معركة الجثامين: وجهٌ آخر للكيل بمكيالين
بي دي ان |
29 أكتوبر 2025 الساعة 06:22م
بينما تقوم دولًا بإرسال فرق للبحث عن جثامين الرهائن الإسرائيلية المحتجزة في غزة، بعد صيحات عدة أطلقها نتنياهو والإسرائليين بضرورة الإفراج عن تلك الجثث، والتي يهدد طوال الوقت باستئناف المقتلة على الأبرياء والمدنيين في غزة حال عدم العثور عليهم، في الوقت ذاته تحتجز إسرائيل مئات الجثامين لفلسطينيين في "مقابر الأرقام الجماعية" والتي خصصت لدفنهم فيها واستبدال أسماء الجثامين بالأرقام، في مشهد مهين لكرامة وإنسانية الإنسان، وبشكل مخالف للقوانين والتشريعات الدولية التي تحفظ كرامة جثث الموتى واحترام دفنه بما يتناسب مع شرائعهم الدينية.
لقد بدأت سياسة احتجاز الجثامين كنهج وسلوك وحشي سلكه الاحتلال كجهة احتلال واستعمار مستخدما شتى طرق الإذلال تجاه الفلسطينيين الأحياء منهم والأموات، وتزايدت هذه السياسة بشكل جلي عام 1967، لتصل أوجها عام 2015، بعد إقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، رغم معارضة التشريعات الدولية لذلك، لكنها كعادتها تضرب عرض الحائط بكل الأعراف والتقاليد الدولية.
إسرائيل التي تلعب دور الضحيةُ مستغلة قلة من الجثامين المحتجزة في غزة، مازالت حتى اللحظة تحتفظ بأربعة مقابر جماعية، وهي : مقبرة جسر "بنات يعقوب" وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982 ومابعدها، ومقبرة "بير المكسور" والتي يحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كتب عليها "مقبرة لضحايا العدو" وكذلك مقبرة "ريفيديم" بغور الأردن، ومقبرة "شحيطة" شمال طبريا.
أضف لذلك وماهو أخطر، تصريحات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء التي تتعلق بانتزاع أعضاء الشهداء وبيعها لمراكز طبية، وقد عزز هذه السردية شهادات عائلات فلسطينية وثقت استلام جثامين أبنائها مصاحبة لآثار عمليات جراحية وأعضاء تم سرقتها من أجساد الضحايا.
الاحتلال الذي يتلكأ بالجثامين بدافع رغبته الجامحة باستئناف القتال على غزة، لم يكتف بهذا القدر من الجرائم البشعة بل استمر باحتجاز جثامين الشهداء خلال الإبادة الجماعية في غزة بعد السابع من أكتوبر حيث اعتقل آلاف المواطنين ونكل بهم، ومؤخراً بعد اتفاق وقف إطلاق النار الهش؛ أعاد عشرات الجثامين عليها آثار التعذيب، ومنهم تم سرقة أعضاءه وحشو الأجساد المفرغة بالقطن.
وفي ذات السياق ارتكب جريمة مركبة أيضا بحق الشهداء حين أرسل الجثامين بدون أسماء، ليحرم ذويهم من وداعهم وإقامة جنائز لهم كما يليق وتم دفنهم أيضاً بمقابر جماعية، لتعيش مئات العائلات حسرات الفقد وعدم معرفة أبناءهم إذ كانوا أحياءا أو أموات، وهنا كان لزاما على المفاوض الفلسطيني والوسطاء عدم قبول أي جثمان دون كتابة الاسم على الجثمان.
منذ بدء وجود الاحتلال على أرضنا سمحنا له الكيل بمكيالين، وسمحنا له التعامل معنا بدونية، مقابل أفضلية بل قدسية جنوده الغاصبين.
لابد أن نعترف بفشل وسوء خطاباتنا التنظيمية التي دائما ما أوحت للعدو وللعالم أننا نعشق الموت ولا تعنينا الحياة وتعاملنا نحن بهذا المنطق، والذي ليس من حقنا أن نصرح بذلك نيابة عن الآخرين، فنحن شعب نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، وهذا لا يعني تساهلنا مع وجود الاحتلال وغطرسته، وهذه إحدى الخطايا التي ارتكبناها خلال سنوات الاحتلال.
لقد فشلت فصائلنا على الدوام بكيفية الحفاظ على قيمة الإنسان وأهميته حيث أنه فقط هو رأس مالنا.
لاذنب لأهلنا وذوي الشهداء أن يتحملوا ذنب احتقار أبناءهم بهذه الطريقة من قبل الكيان، ولا أعلم كيف ممكن تصحيح هذا الجرم بحق الشهداء وذويهم؟! علنا نستفيد من هذه التجربة القاسية نتلاشاها فيمن تبقى من جثامين محتجزة، وعلى الوسطاء أن يدركوا قساوة المشهد جيدا بل ومدى جرم الفعل، والضغط على الكيان لاحترام الجثامين وكيفية نقلهم لذويهم بطريقة تحترم آدميتهم وفقاً للقيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
في معركتنا مع الاحتلال على مدار سنوات طويلة تعلمنا أنه إذا هانت علينا أنفسنا، بالطبع سنهون على الآخرين، وطالما تفرد فصيل بالقرار، لن تكون النتائج مرضية ولن تكون لائقة بحجم التضحيات.
