الشيطان يكمن في التفاصيل

بي دي ان |

06 أكتوبر 2025 الساعة 02:21ص

الكاتب
منذ تم الإعلان عن خطة دونالد ترمب ببنودها ال 21، أبدى المتابعين والمعلقين والمحللين والكتاب والقيادات السياسية تحفظات عليها، لوجود نواقص ومثالب فيها، وخاصة في التفاصيل المتعلقة بها، كما قال المثل الشعبي: " الشيطان يكمن في التفاصيل"، كونها افتقرت للتفاصيل المختلفة المتعلقة بمراحل انسحاب الجيش الإسرائيلي، وحدود الانسحاب، هل هو من كامل القطاع أم من أجزاء منه؟ وعدم وجود روزنامة زمنية لسحب السلاح من حركة حماس، هل سيكون خلال أسبوع أو شهر أو أكثر؟ وما هي الكيفية التي سيتم فيها سحب السلاح؟ ومن الذي سيسحب السلاح؟ هل هو الولايات المتحدة الأميركية، أم مجلس السلام، أم القوات الدولية، أم القوات العربية، أم إسرائيل، أم أجهزة الامن الفلسطينية؟ ولمن سيسلم السلاح؟ وهل سيكون هناك ترابط بين مراحل تطبيق الخطة، أم هناك فصل بين بنودها المختلفة؟ وما هي الضمانات الدولية والعربية لانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع؟ ومتى سيبدأ إزالة الردم؟ وهل ستسمح إسرائيل بدخول الاليات لتنفيذ ذلك فورا؟ ومتى سيبدأ تنفيذ إعادة الاعمار؟ وهل حكومة نتنياهو ملتزمة بالإفراج عن أسرى الحرية الفلسطينيين بعد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين؟ وما هي الضمانات أيضا؟ ومتى ستسمح إسرائيل بعودة النازحين الفلسطينيين لديارهم في مدينة غزة وشمال القطاع؟ وهل سيوقف الجيش الإسرائيلي عملياته الحربية أم سيواصل خروقاته وارتكاب المزيد من عمليات الإبادة وفق اجندته؟
ومتى ستتسلم اللجنة الإدارية الفلسطينية مسؤولياتها؟ هل سيكون بشكل مباشر وفي اليوم التالي، أم ستحتاج الى مرحلة انتقالية لتولي مهامها؟ ومتى ستتولى منظمة التحرير والحكومة المباشرة في تولي مهامها السياسية والقانونية والإدارية على القطاع، أم أن فيتو نتنياهو وإصلاحات الرئيس ترمب المفروضة على الدولة الفلسطينية ستحول دون ذلك؟ وهل سيبقى الفصل قائما بين الضفة والقطاع، أم ستعود القيادة السياسية الفلسطينية لتولي مهامها ومسؤولياتها بعد انتهاء المرحلة الانتقالية؟ وفي حال وجود تباينات في تفسير نقاط وبنود الخطة، من هو الطرف الذي سيحدد ويقرر الإجابة وحسم الخلاف؟ هل هو الرئيس الأميركي نفسه، أم مجلس السلام أم إسرائيل وحكومتها؟ ومن هو مجلس السلام وشخوصه، هل تم تحديدهم؟ ولماذا لم يعلن عنهم حتى الان؟ وفي حال اعترضت القيادة الفلسطينية على أي شخصية منهم، ما هو الحل؟ وما هي الفترة الزمنية المحددة للمفاوضات؟ وهل ستشارك حركة حماس في مختلف مراحل المفاوضات، أم سيقتصر دورها التفاوضي عند حدود البنود التسع الأولى من الخطة؟ ومن سيشارك في مفاوضات اليوم التالي؟ هل هي اللجنة الإدارية الفلسطينية أم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية؟ وهل فعلا ستشمل الخطة تعميم عملية السلام في الوطن الفلسطيني كله، أم تعود الإدارة الأميركية ورئيسها الى صفقة القرن التي طرحها في ولايته الأولى؟ وما هي حدود الخطة عربيا وإقليميا، هي ستفرض على إسرائيل التوقف عن بلطجتها على دول الإقليم، أم ستواصل عدوانيتها لتغيير الشرق الأوسط وفق اجندتها المشتركة مع الولايات المتحدة، وتعميم "السلام الابراهيمي"؟ وماذا عن مبادرة السلام العربية والخطة العربية الدولية التي اقرها ووافق عليها 142 دولة في مؤتمر نيويورك برئاسة فرنسا والعربية السعودية لدعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، أم أن خطة ترمب تجاوزتها واسقطتها؟
وماذا عن التزام إسرائيل بوقف الاستيطان الاستعماري في الضفة الفلسطينية؟ وهل ستلتزم بما أعلنه الرئيس ترمب عن عدم ضم الضفة الغربية، أم ستواصل تنفيذ مشاريعها الاستعمارية؟ وماذا عن القدس العاصمة الفلسطينية والوضع في حوضها المقدس، الذي انتهكه، ومازال ينتهكه قطعان المستعمرين ووزراء حكومة إسرائيل الفاشيين؟ هل ستلتزم إسرائيل بالاستاتيكو التاريخي، أم ستبقى منقلبة عليه؟ وماذا عن أموال المقاصة والقرصنة الإسرائيلية عليها؟ هل ستبقى رهينة عند سموتريش وحكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية؟ وما هو دور الإدارة الأميركية في رفع يد الوزارة الإسرائيلية عنها؟ ومتى سيتم تفكيك البوابات ورفع الحواجز التي قاربت على الالف المنصوبة بين المدن والقرى وخنق المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية؟ وكيف ستتعزز مكانة الكيانية الفلسطينية لتكريس عملية السلام، أم سيتم تصفيتها تدريجيا؟ وهل سيقبل الاشقاء العرب والدول المؤيدة لاستقلال دولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في تموز / يوليو 2024، وتبنتها الجمعية العام للأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر من ذات العام؟
كثيرة هي الأسئلة التفصيلية المطروحة التي يجب الإجابة عليها، ووضع الإجابات الدقيقة والواضحة وحسم التباينات والاختلافات بشأنها، ولا يجوز للخطة ولا لمجلس السلام الذي سيشكله الرئيس الأميركي القفز عن استقلال الدولة الفلسطينية، إذا شاء الرئيس ال 47 بلوغ هدف السلام. لأن هناك فرق بين سلام صفقة القرن الفاقد الاهلية وبين الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من الواضح أن المرحلة الأيام القادمة ستشهد اشتباك سياسي وديبلوماسي وشعبي بين الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية وعلى رأسها منظمة التحرير ودولة النازية الإسرائيلية، وعلى الإدارة الأميركية ان تعيد النظر بسياسة الانحياز الاعمى لإسرائيل لإنقاذها من نفسها ومن غطرستها وعنصريتها ونازيتها للوصول للسلام الممكن والمقبول.
[email protected]
[email protected]