الرد على الرسالة بالثبات

بي دي ان |

09 أكتوبر 2021 الساعة 07:01م

العلاقة مع الولايات المتحدة مرت وتمر بمنحنيات ومتعرجات كثيرة صعودا وهبوطا. مع ان القيادة الفلسطينية منذ فتحت صفحة العلاقات الثنائية الرسمية في العام 1988، وهي تحرص على تعزيز العلاقة مع الإدارات المختلفة بغض النظر عن الحزب الحاكم جمهوريا كان ام ديمقراطيا، رغم انها تعلم علم اليقين، ان الإدارات المختلفة منحازة بشكل مطلق لدولة المشروع الصهيوني الاستعمارية، الا ان لعبة السياسية، وفن ادارتها يحتم على الدول الصغيرة والكبيرة إبقاء الجسور مفتوحة فيما بينها بغض النظر عن توافقها او عدم توافقها في استراتيجياتها وسياساتها اليومية، ولان ديمومة العلاقات السياسية والديبلوماسية والأمنية تعتبر مدخلا مهما للتأثير في صانع القرار هنا او هناك بمقدار ما يمكن لهذا الطرف او ذاك إدارة العلاقات الثنائية. وقد يكون التأثير محدودا، او معدوما ارتباطا بالخلفيات التاريخية، ومحددات الدولة العميقة هنا او هناك.

ورغم ان العلاقات الأميركية شهدت تراجعا ونكوصا كبيرا وتحديدا في زمن إدارة ترامب السابقة، صاحب صفقة القرن، لكنها لم تنقطع، وبقيت القناة الأمنية بحدود متواضعة جسرا للتواصل، غير ان إدارة الرئيس جو بايدن، أعلنت قبل وبعد وصولها لسدة الحكم وخلال الحملة الانتخابية عن قرارها بعودة العلاقات مع السلطة الوطنية إلى سابق عهدها، وأكد الرئيس ونائبته ووزير خارجيته وكل اركان الإدارة عن فتح الأبواب جميعها التي اغلقها الرئيس الأفنجليكاني. الا ان العلاقات رغم التطور النسبي، الذي شهدته لم ترق للمستوى الذي كانت عليه سابقا، ومازالت الإدارة تراوح في بعض الملفات مكانك عد، ومنها عدم جاهزيتها حتى الان لفتح القنصلية الأميركية في القدس العاصمة، ولم تفتح ممثلية منظمة التحرير في العاصمة واشنطن، وتمارس الضغط والابتزاز على القيادة الفلسطينية لتطويعها وفق الرؤية الاستعمارية الإسرائيلية، ولم توجه الدعوة للرئيس محمود عباس للقاء رئيسها بذرائع شتى، رغم انها التقت نتنياهو، الذي تبغضه وبينت حديث العهد في رئاسة الحكومة وغيرهم من قادة دولة الاستعمار الإسرائيلية، وتستخدم مواقف متناقضة مع قرارها ومواقفها الداعمة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتمارس الضغط على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وابرمت معها برتوكولا مهينا ومتناقضا مع رسالة "الاونروا" الإنسانية، ولم تتوقف عن تأييد كل السياسات الاستعمارية الإسرائيلية، وتبرر جرائمها وحروبها ضد الشعب الفلسطيني .. إلخ    

ومع ذلك ارسلت الإدارة موفدها، هادي عمرو للقاء الرئيس عباس في أواسط الأسبوع الماضي حاملا رسالة استياء وغضب مما تضمنه خطاب الرئيس امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها أل76 يوم ال24 سبتمبر الماضي. وجاء ليسمع الموقف الفلسطيني. وعلى إثر ذلك، قامت وسائل اعلام إسرائيلية مثل ما طرحه يهودا يعاري، مسؤول القسم العربي في القناة "12" الإسرائيلية، ووسائل اعلام عربية مثل ما طرحته جريدة "الاخبار" اللبنانية، وكل منها نشر وفبرك ما يريده من الاخبار وفق اجندته وخلفيته الأمنية والسياسية، وبغض النظر عن عدم دقتها الا في جانب واحد، وهو الغضب والارباك من الخطاب الرئاسي المتميز والنوعي. غير انها لم تشر لا من قريب او بعيد للرد الفلسطيني على رسالة الرئيس بايدن وادارته.

وبودي هنا، ان أوضح مما علمته من بعض المصادر، أولا كان رد الرئيس أبو مازن واضحا وجليا وثابتا على الموفد الأميركي؛ ثانيا اكد له انكم انتم السبب فيما اقترفتموه من اخطاء في دعم السياسات الاستعمارية الإسرائيلية؛ ثالثا ما حمله خطاب الرئيس بايدن في الأمم المتحدة من هروب من استحقاق خيار حل الدولتين، رغم انه اكد عليه، لكنه ترك الباب مفتوحا لإسرائيل لمواصلة انتهاكاتها وجرائمها ضد أبناء شعبنا؛ رابعا لم توفوا بما قطعتموه على أنفسكم من تعهدات بشأن القنصلية والممثلية وغيرها من الملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية وبعملية السلام؛ رابعا اكد رئيس منظمة التحرير عدم تراجعه قيد انملة عن ما جاء في خطابه، وقال امامكم عام من الان بإمكانكم التراجع عن الأخطاء وعدم الوفاء بوعودكم، فإن عدتم عدنا، وعندئذ تعود المياه إلى مجاريها؛ خامسا نريد مؤتمرا دوليا للسلام ترعاه الأمم المتحدة وأعضاء الرباعية الدولية ملزما لإسرائيل وينهي الاستعمار الإسرائيلي.

من المؤكد ان رسالة الغضب الأميركية لم تحمل تهديدا ولا وعيدا، وانما خشية من اقدام الرئيس عباس على ما أعلنه من خطوات في خطابه التاريخي تهدم ما اعتقدوا انه باق لما نهاية من الزمن، أي اتفاق أوسلو والتنسيق الأمني والاعتراف بإسرائيل وبرتوكول باريس وغيرها، على اعتبار ان القيادة الفلسطينية ليس لديهم ما تقوله وتقرره. ولكن اعتقادهم لا يمت للحقيقة بصلة، واوهام البقاء في دوامة المراوحة وانتظار "رحمة" إسرائيل المارقة، فيها سذاجة وتسطيح لقراءة الواقع، ونسيان او تناسي تام ان الشعب العربي الفلسطيني لن يفرط بحقوقه ومصالحه الوطنية كاملة، وان الرئيس أبو مازن، هو رئيس وقائد حركة التحرر الوطني، وليس أداة بيد اميركا وإسرائيل، كما سعد حداد او أنطون لحد، ولن يقبل ببقاء الحال على ما هو عليه، فإما التحرك بوتيرة متسارعة نحو المؤتمر الدولي وتحديد سقف زمني لانهاء الاستعمار الاسرائيلي، او لكل حادث حديث، وعلى اميركا وأوروبا وقبلهم إسرائيل ومن لف لفهم من عرب وعجم يتحملوا كامل المسؤولية عما اقترفوه من خطايا بحق المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وعملية السلام.