خلفية الإنقلاب في ميانمار: هل هو صراع بين الصين والولايات المتحدة أم بداية نفوذ جديدة لميانمار 

بي دي ان |

24 فبراير 2021 الساعة 03:08ص

تعود جذور الأزمة في ميانمار بعد انقلاب الأول مند شباط/ فبراير 2021، والتي وضعت حداً لعملية الانتقال الديمقراطي، إلى التكوين الجغرافي الغريب للبلد الذي لعب دورا مهما في تحديد تاريخها وحياتها السياسية وعلاقاتها الخارجية  إلى حدود الوقت الراهن.

في الحقيقة يشير أصل تسمية  بورما (التسمية القديمة لميانامار حاليا) إلى الأغلبية العرقية للبلاد، إن مجتمع بورما، شكّل نوعا ما العمود الفقري للدولة ويعيش السكان حاليا بشكل رئيسي في السهول على طول نهر إيراوادي. وهو أهم أنهار بورما وأكبرها ويتدفق من الشمال إلى الجنوب عبر بورما ويبلغ طول النهر حوالي  2170 كم. يعتبر نهر إيراوادي ممر مائي تجاري مهم في بورما وذلك لأن الكثير من السلع والصادرات تنتقل عبر هذا الموقع الإستراتيجي. 

تعتبر ميانمار ذات أهمية قصوى بالنسبة للعملاق الآسيوي، باعتبارها موقع استراتيجي، تحصل منه الصين على الإمدادات الأساسية في حالة نشوب حرب ما  في منطًقتها الساحلية.
تصل الإمدادات إلى الصين، التي يسيطر عليها الحزب الحاكم في تايوان  المعروف باسم الكومينتانغ، عبر خط السكة الحديدية الذي يربط جنوب الصين بفيتنام (التي كانت تحت السيادة الفرنسية). لكن بمجرد أن أعطت فرنسا السيطرة على فيتنام لليابانيين في أيلول/سبتمبر 1940، لم يكن أمام الحكومة القومية الصينية خيار سوى الإلتجاء إلى التخزين عبر بورما. وكان هذا هو أساس ظهور و إشعاع بورما،  بالإضافة إلى نشر العملاق الآسيوي  المجموعة التطوعية الأمريكية الأولى  للقوات الجوية الصينية  في المنطقة آنذاك، التي  كانت مهمتها قصف اليابان والدفاع عن الصين.

للسيطرة على الصين و تضييق الخناق عليها، غزا اليابانيون بورما عام 1942 (بعد أن خاضوا الحرب مع الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة). في الوقت ذاته شن البريطانيون والأمريكيون حملات حرب عصابات غير نظامية جنبًا إلى جنب مع رجال حرب العصابات من الأقليات العرقية التابعة لبورما. 
في الواقع إن حقيقة الجغرافيا الطبيعية والبشرية لبورما هي الأساس لهذا النوع من الغزوات التي قام بها البريطانيون والأمريكيون، على الخط الفاصل بين طريق  ليدو وميتكيينا ولاشيو.

بالإضافة إلى الاهتمام بتأمين إستراتيجية تقليدية في ميانمار، تحتاج الصين أيضًا إلى تنفيذ إستراتيجية حزام واحد طريق واحد  أو ما يُعرف بمبادرة الحزام والطريق. وبهذه الطريقة وبصرف النظر عن استخدام القوة الاقتصادية كأداة تفاوضية، فإنها تستخدم موقعها كوسيط أساسي في صراع الأقليات العرقية في ميانمار لكسب النفوذ في حكومة البلاد، حيث أنه لا يمكن التغاضي عن أن الصين تدعم بعض الجماعات المتمردة العرقية، من جانبها، تعتبر ميانمار بالنسبة للهند طريق العبور الضروري للاتصال اقتصاديًا مع بقية دول جنوب شرق آسيا. كما تجدر الإشارة إلى أن قديما، دعمت الهند أيضًا مقاتلي الأقليات العرقية لكسب النفوذ في ميانمار.

وعلى الرغم من أن الانقلاب في ميانمار يبدو أنه يرجع إلى عوامل داخلية في الغالب، تحددها الجغرافيا السياسية للبلد،  إلا أن هذا الإنقلاب قد يكون له تداعيات مهمة على السياسة الدولية. في الواقع ربما ستعتمد ميانمار بشكل متزايد على الصين، خاصة  إذا كان عليها أن تلجأ إلى تدابير سلطوية للحفاظ على الوحدة الوطنية، لأن هذا الوضع سيضعها في مواجهة تصادمية مع الولايات المتحدة، التي يمكن أن تفرض عقوبات اقتصادية عليها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للصين التوسط في نزاعات متعددة مع الميليشيات العرقية والمقاتلين.

ختاما إذا فقدت  الولايات المتحدة الأمريكية و بعض الدول الغربية نفوذهم في ميانمار، والتي  أصبحت دولة ديكتاتورية جديدة معتمدة بالأساس على الصين، سيكون على الولايات المتحدة حينها الحذر أكثر عند فرض العقوبات عليها.
المصدر: ذي بوليتكال روم