مازال الاحتلال يستغل ضعفنا وتناحرنا ليفرض شروطه المجحفة بحقنا، وإن لم نستفيد من تجاربنا سيدوس علينا ليس الاحتلال فقط بل ستسحقنا الأمم أكثر مما نحن عليه الآن، فهل نعتبر بالسويعات الباقية؟!
لقد بدأت سياسة احتجاز الجثامين كنهج وسلوك وحشي سلكه الاحتلال كجهة احتلال واستعمار مستخدما شتى طرق الإذلال تجاه الفلسطينيين الأحياء منهم والأموات، وتزايدت هذه السياسة بشكل جلي عام 1967، لتصل أوجها عام 2015، بعد إقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، رغم معارضة التشريعات الدولية لذلك، لكنها كعادتها تضرب عرض الحائط بكل الأعراف والتقاليد الدولية.
إسرائيل التي تلعب دور الضحيةُ مستغلة قلة من الجثامين المحتجزة في غزة، مازالت حتى اللحظة تحتفظ بأربعة مقابر جماعية، وهي : مقبرة جسر "بنات يعقوب" وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982 ومابعدها، ومقبرة "بير المكسور" والتي يحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كتب عليها "مقبرة لضحايا العدو" وكذلك مقبرة "ريفيديم" بغور الأردن، ومقبرة "شحيطة" شمال طبريا.
أضف لذلك وماهو أخطر، تصريحات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء التي تتعلق بانتزاع أعضاء الشهداء وبيعها لمراكز طبية، وقد عزز هذه السردية شهادات عائلات فلسطينية وثقت استلام جثامين أبنائها مصاحبة لآثار عمليات جراحية وأعضاء تم سرقتها من أجساد الضحايا.
الاحتلال الذي يتلكأ بالجثامين بدافع رغبته الجامحة باستئناف القتال على غزة، لم يكتف بهذا القدر من الجرائم البشعة بل استمر باحتجاز جثامين الشهداء خلال الإبادة الجماعية في غزة بعد السابع من أكتوبر حيث اعتقل آلاف المواطنين ونكل بهم، ومؤخراً بعد اتفاق وقف إطلاق النار الهش؛ أعاد عشرات الجثامين عليها آثار التعذيب، ومنهم تم سرقة أعضاءه وحشو الأجساد المفرغة بالقطن.
وفي ذات السياق ارتكب جريمة مركبة أيضا بحق الشهداء حين أرسل الجثامين بدون أسماء، ليحرم ذويهم من وداعهم وإقامة جنائز لهم كما يليق وتم دفنهم أيضاً بمقابر جماعية، لتعيش مئات العائلات حسرات الفقد وعدم معرفة أبناءهم إذ كانوا أحياءا أو أموات، وهنا كان لزاما على المفاوض الفلسطيني والوسطاء عدم قبول أي جثمان دون كتابة الاسم على الجثمان.
منذ بدء وجود الاحتلال على أرضنا سمحنا له الكيل بمكيالين، وسمحنا له التعامل معنا بدونية، مقابل أفضلية بل قدسية جنوده الغاصبين.
لابد أن نعترف بفشل وسوء خطاباتنا التنظيمية التي دائما ما أوحت للعدو وللعالم أننا نعشق الموت ولا تعنينا الحياة وتعاملنا نحن بهذا المنطق، والذي ليس من حقنا أن نصرح بذلك نيابة عن الآخرين، فنحن شعب نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، وهذا لا يعني تساهلنا مع وجود الاحتلال وغطرسته، وهذه إحدى الخطايا التي ارتكبناها خلال سنوات الاحتلال.
لقد فشلت فصائلنا على الدوام بكيفية الحفاظ على قيمة الإنسان وأهميته حيث أنه فقط هو رأس مالنا.
لاذنب لأهلنا وذوي الشهداء أن يتحملوا ذنب احتقار أبناءهم بهذه الطريقة من قبل الكيان، ولا أعلم كيف ممكن تصحيح هذا الجرم بحق الشهداء وذويهم؟! علنا نستفيد من هذه التجربة القاسية نتلاشاها فيمن تبقى من جثامين محتجزة، وعلى الوسطاء أن يدركوا قساوة المشهد جيدا بل ومدى جرم الفعل، والضغط على الكيان لاحترام الجثامين وكيفية نقلهم لذويهم بطريقة تحترم آدميتهم وفقاً للقيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
في معركتنا مع الاحتلال على مدار سنوات طويلة تعلمنا أنه إذا هانت علينا أنفسنا، بالطبع سنهون على الآخرين، وطالما تفرد فصيل بالقرار، لن تكون النتائج مرضية ولن تكون لائقة بحجم التضحيات.
مازال الاحتلال يستغل ضعفنا وتناحرنا ليفرض شروطه المجحفة بحقنا، وإن لم نستفيد من تجاربنا سيدوس علينا ليس الاحتلال فقط بل ستسحقنا الأمم أكثر مما نحن عليه الآن، فهل نعتبر بالسويعات الباقية؟!