قنابل موقوتة

بي دي ان |

13 أغسطس 2021 الساعة 02:35ص

قضايا قديمة متجددة بل اكتسبت الديمومة على مدار ما يقارب خمسة عشر عاما، المواطن الغزي الذي لا زال غارقا في كوارث متعددة والذي خلفها الانقسام والانشطار وحالة التمزق الجغرافي، هذه البقعة المنكوبة بفعل انعدام أمانة المسؤلية وحالة الاستهتار بكينونة المواطن وادمية البشر. 

المواطن الغزي على مدار خمسة عشر عاما يعاني الفقر المدقع والبطالة وازدياد أمراض السرطان وموت الفجأة وتاخر الزواج واليأس والاحباط وانعدام الثقة، وتهتك بالنسيج المجتمعي، والذي لطالما كان المجتمع الغزي متكاتف مترابط تحكمه ثقافة واحدة هي في مضمونها تنم عن وحدة حال ومفاهيم، الانقسام أطل علينا بوجه مرعب ومخيف تارة ومقزز تارة أخرى.

 فيديوهات اجتماعية كثيرة انتشرت مؤخرا عبر السوشال ميديا، لشباب تصرخ وتستصرخ قلوب المسؤولين عن أحوالهم وتهاجم حكام غزة الذين فشلوا فشلا ذريعا في توفير أدنى مقومات الحياة للمواطنين، ومع ذلك يصرون على البقاء بالحكم، وهذا ما أقر به حينها رئيس حركة حماس خالد مشعل، وهذا ليس عيبا، لكن اعترافهم هذا كان بتطلب جرأة واتخاذ قرار بترك حكم غزة، فلا ذنب للمواطن بكل ما أفرزه الانقسام.

جيل كامل لم يرى الكهرباء لمدة يوما كاملا، مئات آلاف الخريجين، مصائب غزة ومعاناتها لا تكفيها هذه السطور، لكنها معلومة للجميع في الداخل والخارج وللعالم أجمع، فبعد أربعة حروب لا تسأل الناس أحوالها، فغزة اليوم منهارة تتلقى ضربات دون قدرة على الوقوف، فلا صُمود لجائع وليس هنالك ثائر جائع، أولويات الجائع رغيف خبز وليس وطن، ولا يحق لنا اخفاء أن هنالك فئة مستفيدة من الانقسام تتمركز في جيبها قوت وخيرات البلد، ولا يجوز بقاء الرؤوس مدفونة تحت الرمال لعدم رؤية الواقع، ولا يجوز الاستخفاف بآدمية الناس، شباب وولدان تشيخ وأعمار تمر دون حياة.

منذ سنوات والنَّاس قنبلة موقوتة قابلة للانفجار بأي لحظة خاصة حين تصل درجة الحرارة أكثر من ٣٥ درجة حرارة وينضج القهر تحت ألواح الأسبست والقرميد في المخيمات وحتى بالمدن دون كهرباء ولا ماء وغيرهم تشرق الأضواء وتثلج قلوبهم المكيفات، حين تمتلك فئة من الأشخاص ملايين الدولارات بعد فقر ويسر حال وباقي المواطنين ينتظرون جزء من كابونة سرقها حاملها في الطريق، ستنفجر القنبلة، حين يجوع الأطفال ويعجز رب الأسرة عن إطعامهم وتنكسر رجولته وتهتز هيبته ستنفجر القنبلة.

 بكل الأحوال لابد من كشف الغشاوة عن الكثيرين ليشاهدوا الحقيقة دون إنكار أو استعلاء، وإلا فإن الأقنعة ستسقط بفعل شعبي سيثأر لسنوات غصب عاشها دون رغبة منه.

فعلى الجميع فصائل وقيادات ومؤسسات تحمل مسؤولياتهم، وعلينا كحالة فلسطينينة الخروج من حالة الجمود وتغيير استراتيجيتنا التي ثبت فشلها سواء فيما يتعلق بالشأن الداخلي أو فيما يتعلق بمواجهة الاختلال ويكفي استثناء الشعب مما يدور حوله ويتعلق بمصيره، ويحب بذل كل الجهد للحفاظ على الحريات والتعبير عن الرأي وتقبل الآخر، فالشعب يختار خدم له ليقدمون له خدمات ويكفلون له حياة كريمة ولا يختار طواغيت يحملون له الكرابيج أو يستعبدونه.