الأخطاء تفضح جرائمهم

بي دي ان |

11 يناير 2022 الساعة 12:36ص

مازال كمً هائل من وثائق جرائم الحرب الإسرائيلية تقبع في صناديق سوداء مغلقة، وداخل سراديب تحت الأرض خوفا من وصول ضوء الشمس لها. وتواصل القيادات السياسية في الحكومات المتعاقبة والمؤسسات الامنية المعنية بملف الوثائق تجديد قراراتها المتعلقة بحجبها عن النور، وعدم السماح بالاقتراب منها، او لمسها، وتتكتم عليها خشية الكشف عن المزيد من المجازر والجرائم الوحشية للعصابات الصهيونية الإرهابية (الهاجاناة، ايتسل، ليحي، هاشومير، البالماخ، الارجون وشتيرن، غيرها) التي شكلت العمود الفقري لجيش الموت والجريمة المنظمة الإسرائيلي بعد قيام دولة المشروع الصهيوني على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني في العام 1948، وهي وقياداتها المتعاقبة من شكل النظرية الأمنية الإسرائيلية، المرتكزة على ثلاثة عناصر أساسية الأول مواصلة وتعميق نهج الإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين بكافة الوسائل المتاحة؛ الثاني ادامة الحروب والاجتياحات وعمليات القتل المعلنة بذرائع وبدونها؛ الثالث نهب واستعمار الأراضي الجديدة، وإقامة المستعمرات في مختلف المناطق، وأضافوا لها عنصرا جديدا بعد إقرار "قانون القومية الأساس" في تموز / يوليو 2018، الذي شرع وقونن بقصر حق تقرير المصير لليهود الصهاينة فقط على ارض فلسطين التاريخية. وذلك لتحقيق الهدف الرئيس المتمثل بتوسيع عمليات التطهير العرقي لابناء الشعب الفلسطيني المتجذرين في ارض فلسطين داخل ال48 وفي الأراضي المحتلة عام 1967 لتقليص وجودهم للحد الأقصى، ولاضفاء الطابع اليهودي الصهيوني على الأرض الفلسطينية، وفرض روايتهم الكاذبة والمزورة.
بيد ان عمليات التكتم، والاخفاء والتستر على وثائق الجرائم لا تنجح دائما، فاحيانا يرتكب جهاز الرقابة الأمنية اخطاءا دون قصد، مما يسمح لبعض الوثائق رؤية النور لتميط اللثام عن جوانب جديدة من العقلية الفاشية المتجردة من كل ملمح انساني مهما كان متواضعا، والحاملة في دواخلها عقد وحقد وكراهية الحقب التاريخية كلها لتنفث سمومها على الشعب الفلسطيني، الذي لم يبادل أولئك الصهاينة قبل اكتشاف امر مشروعهم الاستعماري إلا التعامل الإيجابي، والحرص على التعاون والعيش المشترك. ومع ذلك بادلوهم الجريمة والإرهاب المنظم واغتصاب النساء، وبقر بطون الحوامل، والطرد والتهجير والحرب وحملات القتل المتواصلة... الخ من السلسلة الطويلة من الجرائم الوحشية حتى الان، التي مازالت تلقي بحمم شرورها على الشعب الفلسطيني، الذي يعيش نكباته المستمرة دون توقف.
ومن وثائق امن الدولة، التي كشفت مؤخرا نتاج خطأ تقني فضح بعض المستور عن ديفيد بن غوريون، رئيس الوزراء الاول واهارون تسيزلينغ، وزير الزراعة، اللذين اباحا ودعما محو القرى الفلسطينية وطرد سكانها، واغتصاب النساء الفلسطينيات في الرملة وغيرها. وفق ما تضمنته وثيقة جديدة عن اجتماع الحكومة الإسرائيلية المؤقتة في اب / أغسطس 1948 حسب مقال ل "عوفر اديرت" نشر في صحيفة "هآرتس"، واعيد نشره في 6 يناير الحالي (2022) في "موقع عرب 48".
وخصص ذلك الاجتماع لبحث جرائم الحرب، التي ارتكبتها العصابات الصهيونية وجيش الموت الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وسمح بنشره بعد طمس وتسويد تلك المقاطع المتعلقة ب"بن غوريون" و"تسيزلينغ" عقب توجهات معهد "عكافوت"، الذي يعنى بتوثيق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويكافح لنشر مواد ارشيفية تاريخية ذات أهمية بحثية وجماهيرية محظور نشرها. وكان جهاز الرقابة الإسرائيلية حاول إخفاءه. لكن محاولته باءت بالفشل.
وقيمة واهمية كشف المستور من وثائق ومواقف القيادات الصهيونية المتعاقبة في قيادة الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، أولا انها تعمق الوعي لدى المتلقي في كيفية تعامل تلك القيادات مع جرائم الحرب، وإرهاب عصاباتها وجيشها الوليد؛ ثانيا تكشف بشكل قاطع لا لبس فيه، او غموض عن دور تلك القيادات في تعميم ونشر منطق المجزرة والمذبحة وإرهاب الدولة المنظم في أوساط المؤسسة الأمنية بكل مكوناتها وادواتها. لا سيما وانها ذراعها الضاربة لتنفيذ المشروع الاستعماري؛ ثالثا اماطت تلك الوثيقة مجددا عن وجه تك القيادات الفاشية، وعرت الدولة الإسرائيلية تماما، وأكدت انها دولة لا تربطها صلة بالديمقراطية، التي يروجها الغرب الرأسمالي عنها، والتي تتقمصها دولة الإرهاب المنظم نفسها؛ رابعا تعزز وتعمق الرواية الفلسطينية العربية، وتؤكد على الحقوق التاريخية والسياسية والقانونية للشعب العربي الفلسطيني في ارض وطنه الام؛ خامسا تساهم مباشرة في اكتساب قوى اممية جديدة داعمة للحق الفلسطيني، ومؤيدة لكفاح الشعب التحرري لنيل حقوقه وفق قرارات الشرعية الدولية؛ سادسا تؤكد على ان الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، هم رواد السلام الحقيقيون، والعكس صحيح بالنسبة لإسرائيل وقياداتها العنصرية والاستعمارية، التي لا تقبل القسمة على السلام.
[email protected]
[email protected]