رفض فلسطيني واسع لقرار بقانون بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية

بي دي ان |

05 مارس 2021 الساعة 07:14ص

أعربت فصائل فلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني عن رفضها للقرار بقانون رقم (7) لسنة 2021 الذي أصدره الرئيس محمود عباس، بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لعام 2000،معتبرين أن هذا القرار بقانون يمثل مساساً مباشراً بالحق في تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات.

وأصدر الرئيس الفلسطيني قراراً بقانون بتاريخ 28 فبراير 2021، معدلاً لقانون الجمعيات لسنة 2000، تضمن المزيد من القيود على عمل الجمعيات وتمويلها. 

من جانبها، عبَرّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن رفضها المطلق للقرار رقم(7) لسنة 2021 المتعلق بالجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته، داعية لإلغائه فوراً لتناقضه الواضح مع القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية، ولتعارضه مع مجريات الحوار الوطني وضرورة التوافق على كافة القضايا بعيداً عن سياسة التفرد والإقصاء.

واعتبرت الجبهة في بيان صحفي صدر عنها، اليوم الخميس، "أن خطورة إصدار هذا القرار في هذا التوقيت يعزز من قبضة السلطة التنفيذية وصلاحياتها في عمل الجمعيات الخيرية والأهلية، ويُشكّل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان والحريات العامة، ويعزز من الرقابة الأمنية والسلطة التنفيذية  على عمل وبرامج المؤسسات، ويعطي الحق لهذه الجهات في التدخل بعمل هذه المؤسسات وأنشطتها وبكافة الجوانب الإدارية والمالية فيها".

وأشارت الجبهة إلى أنّ "إصرار السلطة التنفيذية على التدخل الفج في عمل وبرامج الجمعيات سيستغله الاحتلال في تعزيز هجمته المستمرة على مؤسسات العمل الأهلي وأفرادها، وسيزيد من إصرار الاتحاد الأوروبي من ربط تمويله لهذه المؤسسات بالتوقيع على وثيقة التمويل المشروط".

وختمت الجبهة بيانها مؤكدة على "ضرورة توقف السلطة التنفيذية عن دس السم بالعسل عبر قراراتها ومراسيمها المستمرة دون تشاور مع الكل الوطني، في محاولة حثيثة منها لإحكام قبضتها على النظام السياسي والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والتخوف الكبير أن تستغل هذه القرارات للتلاعب في نتائج أي ممارسة ديمقراطية قادمة، وضرب أية قرارات جرى التوافق عليها وطنياً.".

بدورها، دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الرئيس محمود عباس لإلغاء القرار بقانون رقم (7) لسنة 2021 المتعلق بالجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته. 

وشددت الجبهة أن الحق في حرية تكوين الجمعيات والهيئات الأهلية، حق أساسي مكفول في القانون الأساسي الفلسطيني، وقانون الجمعيات المقر من المجلس التشريعي الفلسطيني، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكافة المعايير الدولية.

ورأت الجبهة في القرار تدخلاً سافراً في عمل الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، في الوقت الذي يواصل الاحتلال الإسرائيلي هجمته الشرسة وتضييق الخناق على المؤسسات الأهلية الفلسطينية، فيما يزيد من إصرار الاتحاد الأوروبي على ربط تمويله لتلك المؤسسات بالتوقيع على «وثيقة التمويل المشروط". 

وعبرت الجبهة عن استهجانها الشديد من توقيت صدور القرار بقانون الذي يأتي بعد فترة وجيزة من إصدار مرسوم الحريات، والذي كان مفترضاً إفساح الطريق أمام الحريات دون تقييدها.

وختمت الجبهة بيانها، مؤكدةً ضرورة وقف إصدار المراسيم والقرارات بقانون دون التشاور مع الكل الوطني الفلسطيني، داعية لوقف تغول السلطة التنفيذية على عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية،  في ظل الاستعدادات للانتخابات العامة.

من جانبه، أعرب حزب الشعب الفلسطيني عن رفضه للقرار بقانون رقم (7) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لعام 2000، مطالباَ الرئيس محمود عباس بإلغاء القرار المذكور.

وقال الحزب في بيان صحفي، مساء اليوم الخميس، أن هذا القرار بقانون يمثل مساساً مباشراً بالحق في تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط الذي كفله القانون الأساسي في المادة (26) منه، وكذلك يمس بأنشطة واستقلالية المؤسسات الأهلية. كما أنه يتناقض مع المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 20/2/2021 بشأن تعزيز الحريات العامة ويلحق ضرر جوهري في منظومة وبيئة الحقوق والحريات قبيل إجراء الانتخابات العامة.

