الربع ساعة الاخير ... كم من الوقت سيستغرق

بي دي ان |

15 سبتمبر 2020 الساعة 05:45م

أثارت تصريحات رئيس الوزارء الفلسطيني اشتية "أننا في الربع ساعة الاخيرمن الازمة"
تكهنات عديدة حول سيناريو الحل، خاصة ان الوزير في حكومته حسين الشيخ قال*" لا عودة عن وقف كل أشكال التواصل والتنسيق  مع إسرائيل وأمريكا".
اذن بات من المؤكد أن هناك طرف ثالث، وهذا منسجم مع مقترحات مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط ميلادينوف، بخصوص أزمة المقاصة التي ادخلت السلطة نفسها فيها، اذ اقترح قيام مبعوثين من الامم المتحدة بتدقيق الفواتير الضريبية بين الطرفين، ثم تحول الاموال عبر الوسيط وهو الامم المتحدة، وهذا المقترح دعمه وأيده الاتحاد الاوروبي، اذن لماذا لم توافق قطر حتى الان على طلب السلطة باقتراض مبلغ 300 مليون دولار؟
 هل الاجابة تكمن في تصريح حسين الشيخ الاخير، أم ان قطر تدرك فعليا ان المنطقة تشهد اعادة تشكيل لتحالف لن يساعدها على الاستمرار في علاقتها برجال السلطة الحاليين، وربما البعض يرى في الانفراجة التي تضمنها تصريح إشتيه سببا للرفض.
بكل الحالات الواقع المالي الذي تعيشه السلطة، يفرض عليها البحث عن حل يمهد لنزول أمن لها عن الشجرة، بعد ان رفضت للشهر الرابع على التوالي استلام اموال المقاصة، التزاما بقرارات السيد الرئيس القاضية بقطع كل أشكال العلاقة مع اسرائيل والامريكان، كرد على خطة الضم الاسرائيلية، التي أعلن نتنياهو رسميا أمام وزراء حكومته، ان الوقت غير مناسب لتنفيذ الخطة، وعليه أعتبرت مجمدة حتى إشعار أخر.
قرار كان سببا في دخول السلطة أزمة مالية، كان أبرز مظاهرها عدم قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها، وقامت بصرف رواتبهم بنسبة لا تزيد عن50%.
*لكن ما هي تداعيات هذه الخطوة على الحكومة والاقتصاد الفلسطيني*؟
اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان اموال المقاصة اهم مورد يشكل النسبة الاكبر 63%من الايرادات لعامة، اصبحت بنوده في الميزانية العامة صفرا
وتراجعت الايرادات المحلية من 300مليون  الى 200 مليون شيكل شهريا.
والمساعدات الخارجية استقرت في معدلها العام بحدود 
كل هذا أدى الى تراجع الانفاق الحكومي العام بنسبة حوالي 43%، ترتب عليه تراجع كبير في معظم الانشطة الاقتصادية، وترافق مع اعلان رئيس السلطة حالة الطوارئ، وقيام الحكومة بالاغلاق الجزئي للاسواق وفرض القيود على الحركة والتنقل في مواجهة كورونا، وتعطل قطاعات اقتصادية هامة عن عملها، مثل قطاع الانشاءات، وقطاع السياحة، وتعطل أكثر من75% من المنشات العاملة في القطاع الخاص، مما ادى لفقدان حوالي 350 الف عامل لعمله، وهذا ما دفع بمعدلات البطالة للصعود خاصة في قطاع غزة.
اذن كيف صممت الحكومة برامج لحماية هؤلاء المتضررين اجتماعيا وتمكينهم من سبل العيش الكريم، وهي تفتقد الى الموارد المالية.
فلم يعد هناك امل بشبكة الامان العربية التي تعهدت بتوفير مبلغ 100مليون دولار شهريا في الازمات.
ولم يعد بمقدور السلطة اللجوء الى الاقتراض الذي وصل الى السقف الاعلى وباتت ودائع العملاء مهددة، حيث وصل حجم الاقتراض الحكومي من المصارف المحلية حوالي 1.7مليار دولار، وتراكمت المستحقات على وزارة المالية، فمستحقات هيئة التأمين والمعاشات وحدها بلغت 6مليار شيكل، ومستحقات القطاع الخاص(عائدات ضريبية)حوالي600مليون شيكل
ومستحقات موظفين السلطة حوالي 2مليار شيكل
وقروض خارجية لصندوق الاقصى، والبنك الدولي، وبنوك حكومية وخارجية بلغت حوالي 1.3مليار دولار
وبذلك يكون الدين العام وصل الى مستويات خطرة جدا، اذ يقدر بحوالي 7.5مليار دولار.
أمام هذا الاداء الحكومي، الذي تسبب في ازمات مالية متلاحقة، انهكت المواطن واقتصاد بلاده الضعيف، هل هناك ثمة مكاسب سياسية حققتها السلطة، من رفضها لاستلام اموال المقاصة، لتثبيت قرار انهاء العلاقة مع الاحتلال، وهل العلاقة تتجسد فقط في الجانب المالي، اما باقي اشكال العلاقة لا تنتقص من سيادة الموقف الفلسطيني، كالتنسيق للوفد الوزاري برئاسة مي كيلة الزائر لقطاع غزة عبر بوابة ايرز الاسرائيلية، او مثل التنسيق الذي تحدث عنه الناطق باسم الاجهزة الامنية بالضفة الضميري في تصريحاته الاخيرة.
لم يعد لدى المواطن الفلسطيني قناعة، ان لي ذراع الحكومة الاسرائيلية يكون برفض استلام أموال المقاصة، حتى لو افترضنا ان هناك قاعدة شرعية تقول"أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع"، لكان من الاولى لنا درء كل هذه المفاسد والمخاسر التي سببها قرار رفض استلام اموال المقاصة، بدلا من ادعاء منفعة سياسية ليس لها اية وزن وهي قطع العلاقة (في الجانب المالي)مع الاحتلال.
اذن كم من الوقت سيستغرق الربع ساعة الاخير في عمر الازمة، حتى نصل الى انفراجة، وتتمكن السلطة من استلام اموال المقاصة غير منقوصة، وتقوض يد اسرائيل من استقطاع اية اموال، أو تحرمها فرصة ابتزاز السلطة في أي موقف، وتجسد فعليا قرار قطع العلاقة مع الاحتلال وتحرير الاقتصاد الفلسطيني من قبضة التبعية الجائرة، ومعالجة كل الاثار الكارثية الناجمة عن كل أزمات المقاصة المتلاحقة، وانعاش الاقتصاد الفلسطيني الذي يحتضر.