تهجير الفلسطينيين هوس ترمب

بي دي ان |

22 أكتوبر 2025 الساعة 12:22ص

الكاتب
الموافقة على خطة الرئيس دونالد ترمب المتعلقة بوقف الحرب على قطاع غزة، لم تكن عبثا، او تساوقا مع اخطارها التي تتهدد سكانه بالتهجير الى دول المنطقة، انما الأساس في الموافقة يرتكز لاهم نقاطها: وهي وقف الإبادة الجماعية على الشعب، ووقف التهجير القسري، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة للسكان، وانقاذهم من المجاعة القاتلة، وتبنيا لإعادة الاعمار. ولم تغب للحظة ابعاد وأهداف الخطة الأميركية، التي تستهدف الشعب والقضية والمشروع الوطني وجوهره استقلال وسيادة الدولة الفلسطينية على أراضيها، وحق تقرير المصير للشعب والعودة، وقطع الطريق على فصل القطاع عن الضفة الغربية، بيد ان الهاجس والهدف المركزي للقيادة والقوى السياسية وعموم الشعب، باستثناء قلة منه عمياء ومسكونة بإدامة الحرب والتضحية بالشعب تحت عناوين مرضية ومشبوهة وخطيرة، كان وقف الإبادة وحماية من تبقى من الشعب من الموت المعلن والانقراض. ولهذا تبنت الغالبية العظمى خطة الرئيس الأميركي كممر اجباري، وليس توافق معها بنتائجها الكارثية، وادراكا من قيادة منظمة التحرير والدولة والقوى السياسية الوطنية أن سيرورة الاحداث كفيلة بالحؤول دون بلوغ المؤامرة مراميها وغاياتها الخطيرة، من خلال تشبث الشعب بالأرض والوطن، رغم الظروف العصيبة الفظيعة التي يعيشها المواطنين.
وعود على بدء، في ملف التهجير القسري أو "الطوعي" لأبناء الشعب من غزة، فإن هذا الهدف الاجرامي الأخطر في تاريخ القضية، مازال يسكن عقلية الرئيس العقاري صاحب مشروع "ريفييرا الشرق" وهاجسه الثابت وبوصلة خطته الهمجية، وهو ما أكده في مقابلته مع قناته المفضلة "فوكس نيوز" يوم الاحد 19 تشرين اول / أكتوبر الحالي، أي قبل يومين، بالقول "أعجبني الأمر، كأنه مكان الحرية، سمّه "مكان الحرية"، وسنوفر لجميع سكانه منازل لائقة في جميع انحاء المنطقة." وتابع "هناك أراضي واسعة في مصر والأردن ودول أخرى" وأضاف " انظروا الى غزة. أعني لا يوجد شيء قائم. كل شيء عبارة عن أنقاض، لذا ليس من الصعب تجاوز ذلك، وسنبني منازل تدفع تكلفتها من ثروات أغني الدول" في أراضي الدول العربية المجاورة، عندما سألته المذيعة ماريا بارتيرمو في برنامجها "صنداي مورنينج فيوتشرز".
هذا يشير بشكل جلي، أن الاهتمام من قبل الرئيس ال47 وادارته الجمهورية ليس من باب التضامن مع الشعب الفلسطيني عموما والقطاع خصوصا، ولا مع حقوقه السياسية والقانونية، ولا من باب الحرص على إعادة تسكين وتأهيل المواطنين في مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، وتأمين المأوى المؤقت لحين إزالة الردم والدمار الهائل، وإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الأميركية والإسرائيلية طيلة العامين الماضيين، انما لبلوغ هدفه مع إسرائيل اللقيطة لتهجير السكان من ارض وطنهم الام فلسطين، وطمس هويتهم الوطنية، وإقامة مشروعه العقاري "ريفييرا الشرق". لأن غزة "أعجبته"، وهي حسبه "مكانا للحرية"، وهو يقصد حرية بناء العقارات وانشاء مشاريع سياحية ونهب الثروات الطبيعية من نفط وغاز، بعد ارتكاب أبشع جريمة تطهير عرقي للسكان ومن وطنهم في التاريخ المعاصر، وتحويل القطاع الى منطقة تجارة حرة، ومنفصلة عن الضفة الفلسطينية.
ويخطئ من يعتقد، أن الإدارة الجمهورية الأميركية يمكن ان تكون يوما الى جانب الحقوق الوطنية الفلسطينية، أو معنية بها من الأساس، لأن خيارها المركزي هو تبديد المصالح العليا للشعب، وتصفية القضية الوطنية بما فيها النظام السياسي الذي هشمته وانهكته دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية من خلال توسيع وتعميق عملية الاستيطان الاستعماري الوحشية، التي تلتهم الأرض بشكل مستعر وجنوني، فضلا عن هجمات قطعان المستعمرين المتواصلة على القرى والمدن، وجرائم الحرب كافة التي ترتكبها على مدار الساعة في الضفة الفلسطينية، من حواجز وبوابات وتدمير المخيمات وتهجير سكانها في محافظات الشمال والجنوب والوسط، والقرصنة على الأموال، وتدمير الاقتصاد بمجالات كافة.. الخ، وبالتالي لا يعتقد أحد من الشعب أو الاشقاء العرب أو في العالم، أن القيادة الفلسطينية يمكنها الوقوع في فخ الرهان على ترمب وادارته، ولا على أي إدارة أميركية بغض النظر عن الحزب الحاكم فيها.
لكن فن السياسة يحتم إدارة الصراع بحنكة ودراية للخروج من نفق الابادة الجماعية الوحشية، ومواصلة النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني وتعزيز وتطوير المقاومة الشعبية لحماية المصالح العليا للشعب، والتعاون مع الاشقاء والأصدقاء في العالم لصد الهجمة الترامبية النتنياهوية، والدفع قدما باستقلال الدولة الفلسطينية على أراضيها المحتلة في الرابع من حزيران / يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا يحتاج الى ترسيخ وتعميق الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وكبح جماح القوى العبثية في الساحة وخاصة حركة حماس الانقلابية، والزامها بالاستحقاقات الوطنية، لنزع الذرائع الإسرائيلية والأميركية ومن يدور في فلكهم.
[email protected]
[email protected]