وفي ختام بيانه، دعا حزب الشعب إلى التوقف عن سيل إصدار القرارات بقانون التي ليس لها صفة الاستعجال خاصة وان شعبنا على أبواب انتخاب مجلس تشريعي جديد، مطالباَ الرئيس محمود عباس بإلغاء هذا القرار بقانون، وإتخاذ كل الاجراءات الكفيلة بتعزيز الحريات العامة وحقوق المواطن الفلسطيني، وكف يد السلطة التنفيذية عن التدخل في السلطة القضائية وفي عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

من جهته، استهجن الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" توقيت صدور القرار بقانون رقم (7) لعام 2021 والمتعلق بالجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته، خاصة وأنه يأتي في وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية حراكا لافتا من كل مكونات شعبنا وقطاعاته وقواه وأطيافه من أجل تجديد النظام السياسي الفلسطيني ودمقرطته وتمتين بنيانه، وعليه نرى أن صدور هذا القرار بهذا التوقيت بالذات واللغة التي صيغ فيها والتعديلات التي تضمنها من شأنه تعكير هذه الأجواء وإشاعة أجواء من السلبية تتناقض مع مرحلة يتجه فيها الجميع لانتخابات يقول فيها الشعب كلمته بكل حرية وديمقراطية، فضلا عن كون القرار يضرب في الصميم المرسوم الخاص بالحريات ويضع علامات استفهام حول جدية الالتزام به! 

وطالب "فدا" الرئيس محمود عباس بالعمل فورا على الغاء هذا المرسوم والتوقف عن إصدار أية مراسيم في هذه المرحلة بانتظار ما ستفضي إليه الانتخابات التشريعية القادمة وترك الأمر للمجلس التشريعي الجديد من أجل تولي هذه المهمة وعمل مراجعة شاملة لكل المراسيم والقرارات التي صدرت على مدار 15 عاما من تغييب المجلس وتعطيل عمله، وذلك انطلاقا من كون المجلس التشريعي هو صاحب الولاية الأساسية في سن هذه القوانين وفقا لما تقضيه المصالح الوطنية العليا لشعبنا وعلى أساس القانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة إعلان الاستقلال والاعلان العالمي لحقوق الانسان وشرعة الأمم المتحدة ومنظومة المواثيق الدولية التي أعلنت دولة فلسطين الانضمام إليها وجاء القرار بقانون رقم (7) لعام 2021 ليشكل انتهاكا فظا لها. 

ولفت "فدا" إلى أن القرار ذاته مثال صارخ على نزعة التغول في السلطة والفردية في اتخاذ القرارات بعيدا عن منطق الشراكة التي تتطلب أخذ رأي الكل الفلسطيني في الخيارات والتوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..الخ، كما أن القرار يمس في الصميم بقطاع حيوي كان له على الدوام نضالات يشهد لها في مقارعة الاحتلال والتصدي لمشاكل المواطنين منذ وقوع نكبة عام 1948، وهو المجتمع المدني الفلسطيني والمنظمات الأهلية الفلسطينية، إضافة لكون القرار ذاته يكشف ظهر هذا القطاع أمام استهدافات الاحتلال وداعميه من منظمات التمويل الدولية التي حاولت اللعب على الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها شعبنا، واستخدمت في ذلك ورقة "التمويل المشروط" التي لا معنى لها إلا معنى واحدا هو "الابتزاز السياسي" و "شراء الذمم" و "الأعوان"! 

وأكد "فدا" أنه موقفه كان وما زال وسيبقى بأن الجمعيات الخيرية، والجمعيات التعاونية، والمنظمات الأهلية، والاتحادات الشعبية، وغيرها من مكونات المجتمع المدني الفلسطيني، لها دور مهم ويشهد له في المعركة التي يخوضها شعبنا، بشقيها الوطني والاجتماعي، من أجل الحرية والاستقلال الناجز والعودة، وأن دعمها وتوفير كل المقومات القانونية اللازمة لعملها يجب أن تحتل موقع الصدارة على سلم اهتمام القيادة الفلسطينية بسلطاتها الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وفي السياق، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الرئيس الفلسطيني بالتراجع عن القرار بقانون ويؤكد بأن صدوره يعد تجاوزاً لصلاحيات الرئيس المتعلقة بإصدار قرارات بقانون في حالة الضرورة القصوى، كما يمثل خرقاً جسيماً لالتزامات فلسطين بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
 
وأكد المركز أن احترام الحق في تشكيل الجمعيات والحريات العامة بشكل عام، يعد حجر الأساس في أي نظام ديمقراطي، وأن السعي لتقويض هذا الحق لا يمكن فهمه الا في إطار السعي للتفرد المطلق بالسلطة دون رقيب أو حسيب. 

