آفاق لقاء بينت بايدن

بي دي ان |

25 أغسطس 2021 الساعة 06:50ص

ينظر المراقبون السياسيون والإعلاميون لزيارة نفتالي بينت، رئيس حكومة التغيير الأولى والرسمية للفضاء الدولي، وتحديدا للولايات المتحدة للقاء رئيسها، جو بايدن بنوع من التفاؤل المشوب بالحذر. لا سيما وان الملفات المطروحة على طاولة البحث بينهما ثقيلة وشائكة، ومن أبرزها الملف النووي الإيراني، الملف الفلسطيني، الملف الصني وملف العلاقات الثنائية ... إلخ

ويعود الحذر والترقب لقلة خبرة بينت في السياسة الخارجية ورئاسة الحكومة، وليس أي حكومة، انما حكومة إئتلافية معقدة نضم ثمانية قوى متباينة في العديد من الملفات والرؤى، الامر الذي يفرض عليه اخذ القاسم المشترك العام خشية انفراط عقدها؛ وحيث لا تجدي في العلاقات الدولية التمترس خلف الأيديولوجيا، والحسابات الإسرائيلية الخاصة فقط، والرغبة في النجاح وتأكيد الذات على مستوى السياسة الخارجية. خاصة وان حضور نتنياهو، رئيس الوزراء السابق الطاغي مازال ماثلا في المشهدين الداخلي والخارجي، وبالتالي يحتاج بينت إلى قدرة اعلى من الانتباه، ودراية أوسع وأعمق في إدارة الملفات المختلفة، كونه لا يصلح التعامل في العلاقات السياسية الخارجية بذات المنطق في إدارتها داخل الحلبة الإسرائيلية. فضلا عن ان الملفات صعبة وشائكة، وفيها اجتهادات واختلاف واضح في الرأي.

ففي الملف النووي الإيراني هناك تباين وافتراق، وكان في زمن رئيس الحكومة السابق عنوانا للافتراق، والتحريض المتبادل على الأقل في زمن إدارة الرئيس أوباما، الرئيس الأميركي الأسبق. وكما يعلم الجميع بينت لا يقل تطرفا من نتنياهو، لا بل هو أكثر، وإن كان أخفض صوته مع توليه رئاسة الحكومة لاعتبارات تكتيكية، وكونه يريد ترسيخ حضوره كرئيس وزراء مقبول، واي كانت الرؤية، التي يحملها بينت حول الملف، لن تكون متطابقة وجهات النظر الثنائية بين الضيف ومضيفه. وأيضا في الملف الفلسطيني هناك تباينات في العديد من النقاط، منها فتح القنصلية، ووقف او تجميد الاستيطان الاستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وملف القدس عموما، والعلاقة مع السلطة الفلسطينية والتسهيلات المطلوبة إسرائيليا لصالحها.. الخ وفي الملفات الأخرى قد تكون التباينات اقل او معدومة.

مع كل ما تقدم من محاذير وخشية، غير ان زعيم حزب "يمينا" سيحرص بكل جوارحه على تأكيد حضوره، ونجاح زيارته للولايات المتحدة، وسيعمل على نسج علاقات ثنائية مع الرئيس جو بايدن، خاصة وان الإثنين لهما مصلحة قوية في طي صفحة بيبي، الذي ادخل العلاقات الثنائية مع الحزب الديمقراطي في اتون معارك دونكشوتية، وبالتالي كلاهما معني بنجاح الزيارة لاعتبارات شخصية وسياسية، لانهما حريصان على توطيد العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين.

كما وان بينت يعتبر زيارته الأولى للولايات المتحدة بمثابة محطة مركزية في خطه البياني الصاعد في تأكيد ذاته، وتعميد لزيارته السرية والأولى فعلا للمملكة الأردنية الهاشمية، ولقائه الملك عبدالله في تموز / يوليو الماضي، وتعزيز لحضوره في المنطقة، وتقديم نفسه كقطب رئيسي في الإقليم، ليس لإن إسرائيل صاحبة مشروع كولونيالي منافس للاقطاب القومية في الإقليم، انما في تثبيت بينت مركزه امام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي سيلتقيه بعد زيارة واشنطن، التي بدأت اليوم الثلاثاء، وأيضا ستكون مفتاحا لحضوره على المستوى الإقليمي والدولي.

مع ذلك على كل المراقبين التريث، وعدم استباق التطورات، وما قد تحمله الزيارة من نتائج سياسية وأمنية واقتصادية، لان نفتالي بينت لا يقوى على مغادرة الأيديولوجيا، ولا يقبل ان يكون اقل حزما من نتنياهو في بعض الملفات وخاصة الملفين الإيراني والفلسطيني، وهو ما قد يعتبر لغما موقوتا في مسار العلاقات المشتركة مع إدارة بايدن. مع ان الإدارة الديمقراطية دللت حكومة بينت / لبيد، حيث اجرى الرئيس الأميركي اتصالا مباشرا معه بعد توليه رئاسة الحكومة، وهو ما لم يفعله مع نتنياهو، كما فتح له أبواب البيت الأبيض سريعا، ولم يسمح لنتنياهو بالإقتراب منه، مع انه استمر بعد توليه الرئاسة مدة خمسة شهور في رئاسة الحكومة الإسرائيلية. لننتظر ونرى.