المؤتمرات القومية رهينة اجندات قاصرة
بي دي ان |
11 نوفمبر 2025 الساعة
01:12ص
الكاتب
في محاولة لقراءة تجربة المؤتمرات القومية في الوطن العربي، التي تأسست في عقد التسعينات من القرن الماضي وفي السنوات السابقة من القرن الحادي والعشرين ومنها: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية، التي تعمل جميعها تحت راية المؤتمر القومي العربي ولاحقا تأسس المؤتمر الشعبي العربي عام 2017، جميع هذه الائتلافات هدفت الى النهوض بالحالة القومية العربية ودعم قضية العرب المركزية – القضية الفلسطينية، ومواجهة التبعية لدول الغرب الامبريالي، واستنهاض القوى الوطنية القومية في الدول العربية، غير ان بعض المؤتمرات خلطت بين القومية والدين، وأطلقت على نفسها اسما يجانب الصواب، كما " المؤتمر القومي الإسلامي"، لأنها غيبت دور الشخصيات والقوى القومية العربية من الدين المسيحي، وأتباع القوى اليسارية والنظريات الفكرية الوضعية، مما أفقدها طابعها القومي الحقيقي، وكي تنخرط مع قوى حزبية ودينية ذات خلفيات غير عربية بحكم الواقع الجيو سياسي في بعض الساحات العربية التي كانت عواصمها مركزا لتأسيسها، كما بيروت العاصمة اللبنانية، ودمشق العاصمة السورية، التي لعب نظام الأسدين الاب والابن دورا رئيسيا فيها، على اعتبار أنه نظام ممانعة قومي، الامر الذي شوه طابعها القومي الديمقراطي، وجعلها أسيرة سياسات القوى الفاعلة والمؤثرة فيها.
من خلال النظرة العلمية والسياسية الفكرية، فإن المؤتمرات القومية والأحزاب الكلاسيكية العربية، التي كانت ومازالت تعاني من أزمات بنيوية حادة، وباتت عبئا على الشعوب والقومية العربية، لأن تجاربها التاريخية أكدت فشلها وهزيمة برامجها، ونفور الشعوب منها، كونها انكفأت في دوائرها الحزبية الضيقة، وليس في الإطار الوطني فقط، ولم يبق من القومية الا الاسم، وبالتالي باتت القوى القومية المشكلة لها تابعة لتلك النظم والاطر غير المؤهلة لحمل راية القومية العربية، وانعكست أزمات الأنظمة والاطر عليها، وأفقدها دورها الحقيقي.
فضلا عن تبعية الغالبية منها لمرجعية حزب الله اللبناني وخلفيته وتبعيته للنظام الإيراني الفارسي، الذي لا يمت بصلة للقومية العربية، لا بل كان ومازال نقيضا للقومية العربية، وعمل ويعمل منذ صعود نظام الملالي الإيراني عام 1979 على تقويضها وتعزيز امتداداته القومية الفارسية، مما عمق أزمات تلك المؤتمرات، نتاج التبعية الجلية لسطوة حزب الله ومرجعيته الفارسية.
وفي ضوء تجربة المؤتمرات المختلفة يتضح، أولا أنها لا تملك، ولم تتمكن من وضع برنامجا قوميا حقيقيا، بحكم افتقار القوى المختلفة المشكلة لها لرؤية فكرية سياسية واضحة للقومية العربية، وضعها في ذيل القوى المهيمنة في الجغرافيا السياسية العربية والاقليمية؛ ثانيا التناقضات الجلية بين مكوناتها المشكلة لها فكريا وسياسيا واجتماعيا؛ ثالثا فشل تجارب الأحزاب والقوى والشخصيات في مجالها الوطني، ولم تتمكن من تحقيق أي من مهامها الوطنية والقومية؛ رابعا انعكاس مرجعياتها وأزماتها على دورها على المستويين الوطني والقومي؛ خامسا تأثير المال السياسي على هويتها الفكرية والسياسية، حتى بات غالبيتها فاقد بوصلته ودوره الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبالضرورة الفكري وخاصة القوى اليسارية، أو المحسوبة عليه؛ سادسا عدم مراجعتها لتجاربها السابقة، ولم يقف أي من المؤتمرات المتلفعة بالثوب القومي العربي أمام تجربته الخاصة، وإعادة نظر في البرامج التي اعتمدها كأساس ناظم لها، رغم سقوط الأنظمة والقوى التي اتكأت عليها؛ سابعا حصر دور المؤتمرات المتعاقبة لها خلال العقود الماضية في لقاءات دورية لإصدار البيانات الختامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وكلمات المندوبين الجوفاءوفارغة المضامين، والمليئة بالشعارات الغوغائية والديماغوجية.