وشدد المركز على أن المجتمع المدني الفلسطيني، والذي نشأ قبل السلطة الفلسطينية ذاتها في ظروف استثنائية تحت الاحتلال، كان وما زال محل فخر من مختلف أطياف الشعب الفلسطيني بما يتمتع به من فاعلية ومصداقية ومهنية، ولما له من دور مهم في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والحصار.  وهذا الدور المميز والفعال بشكل بارز وواضح عن محيطه العربي، لا يمكن أبداً قبول أي دور فلسطيني في تقويضه، مهما كانت المبررات. 
 
ورأى المركز أن القرار بقانون المذكور يعكر الأجواء الإيجابية التي سادت في ظل الاستعدادات لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية. وتمثل القيود الواردة فيه تنكراً لمرسوم الرئيس الفلسطيني بإطلاق الحريات العامة، والذي صدر مؤخراً بتاريخ 20 فبراير 2021. كما تأتي هذه القيود لتواكب هجمة شرسة ومستمرة  يتعرض لها المجتمع المدني من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، يوظف خلالها وسائل رسمية وشبه رسمية لتقويض عمل المجتمع المدني الفلسطيني ونزع الشرعية عنه وتجفيف مصادر تمويله.
 
وبحسب بيان المركز، يأتي قرار الرئيس الفلسطيني تقنيناً لممارسات تعسفية ترتكب من قِبل وزارة الداخلية دون سند قانوني، كما يأتي القرار في ذيل سلسلة من القرارات والممارسات التي تستهدف المجتمع المدني بكل مكوناته، بما فيها الشركات غير الربحية، والتي تعد إحدى صور المؤسسات الأهلية التي تخدم المجتمع، والتي فرض عليها قيود مالية صارمة، أصبحت بموجبها، من بين أمور أخرى، مطالبة بالخضوع لفحص أمني وإداري مطول للسماح لها باستقبال التمويل.  وكانت وزارة الداخلية قد فرضت العديد من القيود على تمويل الجمعيات، وخاصة تلك العاملة في قطاع غزة، والتي تعرضت بشكل ممنهج لإنكار حقها في تلقي التمويل والحق في فتح حساب بنكي للجمعية.  كما تُخضع وزارة الداخلية تمويل الجمعيات ونشاطها لرقابة صارمة من قبل الأجهزة الأمنية، وبخاصة جهازي المخابرات والأمن الوقائي.  ويضاف إلى ذلك فرض القيود على النشاطات، وأبرزها الحصول على إذن لممارسة النشاطات في الاماكن العامة، حتى المغلقة منها. 
 
وقد تضمن القرار بقانون الجديد، والذي جاء في (8) مواد قانونية، مزيداً من القيود على الجمعيات، بالإضافة إلى تقنين بعض الممارسات التي كانت تقوم بها وزارة الداخلية. ونعرض هنا أبرز الملاحظات، وإن كان المركز يؤكد دائماً على أن الحق في تشكيل الجمعيات يستوجب الالتزام بأربعة حقوق وحريات أساسية وهي الحق في الوجود، الحق في ممارسة النشاط بحرية، الحق في الخصوصية، والحق في تلقي التمويل بدون قيود، كما حددها المقرر الخاص للحق في تكوين الجمعيات التابع للأمم المتحدة. 
 
▪️فرضت المادة (2) فقرة (1) من التعديل على الجمعيات أن تقدم خطة عمل منسجمة مع خطة الوزارة المختصة.  وهذا الأمر يمثل قيد على حق الجمعيات في حرية ممارسة نشاطها، بما يتعارض مع التزامات فلسطين على المستوي الدولي، حيث يجعل الجمعيات مجبرة أن تمارس عملها في حدود استراتيجية الوزارة المختصة، ويجعل من الأخيرة الحكم والمرجعية الوحيدة في تقدير ذلك.  كما أن النص يخلق إشكالية عملية للجمعيات التي يدخل نشاطها ضمن أكثر من وزارة.  ويعد فرض هذا الأمر بمثابة دمج للمجتمع المدني في الوزارات، بأن تصبح الجمعيات إحدى أذرع الوزارة لتنفيذ استراتيجيتها.  ويتعارض هذا الأمر مع الدور الرقابي للمجتمع المدني على مؤسسات الدولة، كما يمس بشكل مباشر باستقلالية الجمعيات. 
 
