السودان ضد التطبيع

بي دي ان |

13 أكتوبر 2020 الساعة 10:44ص

منذ لقاء رئيس المجلس السيادي الإنتقالي السوداني، عبدالفتاح البرهان مع نتنياهو في عنتيبي، عاصمة اوغندا يوم الإثنين الموافق 3/2/202 الماضي والأزمة تتصاعد بين قوى الحرية والتغيير، والمشاركة في الإئتلاف الحاكم الإنتقالي وبين الحاكم العسكري ومن لف لفه في المجلس السيادي، لإن ممثلي قوى الشعب السوداني، الذين قادوا ثورة شعبية ضد نظام الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في نهاية كانون اول / ديسمبر 2018، والتي توجت في نيسان/ ابريل 2019 بالإطاحة بالنظام الإخواني، وتمكنوا من تأكيد حضورهم ومكانتهم في الحكومة الإنتقالية برئاسة عبد الله الحمدوك في ايلول / سبتمبر العام الماضي، رفضو، ومازالوا يرفضون التطبيع مع دولة الإستعمار الإسرائيلي، ولم يقبلوا مقايضة حرية وإستقلال السودان برفع اسمه من قائمة الإرهاب الأميركية، التي مازالت تشكل عنوانا للإبتزاز الرخيص للشعب والقيادة في البلد الشقيق. بيد ان هناك مجموعة تم العمل عليها من قبل ال (سي آي إيه) والموساد الإسرائيلي تقف على رأسها ثلة من عسكر النظام البائد، الذين تمكنوا من إنتزاع مكانا اساسيا لهم على رأس الحكم الإنتقالي بعد ان قاموا بقتل 87 مواطنا سودانيا في حزيران / يونيو 2019 لترهيب قوى الثورة والشعب عموما.
وتعميقا لخيار التطبيع والإنبطاح امام إدارة ترامب المتصهينة، وترويجا لبضاعة زمرة محمد بن زايد الفاسدة في الإمارات والمتهالكة على ترويج بضاعة الإستسلام مع دولة اسرائيل الخارجة على القانون، قام وفد سوداني في يوم الأحد الموافق ال20/9/2020 برئاسة البرهان يرافقة وزير العدل، نصر الدين عبد الباري ومجموعة من الخبراء السودانيين للقاء وفد اميركي برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي، ابراين لفرض التطبيع الإستسلامي على الشعب والحكومة السودانية، بعد ان رفض رئيس الوزراء الحمدوك في لقائه مع وزير خارجية اميركا، بومبيو التطبيع، وابلغه ان حكومته لا تملك الصلاحية للموافقة على التطبيع. غير ان إدارة ترامب لم تقبل الرفض السوداني، خاصة وان رئيس المجلس السيادي التقى نتنياهو، وهو على تماس مع القيادات الرسمية العربية المطبعة والمتواطئة مع اسرائيل، وفي مقدمتهم ابن زايد، لهذا ارسلت وفدا برئاسة مستشار الأمن القومي للإمارات، وتم إستدعاء البرهان ومعه وزير العدل، القريب من خياره، بهدف إحداث  نقلة نوعية من خلال ممارسة المزيد من الضغط على السودان الشقيق للإنخراط في عملية التطبيع المذلة والجبانة. لا سيما وان إدارة ترامب وضعت كل ثقلها لتركيع كل الأنظمة العربية الهشة والتابعة لمنطقها وخيارها لفرض صفقة العار الأميركية، وذلك خدمة لحملتها الإنتخابية اولا، ولإنقاذ حليفها الفاسد، نتنياهو ثانيا، ولتطويع اهل النظام الرسمي العربي وفق مشيئة الإدارة الأفنجليكانية ثالثا، ولقلب معادلة السلام العربية، التي تضمنتها مبادرة السلام العربية رابعا.
ووفق ما ذكر احد اعضاء الوفد السوداني (من قوى إعلان الحرية والتغيير) لم يذكر اسمه، رغم انه نشر حديثه الصوتي في شريط فيديو، قال ان الوفد وجد امام وثيقة إستسلام من 47 نقطة، من اهمها: اولا لا يمانع السودان بقبول التطبيع مع اسرائيل؛ ثانيا قبول السودان بتهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1967، ومن مخيمات الشتات لتوطينهم في اراضيه. ليس هذا فحسب، بل كل عربي يعارض التطبيه يتم نفيه إلى السودان؛ ثالثا قبول السودان بمبدأ المنفعة العامة، واهمها القبول بإقامة قواعد اميركية على اراضية؛ رابعا التعاون مع جنوب السودان وفق المخطط الأميركي لتعزيز دور الجنوب على حساب الجمهورية السودانية؛ خامسا تملك اميركا حق التقرير في شكل العلاقات السودانية مع اية دولة خارجية؛ سادسا سن تشريعات للحؤول دون منح الصين الحق في الإستثمار في السودان، كجزء من الحرب الدائرة بين القطبين؛ سابعا الإشراف على الموانىء والمياة الإقليمية السودانية؛ سابعا يقبل السودان الإدارة التكاملية لحدوده وفق معايير الإدارة الأميركية؛ ثامنا تعديل المناهج الدراسية وفق المنظومة الفكرية السياسية للعدو الصهيو اميركي؛ تاسعا تعديل القوانين والتشريعات السودانية لتتوافق مع المتطلبات الصهيو اميركية؛ عاشرا القبول بصفقة القرن الأميركية ... إلخ
ويخلص عضو الوفد السوداني، إلى ان اميركا في مجمل النقاط ال47 لم تشر من قريب او بعيد إلى اي من إحتياجات السودان السياسية والمالية، وانما كل ما تم ذكره، هو تقديم مساعدات إنسانية فقط. وكل ما اشير من اقاويل عن المليارات الثلاثة او السبعة، هو مجرد هراء واكاذيب. وبالتالي لم تأتي المطالب الأميركية على اي ذكر لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأميركية، ولم يتم الحديث عن تعويض السودان عن فترة الحصار، ولا عن جدولة ديونه، ولا عن اية حقوق سياسية او إقتصادية او مالية أو أمنية لصالح السودان، والنتيجة لجملة المطالب تمزيق وتفتيت السودان لخمس دويلات أو إمارات، وهو ما يعني انهم لم يكتفوا بتقسيم السودان إلى جنوب وشمال في 2009، انما يتابعوا العمل لتفتيته.
رغم ذلك الشعب السوداني ونخبه الوطنية والقومية والديمقراطية يرفضون سياسة الإذلال والإستسلام، رغم وجود ثلة فاسدة ومتصهينة. لكنها مجموعة صغيرة، لا تمثل إلآ نفسها، وبالضرورة سيتمكن الشعب السوداني البطل الذي قاد ثورة شجاعة، وتمكن من اسقاط نظام البشير، الذي تربع ثلاثين عاما على سدة الحكم من الرد عليهم، بالعمل على عزلها، وتطويق خطواتها المذلة والإستسلامية، والحؤول دون تمرير عملية التطبيع الجبانة والرخيصة، ومحاكمة كل يسعى لزيارة دولة الإستعمار الإسرائيلية.
[email protected]
[email protected]