شكرا افريقيا

بي دي ان |

08 فبراير 2022 الساعة 06:21ص

مجددا عاد للواجهة ملف منح دولة الاستعمار الإسرائيلية صفة مراقب في الاتحاد الافريقي في القمة التي بدأت اعمالها في اديس بابا يوم السبت الماضي الموافق 5/2 الحالي. وكان موسى فكي، رئيس المجلس التنفيذي قد اتخذ قرارا منفردا باعتماد ممثل دولة المشروع الصهيوني صفة مراقب لدى الاتحاد في 22 حزيران 2021، لكن ممثلوا الدول والحكومات الافريقية المؤيدة والداعمة للحقوق الوطنية الفلسطينية، والرافضة لوجود إسرائيل في اطار المجموعة الافريقية علقت ذلك القرار بأغلبية 21 دولة، وقادت عملية التصدي لهذا التوجه كل من الجزائر الشقيقة وجنوب افريقيا.
ولم تكن معركة تعليق منح إسرائيل صفة المراقب في الاتحاد الافريقي سهلة، لا بل كانت معركة كسر عظم خاضتها جنوب افريقيا والجزائر وزيمبابوي وناميبيا وبوتسوانا والدول المساندة لها، ودخلت على الخط مباشرة الولايات المتحدة بالضغط والترهيب على الكل الافريقي وعلى السلطة الفلسطينية لفرض الدولة المارقة. لكنها فشلت، وفشلت جهود حكومة بينت لبيد في احداث الاختراق. وكان مطلوبا لاسقاط مشروع طرد إسرائيل كليا الثلثين من مجموع عدد دول الاتحاد الافريقي البالغ عددها 54 دولة. بيد ان ذلك لم يتحقق، ولكن تم النجاح في تعليق الامر. بتعبير آخر المعركة لم تنته، ومازالت محتدمة، وقد تشهد القمم القادمة مواجهة بين الطرفين المؤيد والمعارض للدولة الإسرائيلية.
وللأسف الشديد المغرب وتشاد كانتا في الصف المؤيد لمنح دولة التطهير العرقي الإسرائيلية صفة المراقب، بذريعة ان معادلة الصراع تغيرت، وان الشروط السياسية في دول الاتحاد والإقليم لم تعد كما كانت عليه، كما ذكر وزير خارجية المغرب، ناصر بوريطة في لقاء مع فضائية فرانس 24 الاحد الماضي الموافق 6/2 الحالي. وتجاهل الوزير المغربي، ان التغير ناتج عن تقاعس العرب، وانغماس العديد من الدول الشقيقة فيما يسمى التطبيع "الابراهيمي" المجاني مع الدولة الاستعمارية، وعدم استخدامهم أوراق القوة المتوفرة في اليد العربية. وبالتالي تم قلب كل المعادلات السياسية رأسا على عقب، وباتت إسرائيل دولة الإرهاب المنظم شريكا وحضنا دافئا لدول التطبيع الابراهيمي.
مما لاشك فيه، ان الجهود السياسية والديبلوماسية الفلسطينية مدعومة من الدول الشقيقة والصديقة لعبت دورا إيجابيا في إفشال الخطوة الإسرائيلية المدعومة من واشنطن وغيرها. غير ان هذه الجهود تحتاج إلى مضاعفتها، والمراكمة عليها، وتكثيف الاتصالات مع الدول الافريقية المختلفة، وعدم ترك الساحة الافريقية لقمة سائغة للدولة الإسرائيلية الإرهابية، والاستفادة من مكانة الدول العربية والإسلامية في القارة الافريقية، وخاصة الجزائر وجنوب افريقيا، والسعي مع الدول التي تورطت في الانحياز لصالح إسرائيل من خلال التواصل معها عبر القنوات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والثقافية والحزبية وبمجمل المؤثرات الإيجابية لتحويل مواقفها، او على اقل تقدير تحييدها إن امكن.
ومن الضروري الاستفادة من سلسلة التقارير الأممية الصادرة عن منظمة العفو الدولية "امنستي" و"بتسيلم" و"هناك عدالة" التي اكدت بوضوح لا لبس فيه، ان دولة إسرائيل، هي دولة فصل عنصري، ومعادية للافارقة اسوة بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا قبل وصول حزب المؤتمر الوطني للحكم، واستحضار الوثائق العنصرية الدامغة، التي ارتكبتها دولة اليهود الاشكناز من الخزر ضد اليهود الشرقيين بالاجمال، واكثر تحديدا ضد يهود الفلاشا واليهود العرب عموما والمغاربة واليمينيين والعراقيين خصوصا.
لا يجوز السماح لدولة التطهير العرقي الصهيونية التوغل والتوسع في أوساط الدول الافريقية، التي شكلت تاريخيا حاضنة للقضية الفلسطينية، ووقفت مع فلسطين ومع القضايا العربية. لانهم كانوا يشعرون انهم والعرب عموما وفلسطين في خندق واحد. لكن هذا الاعتقاد تراجع وانكفأ نتاج تراخي وخفوت الحضور العربي الرسمي في أوساط الشعوب الافريقية، وحتى تراجعت عمليات التبادل الاقتصادي والتجاري بين الطرفين بسبب تقاعس الدول الشقيقة، مما ترك الساحة الافريقية لقمة سائغة امام دولة الخزر العنصرية، التي اخترقتها من جانبين الأمني والاقتصادي، وتقديم بعض الفتات من المساعدات للعديد من الدول الافريقية.
اذا المعركة على استعادة المكانة الفلسطينية والعربية في القارة الافريقية لم تنتهِ، لا بل مازالت في بداياتها، وما تحقق اول امس الاحد، يعتبر خطوة صغيرة للامام، وتحتاج الى جهود مضاعفة على الصعد السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والثقافية والأمنية مع الدول العربية عموما وفلسطين خصوصا. وبالمحصلة شكرا افريقيا على الموقف الإيجابي بتعليق منح إسرائيل الإرهابية.
[email protected]
[email protected]