 ▪️كما جاءت الفقرة (3) من المادة (3) بقيد تعسفي على الجمعيات حيث ألزمتها بألا تتجاوز رواتب موظفيها ومصاريفها التشغيلية 25% من ميزانيتها السنوية.  ويعد هذا القيد غير مناسب لبعض الجمعيات والتي يعتمد عملها على توظيف خبراء وتقنيين برواتب مرتفعة نسبياً.  كما يعد هذا القيد تدخلاً غير مقبول في إدارة الجمعية لمواردها، وهو ما يخالف المعايير الدولية التي أكد عليها المقرر الخاص للحق في تكوين الجمعيات التابع للأمم المتحدة. 
 
▪️كما جاءت المادة (5) لتؤكد على التعديل السابق بموجب قرار بقانون رقم (6) لسنة 2011، والذي عارضه المركز في حينه، بل وتضيف بعض التعديلات التعسفية الجديدة.  فقد جعلت المادة المذكورة، تصفية أموال الجمعية، في حال حلها، من اختصاص دائرة الجمعيات، والتي لها أن تعين مصفٍ بأجر، أو تقوم هي بالتصفية بنفسها، وأبقت المادة على الخزينة العامة كخيار أول لكي تؤول لها أموال التصفية.  وهذا الأمر يمثل خطورة كبيرة، حيث يشجع على حل الجمعيات بشكل تعسفي لمصادرة أموالها.  وهذا الأمر يتعارض مع استقلالية الجمعيات ويهدد حقها في الوجود.  كما قد يثير هذا الأمر تخوف الجهات الداعمة من تقديم الأموال لبعض الجمعيات تخوفاً من أن تؤول أموالهم للخزينة العامة، بدلاً من صرفها لتحقيق الاهداف التي تصبوا إليها.
 
▪️كما تمثل المادة (6) فقرة (2) خطراً على الجمعيات في أنها قد تستغل لتحميل الجمعيات كافة تكاليف عملية الرقابة المبالغ فيها التي نسجتها القوانين والممارسات التعسفية لوزارة الداخلية.  فقد نصت الفقرة المذكورة على أن مجلس الوزراء سيصدر قراراً يحدد الرسوم على أية طلبات جديدة تقدمها للوزارة، إذا لم تكن مشمولة بالرسوم المبينة في القانون.
 
▪️تشكل الملاحظات السابقة أبرز المثالب الموجودة في القرار بقانون رقم (7) لسنة 2021، مع الاخذ بعين الاعتبار أن باقي النصوص مع القانون الأصلي قد تضمنت قيوداً تتعارض مع المعايير الدولية وأفضل التطبيقات.  وبدلاً من أن يكون توجه الرئيس الفلسطيني تعديل القانون الأصلي بشكل ينسجم مع المعايير الدولية وأفضل التطبيقات، والتي طالما طالبنا بها، قام الرئيس بإصدار هذا القانون غير الدستوري والمناقض لكافة التزامات فلسطين الدولية المتعلقة بالحق في تشكيل الجمعيات بموجب المادة (22) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة.
 
وفي الختام، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان الرئيس الفلسطيني بالتراجع الفوري عن هذا القرار بقانون، ويؤكد المركز أنه لن يتوانى بالتعاون مع شركائه في اتخاذ كافة الخطوات على الصعيد القانوني المحلي والآليات الدولية لإسقاط هذا التعديل.

وأصدرت مؤسسات المجتمع المدني ورقة موقف بشأن قرار بقانون معدل لقانون الجمعيات

تعبر مؤسسات المجتمع المدني عن رفضها المطلق للقرار بقانون بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته الذي نُشِر في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) بتاريخ 02/03/2021. يأتي هذا القرار بقانون في إطار سيل من القرارات بقوانين المستمرة التي تصاغ بنهج السرية الكاملة وفي الغرف المغلقة. وذلك بعد صدور المرسوم الرئاسي بتاريخ 15/01/2021 بالدعوة لإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني، وفي ظل التدهور الكبير والمتسارع الحاصل في النظام السياسي الفلسطيني ككل.  على الرغم من أن قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم (1) لسنة 2000 الذي أقره المجلس التشريعي من القوانين الفلسطينية يعتبر من القوانين المتطورة في المنطقة العربية.