مجمل هذه العوامل أكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان تلك المؤتمرات بقيت رهينة أجندات قاصر ومشوهة، ولا تمت بصلة للقومية العربية الا بالاسم والشكل، دون محتوى فكري معرفي سياسي يتماهى مع مصلحة الجماهير العربية صاحبة المصلحة الحقيقة في برنامج قومي عربي نهضوي، مؤهل لتشكيل رافعة قومية عربية حقيقية.
وبالنتيجة فإن هناك ضرورة وطنية وقومية لحل تلك المؤتمرات، والعمل على تأسيس مؤتمرات قادرة على وضع برنامج فكري اجتماعي وسياسي يتمثل مصالح الجماهير العربية وفق الشروط التاريخية التي تعيشها الامة العربية في القرن الحادي والعشرين.
[email protected]
[email protected]
بي دي ان |
11 نوفمبر 2025 الساعة 01:12ص
من خلال النظرة العلمية والسياسية الفكرية، فإن المؤتمرات القومية والأحزاب الكلاسيكية العربية، التي كانت ومازالت تعاني من أزمات بنيوية حادة، وباتت عبئا على الشعوب والقومية العربية، لأن تجاربها التاريخية أكدت فشلها وهزيمة برامجها، ونفور الشعوب منها، كونها انكفأت في دوائرها الحزبية الضيقة، وليس في الإطار الوطني فقط، ولم يبق من القومية الا الاسم، وبالتالي باتت القوى القومية المشكلة لها تابعة لتلك النظم والاطر غير المؤهلة لحمل راية القومية العربية، وانعكست أزمات الأنظمة والاطر عليها، وأفقدها دورها الحقيقي.
فضلا عن تبعية الغالبية منها لمرجعية حزب الله اللبناني وخلفيته وتبعيته للنظام الإيراني الفارسي، الذي لا يمت بصلة للقومية العربية، لا بل كان ومازال نقيضا للقومية العربية، وعمل ويعمل منذ صعود نظام الملالي الإيراني عام 1979 على تقويضها وتعزيز امتداداته القومية الفارسية، مما عمق أزمات تلك المؤتمرات، نتاج التبعية الجلية لسطوة حزب الله ومرجعيته الفارسية.
وفي ضوء تجربة المؤتمرات المختلفة يتضح، أولا أنها لا تملك، ولم تتمكن من وضع برنامجا قوميا حقيقيا، بحكم افتقار القوى المختلفة المشكلة لها لرؤية فكرية سياسية واضحة للقومية العربية، وضعها في ذيل القوى المهيمنة في الجغرافيا السياسية العربية والاقليمية؛ ثانيا التناقضات الجلية بين مكوناتها المشكلة لها فكريا وسياسيا واجتماعيا؛ ثالثا فشل تجارب الأحزاب والقوى والشخصيات في مجالها الوطني، ولم تتمكن من تحقيق أي من مهامها الوطنية والقومية؛ رابعا انعكاس مرجعياتها وأزماتها على دورها على المستويين الوطني والقومي؛ خامسا تأثير المال السياسي على هويتها الفكرية والسياسية، حتى بات غالبيتها فاقد بوصلته ودوره الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبالضرورة الفكري وخاصة القوى اليسارية، أو المحسوبة عليه؛ سادسا عدم مراجعتها لتجاربها السابقة، ولم يقف أي من المؤتمرات المتلفعة بالثوب القومي العربي أمام تجربته الخاصة، وإعادة نظر في البرامج التي اعتمدها كأساس ناظم لها، رغم سقوط الأنظمة والقوى التي اتكأت عليها؛ سابعا حصر دور المؤتمرات المتعاقبة لها خلال العقود الماضية في لقاءات دورية لإصدار البيانات الختامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وكلمات المندوبين الجوفاءوفارغة المضامين، والمليئة بالشعارات الغوغائية والديماغوجية.
مجمل هذه العوامل أكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان تلك المؤتمرات بقيت رهينة أجندات قاصر ومشوهة، ولا تمت بصلة للقومية العربية الا بالاسم والشكل، دون محتوى فكري معرفي سياسي يتماهى مع مصلحة الجماهير العربية صاحبة المصلحة الحقيقة في برنامج قومي عربي نهضوي، مؤهل لتشكيل رافعة قومية عربية حقيقية.
وبالنتيجة فإن هناك ضرورة وطنية وقومية لحل تلك المؤتمرات، والعمل على تأسيس مؤتمرات قادرة على وضع برنامج فكري اجتماعي وسياسي يتمثل مصالح الجماهير العربية وفق الشروط التاريخية التي تعيشها الامة العربية في القرن الحادي والعشرين.
[email protected]
[email protected]