لماذا رموز فلسطين ما بعد الحرب؟!

بي دي ان |

24 مايو 2021 الساعة 06:03ص

تتسم الشعوب والمجتمعات التي تخضع للاحتلال خاصة بالعديد من القيم والمبادىء التي تساعد في وحدة المجتمع ومكونه الثقافي والقيمي بل وتطغى عليه، ولطالما كان الاحتلال عنصر أساسي وعامل مهم في هدم الهرم الأخلاقي لأي دولة يغزوها ويحتلها، بالتالي ومن الطبيعي أن تكون هناك جبهة وطنية تعي هذا المكر وتعمل على التصدي له بشتى السبل أولها الحفاظ على حالة الوعي لدى أبناء المجتمع.

فالمحتل دائما يعتمد على سياسة فرق تسد  ونحن نفترض ذلك في حالتنا الفلسطينية، فالحفاظ على النسيج المجتمعي بمكوناته القيمية هي ضرورة حتمية وعنصر قوة لدينا، والشذوذ عن هذا النهج يستدعي المراجعة والتقييم، ولكن بكل أسف بالعقد الاخير تحديدا بدأ الشعب الفلسطيني يصطدم بثقافة دخيلة عليه كالتكفير والتخوين وعدم احترام الرموز الوطنية بل حتى على صعيد الأفراد هناك تراجع واضح بالمفاهيم ذات العلاقة، وما حدث يوم الجمعة الماضية في المسجد الأقصى من اعتداء على فضيلة الشيخ مفتي الديار المقدسة محمد حسين هو امتداد لهذا الشذوذ الذي طالما حذرنا منه، كما حذرنا من النعرات الحزبية والغرور والتباهي.

 الشيخ محمد حسين هو شخصية دينية ووطنية له بصماته المشهودة عبر سنوات طويلة في الدفاع عن الأقصى ومقدساتنا وليس اخرها معركة البوابات، بالتالي الاعتداء عليه فعل مستنكر ومستهجن، وإن كان الاعتداء عليه بحجة غزة، ففي غزة شهدنا العشرات من الخطب المتضمنة التكفير والتخوين بل والتحريض على القتل ولَم يتم الاعتداء على أحد من أصحاب هذه الأفكار، على الرغم  أن في حينه كان لابد من أخذ موقف، على العكس تماما فالشيخ محمد حسين لم يسب ولَم يشتم ولَم يحرض، بل أشاد بكل القوى الوطنية والفلسطينية وثمن دماء الشهداء وتحدث عن المجاهدين وشكر تضحياتهم وعن الوحدة وضرورة لم الشمل إلى اخره من القضايا الوطنية البحتة.

 أما إذا كان  المطلوب "إمام على المقاس" فهذا موجود عند الحزب وليس في مكان مقدس والمسجد الأقصى تحديدا، ( إلا القدس ) لايجوز بأي حال من الأحوال أن يتحول مسرى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، إلى مقر حزبي أو مربع لإثارة النعرات الحزبية، على كل العقلاء الحرص على تجنب المساس بقدسية وعظمة المسجد الأقصى واحترام الرموز الدينية طالما لاتخرج عن النص، وألا نسمح بثقافة دخيلة تزيد من هدم النسيج المجتمعي، فهذا الغرور وهذا الاستعلاء كفيل أن يهدم أي إنجاز وأن يبعدنا جميعا عن مربع الوحدة الوطنية، وإذا تم السماح للبعض بفعل ذلك فستصبح أيضا ثقافة بين أفراد المجتمع وحينها ستطال الجميع.

 لا فضل لأحد على أحد فكل من على هذه الارض مرابط ومجاهد ولنكف عن المزايدات وإثارة النعرات، ورحم الله شهداءنا وأشفى جرحانا وألهم الصبر لمن فقد بيته وماله وأهله وذكرياته وأحبته.