ويأتي هذا القانون متناقضا مع قرارات حوارات القاهرة التي دعت الى إطلاق الحريات العامة وتهيئة البيئة الداخلية لإنجاح الانتخابات، بينما القانون يحد من حق التجمع والتنظيم وحق ممارسة الأنشطة المستقلة عن الوزارات والسلطة التنفيذية، ويحول المؤسسات الأهلية الى فروع تابعة للوزارات، التي سوف تصادر أدوار مجالس إدارات المؤسسات الأهلية.

إن مؤسسات المجتمع المدني ترى في  تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية ذات التاريخ العريق في فلسطين، يتماهى مع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المؤسسات الأهلية من قبل "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال الاستعماري،  والمؤسسات الصهيونية الداعمة لها، في الداخل أو الخارج، وبأشكال مختلفة من تهديدات بالقتل ومحاولات النيل من سُمعة العاملين فيها ومحاولات تهديد وتخويف وإرباك المؤسسات التمويلية الشريكة، بهدف وقف التمويل عن المؤسسات الفلسطينية، وإعاقة قدراتها في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في مواجهة الجرائم الحرب الاسرائيلية الممنهجة التي ينعقد لها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وجهودها في مسار الآليات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية، ومواجهتها لإجراءات التوسع والضم وحملات التهجير القسري في القدس والمناطق المصنفة ج، رغم أن تلك المحاولات المتكررة فشلت حتى الآن في النيل من عزيمة وثبات العمل الأهلي الفلسطيني ورسالته الحقوقية النبيلة دفاعاً عن الحق.  

لقد اشتملت أسانيد إصدار القرار بقانون المذكور، الواردة في مقدمته أنه جاء بناءً على تنسيب مجلس الوزراء بتاريخ 11/01/2021 وصدر عن الرئيس بتاريخ 28/02/2021 أي أن هناك مدة زمنية تزيد على شهر ونصف بين إقراره من مجلس الوزراء وتنسيبه وبين إصداره من قبل الرئيس. ولم يصدر أيّ تصريح عن رئيس الوزراء ووزير الداخلية د. اشتية ولا عن الحكومة يشير أو يوحي بوجود هذا القرار بقانون الذي بقي طي السرية التامة لغاية إصداره ونشره في الجريدة الرسمية، وهذا ما يُدلل على وجود نية واضحة ومبيته من قبل الحكومة على استهداف المؤسسات الأهلية والإجهاز على ما تبقى من نظام سياسي في ظل أجواء انشغال المواطنين بالعملية الانتخابية بعد صدور مرسوم الدعوة لإجراء الانتخابات العامة.

كما استهدف القرار بقانون تعديل المادة (13) من القانون الأصلي الواردة بشأن التقريرين الإداري والمالي المصدّق الذي تقدمه الجمعيات إلى وزارة الاختصاص في موعد لا يتعدى أربعة شهور من نهاية السنة المالية، بأنْ أضاف بنداً جديداً على النص يُلزم الجمعيات بأن تقدم إلى وزارة الاختصاص "خطة عمل سنوية وموازنة تقديرية للسنة المالية الجديدة منسجمة مع خطة الوزارة المختصة". ما يعني أن المؤسسات الأهلية ستعمل لحساب وزارة الاختصاص وليس وفقاً لرؤيتها ورسالتها وأهدافها وبرامجها، أي التعامل مع المؤسسات الأهلية وكأنها إدارات حكومية تتبع وزارة الاختصاص وتأتمر بأوامرها، رغم أن الأخيرة ليس لديها أي خطة منشورة ولم يسبق لها أن ناقشت المؤسسات بأية خطة لديها بهذا الخصوص. ويهدم مهنية واستقلالية وحرية النشاط الأهلي ودوره الرقابي على أداء السلطة التنفيذية والسعي للمحاسبة على انتهاكاتها.

كما اشتمل التعديل بعدم جواز أن تزيد رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة عن 25% من إجمالي الميزانية السنوية".

