة نضجت من وجهة نظر روادها، حيث يقال ان المحامي وليد أبو تايه شرع بالتحضير مع اقرانه من الفلسطينيين العرب والإسرائيليين وخاصة عضو الكنيست السابق، ابراهام بورغ، الذي اعلن سابقا تبرؤه من الصهيونية، وطلب الصانع، عضو الكنيست السابق، والبرفيسور فيصل عزايزة، وغرشون باسكن والعشرات من المتبنين للفكرة لتشكيل حزب جديد باسم، حزب "كل مواطنيها"، منهم  د. جنان فراج فلاح، بروفيسورة عيريت كينانو، بروفيسور دانيئيل بار تال، المحامي ميخائيل بين-يائير، داليا غولومب-يادلين، موسى أبو صهيبان، بروفيسور حاخام يائير ليفشيتس، المحامية يوئيلا هار شيفي، جريس مطر، يهوديت هارئيل، فيصل محاجنة، د. نيريت بن آري، د. سهيل الحاج، بروفيسور دان ميودوبنيك، د. ألون ليئيل، د. رافي ديفيدسون، الناشطة الاجتماعية يهوديت الكانا، الحاخام دوبي أفيغور، موتي أفربوخ، أميرام جولدين وآخرين.
بتعبير أوضح حزب يمثل كل المواطنين في المجتمع دون تمييز ديني او عرقي، ويرتكز على قاعدة أساس، هي المساواة الكاملة بين الجميع، وعلى أرضية الشراكة والتكامل في صون مصالح السكان جميعا، ورفض كل القوانين والقرارات والسياسات العنصرية الاستعمارية، وخاصة قانون "أساس الدولة اليهودية" العنصري، والعمل من اجل تحقيق السلام على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
وجاء في البيان الأول الصادر عن الحزب تحديدا لاهدافه بالإضافة لما ورد اعلاه، اهداف اخرى منها "احترام الاختلافات المذهبية والدينية وحرية التعبير عن الهوية الثقافية لجميع القوميات، وممارسة الشعائر الدينية والاعتقاد بحرية كاملة، وحماية جميع المقدسات بدون استثناء." طبعا البيان لم يحدد ماهية المقدسات، ولا تابعيتها لاي الديانات، وتركها عائمة حتى لا يصطدم بقصة حائط البراق، الذي يعتبره الصهاينة اليهود "حائط المبكى". ووفق تصريح لأبو تايه، فإن الحزب الطموح بدخول المعترك السياسي بقوة أهدافه ومعاييره السياسية والقانونية، وإمكانية استقطابه لكل الكافرين بالصهيونية ومدارسها واحزابها المختلفة وجرائمها، وبالاحزاب القائمة في الوسط الفلسطيني العربي نتاج عدم تمثلها المصالح الوطنية، كما يفترض، لن يعمل على تشتيت الأصوات في الأوساط الفلسطينية، وحسبه، انما سيعزز من قوة المجتمع وحصانته لمواجهة السياسات العنصرية للأحزاب الصهيونية المتطرفة، وسيكون إضافة نوعية لمعسكر السلام في إسرائيل الاستعمارية. وتعقيبا على المقولة الأخيرة، اود التأكيد على حقيقة هامة بوجود فرق كبير بين القول والفعل.
وتوجه السيد وليد الى الجماهير الفلسطينية والإسرائيلية داعيا إياها لدعم فكرة الحزب، والالتحاق بركبه للإسهام بتوسيع قاعدته الاجتماعية والسياسية والثقافية لتحقيق أهدافه المذكورة انفا. واكد نحتاج "لتسجيل الحزب الى 100 مؤسس حيث يتم تسجيل المنضمين،" واكد على حرص النواة المركزية للحزب على "اتخاذ القرار المسؤول عشية الانتخابات القادمة، بحيث يأتي القرار عقلانيا ومستجيبا للظروف القائمة بما لا يؤدي لاهدار الأصوات". بتعبير اخر، لم تقرر المجموعة الحزبية بعد، ان كانت ستشارك في الانتخابات القادمة من عدمه. مع اني اعتقد، ان القائمين على الحزب، اجلوا فكرة الإعلان عن حزبهم لحين تبلور شرط ذاتي وموضوعي مناسب، واعتقد ان اللحظة من وجهة نظرهم الان، باتت مناسبة، وهو ما يفترض انهم سيشاركون في الانتخابات. وطبعا ستكون المشاركة بالتساوي بين الجنسين ومن الفلسطينيين العرب والإسرائيليين في القائمة الانتخابية.
بداية اود ان يتمكن الحزب الجديد من احداث نقلة نوعية في مسار الشراكة بين الفلسطينيين والإسرائيليين انصار السلام، ويشكل رافعة لتعرية الصهيونية وممارسات دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ويقدم نموذجا مغايرا للواقع الحزبي في الساحة، مع اني لست متفائلا بالتجربة ونجاحها، لان قاعدة الحزب حتى الان ضيقة جدا، وكون برنامجه او خطوطه العريضة ليست جديدة، اضف الى ان الشارع الإسرائيلي تحديدا ليس مؤهلا لقبول هكذا فكرة، وقبول العشرات او حتى المئات من النخب الثقافية والأكاديمية والسياسية لا يعني نضوج الشارع الإسرائيلي المستفيد من بقرة الاحتلال الصهيوني لفلسطين لقبول الفكرة، واخشى ان لا يكون الشارع الفلسطيني أيضا مقتنعا بالفكرة لاعتبارات مختلفة بدءا من رموز الحزب الفلسطينية وثقلها في الأوساط الاجتماعية، وكونه اكتوى بنار العنصرية الصهيونية وجرائمها، ومع ذلك سافتح قوس التفاؤل لعل وعسى تحظى التجربة بالنجاح النسبي.
[email protected]
[email protected]