غفران والشهداء لن يغفروا

بي دي ان |

04 يونيو 2022 الساعة 12:48ص

منذ بداية العام الحالي (2022) قتل جيش الموت الإسرائيلي حتى الان (2/6) 62 شهيدا بمعدل كل شهر 12 شهيدا، وهو ما يؤكد ان قرار القتل للنساء والأطفال والشباب الفلسطينيين، الذي سنته الكنيست الصهيونية، والحكومات الإسرائيلية لا يحمي القتلة فقط، وانما يسمح لهم بالضغط على الزناد وبالرصاص الحي كلما واينما شاؤوا ذلك دون ضوابط او محرمات او معايير قيمية او أخلاقية او قانونية، ووفق مزاجهم، وللترفيه عن انفسهم المريضة والمشوهة، والمسكونة بالنزعة العنصرية الفاشية، والتأصيل لعملية التطهير العرقي ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني. اعتقادا من قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين ان مضاعفة عمليات القتل والاعتقال والمطاردة والاجتياحات المتوالية للمحافظات والمدن والقرى والمخيمات يساهم في زعزعة استقرار وطمأنينة الفلسطيني في بيته وسكنه وارض وطنه، ويدفعه للتفكير بالهجرة والرحيل عن فلسطين ارض الإباء والاجداد والابناء والاحفاد والذرية العربية حتى يوم الدين.
من الواضح ان قادة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون لم يتعلموا من تجربة ال74 عاما الماضية من قيام دولتهم غير الشرعية على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني، ولم يتعظوا من دروس وعبّر مذابحهم ومجازرهم الوحشية، مع افتراضهم ان ما حصل عشية النكبة واثناءها في العام 1948 يمكن ان يتكرر ثانية، وتجاهلوا عملية التضليل التي تمت آنذاك من قبل بعض الاشقاء العرب. وبالتالي راهنوا، ومازالوا يوهمون النفس ان تدفع تلك الجرائم الوحشية أبناء فلسطين للهرب مجددا من ارض الوطن. ونسيوا تماما ان الفلسطينيين تعلموا الدرس جيدا، وذاقوا مرارة التشرد والشتات، وبالتالي واي كانت وحشية وفاشية دولة الإرهاب والجريمة المنظمة وجيشها وعصاباتها من قطعان المستعمرين لن يرهبوا الفلسطيني، ولن ولم تثنِ او تزعزع ايمانه الراسخ والعميق بالتجذر في ارض الوطن.
في ظل هذه الهجمة المستعرة تواصل أجهزة الامن والجيش الإسرائيلية عمليات قتلها وجرائم حربها وفق منهجية واضحة للعيان، فمنذ مطلع هذا الشهر حزيران الحالي، أي يومي الأربعاء والخميس الماضيين الموافقين الأول والثاني من الشهر قتل الجيش الإسرائيلي أربعة شهداء فلسطينيين بدم بارد، ودون اية مسوغات او مبررات لعمليات القتل، سوى الايغال في الدم الفلسطيني، واستباحة حياة الأطفال والنساء والشباب، فاغتالت أولا الاسيرة المحررة والإعلامية الواعدة غفران هارون وراسنة (31 عاما) امام مخيم العروب، شمال الخليل، وادعى القاتل، انها ارادت تنفيذ عملية طعن، مع ان الشهود، والشواهد كلها تؤكد انها لم تحمل سكينا، وكانت تسير من امام الحاجز الصهيوني، فاطلق القاتل الاثيوبي الصهيوني الرصاص الحي عليها، وارداها شهيدةً، فقبضت على حفنة من تراب الوطن بيدها، لتؤكد تمسكها بهويتها الفلسطينية العربية، وهي تنازع نفسها الأخير بعد ان منع أولئك القتلة من الجيش الفاشي سيارة الإسعاف من الوصول اليها لمدة عشرين دقيقة.
وغفران خريجة الاعلام، وعاملة في المؤسسات الإعلامية المحلية كانت تطمح للعمل في قنوات "الجزيرة" او "العربية" او غيرها من الفضائيات العربية الكبيرة لتتمثل دور شهيدة الحقيقة والقدس شيرين أبو عاقلة في تغطية جرائم القتل والاجتياحات الإسرائيلية للمخيمات والمدن والقرى الفلسطينية.
كما قامت قوات جيش العصابات الصهيونية بقتل الشهداء أولا وفي ذات اليوم الأربعاء الماضي بلال كبها (24 عاما) اثناء اقتحامها لبلدة يعبد، جنوب غرب جنين؛ ثم قتلت الفتى عودة محمد عودة (17 عاما) من بلدة المدية، غرب رام الله، وهو واقف مع اقرانه من الفتية بجانب جدار الفصل العنصري الواقع على ارض القرية دون أي سبب يذكر يوم الخميس الماضي؛ وتلا ذلك قتل ايمن محمود محيسن (29 عاما) اثناء اقتحامها لمخيم الدهيشة، جنوب بيت لحم. ومازال الشهر في بدايته، وهو ما ينذر ان عمليات القتل قد تتضاعف عشية زيارة الرئيس بايدن لإسرائيل ولراضي دولة فلسطين المحتلة، لتؤكد له حكومة بينت، انها ماضية في خيارها الفاشي دون تردد، وتعمق رفضها لخيار السلام، ولتعلن اصرارها على مواصلة ارهابها الدولاني دون وازع قانوني او أخلاقي انسجاما مع خلفيتها الفاشية، ولحماية بقاءها امام حملات اسقاطها من خصومها من اليمين الفاشي المنافس لها.
امام هذه الهستيريا الاجرامية الصهيونية، فإن غفران ورفاقها من الشهداء بلال وعودة وايمن وياسر والعشرات والمئات والالاف غيرهم لن يغفروا لدولة إسرائيل غير الشرعية عمليات قتلها، ولديهم رهان كبير على أبناء شعبهم ان يضاعفوا من كفاحهم البطولي، ويعيدوا الاعتبار لارواحهم الخالدة، ويستعيدوا حقوقهم وثوابتهم الوطنية كاملة غير منقوصة.