 ما يعني أن السلطة التنفيذية باتت تتحكم بالموازنات المالية للمؤسسات الأهلية وبنودها وكيفية توزيعها وسقوفها من إجمالي الموازنة ومقدار المصاريف الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى جعل العمل الأهلي أشبه بالمقاولات والمشاريع التجارية بهدف تفريغه من جوهره الحقوقي والوطني، وفتح الباب واسعا لوضع العمل الأهلي الفلسطيني تحت وصاية مؤسسات إسرائيلية ودولية تعمل في الأراضي المحتلة.  كما كشفت نصوص القرار بقانون التي منحت الحكومة صلاحية اصدار الأنظمة الخاصة بشروط الحصول على التمويل سعيها للاستقواء على المؤسسات الأهلية وحلها وتولي وزارة الداخلية بنفسها إجراءات تصفية المؤسسات بعد حلها وجرد أموالها المنقولة وغير المنقولة ومحتوياتها وإحالتها إلى "الخزينة العامة" في عمليات مصادرة غير دستورية.

تضمن القرار بقانون في المادة (6) التي عدّلت المادة (40) من قانون الجمعيات بنداً جديداً يحمل الرقم (2) نص على أن "يُصدر مجلس الوزراء نظاماً يحدد فيه الرسوم التي يجب أن تدفعها الجمعية أو الهيئة الأهلية عن أي طلبات جديدة تقدمها للوزارة (وزارة الداخلية)، إذا لم تكن مشمولة بالرسوم المبينة في القانون". هذا التعديل مخالف أيضاً للقانون الأساسي (الدستور) وتحديداً المادة (88) التي تنص على أن "فرض الضرائب العامة والرسوم، وتعديلها وإلغاؤها، لا يكون إلاّ بقانون ...". وبالتالي فإنه لا يجوز دستورياً جباية رسوم من المؤسسات الأهلية من خلال نظام يصدر عن مجلس الوزراء.

ينتهك القرار بقانون المذكور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (مادة 20) والعهد الدولي الخاص بالقوق المدنية والسياسية (مادة 22) التي أكدت على الحق الأساسي في حرية تكوين الجمعيات واستقلالية أنشطتها ومصادرها المالية، والعديد من القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومن بينها القرار رقم (22/6) بتاريخ 21/03/2013 الذي دعا فيه الدول بأن لا تعرقل الاستقلال الوظيفي للجمعيات وألا تفرض على نحو تمييزي قيوداً على المصادر المحتملة للتمويل.

إن الحق في حرية تكوين الجمعيات والنشاط الأهلي على الأرض الفلسطينية المحتلة، حقٌ أساسيٌ من حقوق الإنسان مكفول في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) وقانون الجمعيات الذي أقره المجلس التشريعي والمعايير الدولية، وبناء على ما تقدم فإن مؤسسات المجتمع المدني تؤكد موقفها على النحو التالي:

الرفض المطلق للقرار بقانون رقم (7) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتطالب بإلغائه بشكل فوري لما يشكله من عدوان صارخ على القانون الأساسي وقانون الجمعيات والاتفاقيات والمعايير الدولية التي كفلت الحق في حرية تكوين الجمعيات.

دعوة الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني للوقوف عند مسؤولياته وبخاصة فيما تعلق بحالة الحقوق والحريات في مرحلة الانتخابات العامة القائمة.

توجيه نداء عاجل للمقرر الخاص في الأمم المتحدة بشأن الحق في تكوين الجمعيات حول الاثار المترتبة على تعديل قانون الجمعيات وأثره على الحق في تكوين الجمعيات في الأرض الفلسطينية المحتلة.

تُعلن تشكيل لجنة طوارئ دائمة الانعقاد لتصعيد الإجراءات الاحتجاجية لحين إلغاء القرار بقانون المذكور، واعتباره كأنه لم يكن. بما فيها الامتناع عن الرقابة المحلية على الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.

المؤسسات والائتلافات الموقعة على البيان:

• مؤسسة اتحاد لجان العمل الصحي
• الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء – استقلال
• جمعية منتدى شارك الشبابي الخيري
• مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي
• المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح"
• الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان
• مركز بيسان للبحوث والانماء
• المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية "ريفورم"
• مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية – شمس
• مركز دراسات المرأة
• مؤسسة الحق - القانون من أجل الإنسان
• مركز الميزان لحقوق الإنسان
• مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"
• مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان
• مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان
• مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
• الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فرع فلسطين
• المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
• مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان
• المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماه والقضاء - استقلال
• الائتلافات الأهلية الموقعة على البيان
 • شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية
• المنتدى الأهلي لمناهضة العف ضد المرأة
• مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية
• الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته