فنجان قهوة.. وبوسة راس

بي دي ان |

27 نوفمبر 2021 الساعة 02:52م

فيما يحاول الفلسطينيون التحرر من قبضة احتلال غاشم، تحاول المرأة الفلسطينية إضافة لذلك، إلى التحرر من ثقافة مضللة وفهم منقصوص وأداء ظالم بحقها في معظم مناحي الحياة، ولعل أسوأ ما تعيشه المرأة في مجتمعنا هذا هو انعدام الأمن والأمان في ظل غياب القانون واستهتار بات واضحا وجليا بحياتها، فالمرأة محاطة دائما بـ"بعبع الشرف" من جانب وقبضة الرجل في حال كان بعيد عن الآدمية والإنسانية، وتغاضي الأهل لمعاناتها في بيت الزوجية من جانب آخر. 

كنا نظن بسذاجة المتأمل، أن فلسطين كونها دولة جديدة السيادة أنها ستكون دولة قانون ومؤسسات، لكن ونحن لا نريد أن نعلق كل كوارثنا على شماعة الاحتلال فإنه مفيد هنا أن نعترف بفشل تطبيق القانون كما ينبغي، ومهم الإقرار أن القانون يعمل بمكيالين وأن كل الساسة الذين يتغنون بالمرأة وحقوقها ودورها، أنهم لم يجيدوا الكذب طويلا، وأن المرأة لا غطاء لها ولا حصانة عليها، ومهم الاعتراف أن قانون لا يقوم بحماية النساء هو قانون مشوه ناقص.

فبعد مقتل صابرين التايه ثلاثون عاما بوحشية على يد زوجها في بلدة كفر نعمة قبل أيام قليلة، وأمام أطفالها بعد تعذيبها وتشويه ملامحها ببلطة "وفق تصريح عمها" والذي أشار إلى أن زوجها كان مدمنا على المخدرات، وكان معتقلا لدى السلطة الوطنية وأنه كان دوما يعذبها وتم توجيه اتهامات وشكاوي ضده وقد سبق وطلبت زوجته الطلاق أكثر من مرة دون رد من القضاء، ولا أدري ما سبب رفض أو عدم التعاطي مع طلبها في حال شرح حالة الزوج المدمن والسيء السيط والسمعة.

أين حق المرأة باختيار حياتها وكيف تريد ومع من تريد أن تعيش ؟ كم حالة قتل وتعنيف حصلت بعد تقديم شكاوي عديدة بحق مثل هذا الرجل ؟ لماذا لا يتم البت في هذه القضايا إلى أن نصل لذات النتيجة الصادمة؛ قتل وذبح وتعذيب، قضاء ينم عن غرابة وبعد عن الواقع المجتمعي. 

قتلت صابرين على يد زوجها كما قتلت العشرات من النساء وخاصة على يد محارم والنتيجة كانت "فنجان قهوة وبوسة راس" أي بشاعة هذه وأي جرأة تعدي على حقوق الضحية، أين حق الضحية والحق العام للقانون في ذلك؟ وكيف تُمارس العشائر دورا سيئا في تعزيز عمليات القتل والدهس، من خلال قبولها حل هذه الحوادث المشينة بفنجان قهوة، والذي حل محل القانون والشرع في بلد من المفترض أنه يبني مؤسساته بشكل يوفر فيه الحماية لمواطنيه، وأين الحكومة ولجان الاختصاص من استصدار قانون حماية الأسرة، الذي قد يشكل رادعا لمثل هذه الجرائم التي تهتك بالنسيج المجتمعي وتدمر الأسر على مرأى من الجميع.

من خولكم بالصفح عن الجاني وإطلاق سراحه وجعله ويمارس حياته بشكل طبيعي بعد فنجان القهوة السادة ؟ هل هذه العدالة ؟ بئس الحكام أنتم وبئس من أوكلكم بدم الضحايا، لقد أمنتم لكل المجرمين العقاب، فعن أي وطن تتحدثون وعن أي كرامة وحقوق تتغنون، وهل بات جلد الضحايا غطاء لكم ؟. 

إذا كان هذا يحدث في حضرة قوانين عقيمة، فمن نطالب إذا بالثأر لنسائنا ؟ وهل بات مجديا المطالبة باقرار قانون حماية الأسرة؟! لقد بات مطلوب من كل نساء فلسطين الوقوف بالميادين حتى لو لأيام إلى أن يتم إقرار قانون حماية الأسرة، ووضع حد لعمل العشائر خاصة فيما يتعلق بهذا النوع من القضايا، وأخيرا لن تقوم قائمة لشعب، يبيع دماء نسائه ببخس.