أزمة تيارات حماس وخطة ترمب
بي دي ان |
04 أكتوبر 2025 الساعة 12:15ص

الأدوات الوظيفية المرتهنة للقوى الاستعمارية، بغض النظر عن الثوب الذي تتلفع به، سياسيا أو اقتصاديا واجتماعيا أو ديني، عندما ينتهي دورها، تصبح عبئا على ذاتها وأنصارها، وعلى سادتها وحواضنها (الأدوات الأعلى مرتبة في سلم الدور الوظيفي)، مما يغرقها في أنواء ازماتها وتعقيدات اضمحلال وتلاشي الدور، وتتعمق الازمة بين الغالبية من الأعضاء والكوادر الوسطية، وبين القيادات اللصيقة بأهداف الدور الوظيفي، والصراع بين اقطابها وتياراتها، وكيفية الخروج من المشهد بما يحفظ ماء وجوههم. لأن الفريق الأول الذي ضُلل طيلة زمن تورطه في مشروع مشبوه، اكتشف الخدعة الكبرى، وبدأ يدرك أن مصيره الفناء، أو تركه على قارعة الطريق لقمة سائغة للأعداء الذين استعملوه، أو لردود فعل المجتمع الذي عبث في مصيره ومستقبله، فأمسى كالقط المحشور في الزاوية او الغرفة المغلقة.
وإذا أخذنا نموذج حركة حماس، التي انتهى دورها الوظيفي في المشهد الفلسطيني بعد نحو عقدين من الانقلاب الأسود وعامين من الإبادة الجماعية وحرب التجويع، وبعد ان حصد الأعداء أهدافهم المرجوة منه، ولم يعد له دور في أجندة العدو الإسرائيلي، الذي يبحث مع سادته عن أداة جديدة تخدم مخططاته التصفوية للقضية والمشروع الوطني والكيانية الفلسطينية.
ومع تبني الاشقاء العرب وقادة الدول الإسلامية خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الاثنين 22 أيلول / سبتمبر الماضي، ونقل الخطة لقيادة حماس للموافقة عليها، وليس لنقاشها ووضع التعديلات عليها، انطلاقا من موقف زعيم البيت الأبيض المؤكد، أن لدى قيادة حماس من 3 الى 4 أيام التي تنتهي وفقه مساء الغد الاحد 5 تشرين أول / أكتوبر الحالي، ولم يُعر رئيس الإدارة الجمهورية التفاتا للملاحظات التي أعلنها العديد من القادة العرب والمسلمين، بعد إدخال بنيامين نتنياهو تعديلات جوهرية عليها، مما فاقم من الازمة في أوساط قيادة وتيارات حركة حماس، وبينها وبين القيادة الميدانية.
من المواقف المعلنة لقادة حماس، صرح محمد نزال، عضو المكتب السياسي للحركة بعد تسلم الخطة قائلا "الخطة الأميركية عليها ملاحظات، وسنعلن موقفنا منها قريبا"، وأردف "قررنا مناقشة الخطة الأميركية من منطلق وقف الحرب والمجازر، ولا يمكن ان تكون النهاية التفريط بحقوق شعبنا ومواصلة الإبادة الجماعية (...) وجادون في الوصول الى تفاهمات.. لا نتعامل وفق منطق أن الوقت سيف مسلط على رقابنا- نؤكد إننا معنيون بمصالح شعبنا وبوقف المذبحة، ولن نسمح لها بأن تستمر – سنعلن قريبا جدا موقفنا من الخطة ولن يتأخر كثيرا." لا تعليق على الأكاذيب التي ادعاها.
وأعلن مصدر مسؤول آخر من حماس لفضائية "الحدث" دون ذكر اسمه ونشر الأربعاء الماضي الأول من أكتوبر، قال "أن الحركة طلبت بإيضاح بعض بنود خطة ترمب – الحركة طالبت بضمانات بوقف الحرب بشكل نهائي – الحركة تطالب بعدم عودة إسرائيل للحرب – الحركة تطالب بجدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي من غزة – الحركة طالبت التفريق بين سلاحها الهجومي والآخر الدفاعي – السلاح الدفاعي هو حق قانوني مكفول دوليا – إدارة القطاع يجب ان تكون عبر اللجنة الفلسطينية التي سيتم تشكيلها – نرفض أن يدير أي طرف دولي قطاع غزة – للحركة الحق في ادخال تعديلات على خطة ترمب." لا اعرف عن أي قانون دولي يتحدث، وعن أي سلاح هجومي أو دفاعي، في الحرب هناك منتصر وآخر مهزوم، أو ضعيف، عليه ان يقبل بالمساومة حتى لو كانت تحمل غبنا وظلما مقابل حماية الشعب.
في حين ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية، أن قائد كتائب القسام في قطاع غزة عز الدين الحداد، أبلغ الوسطاء برفضه لخطة ترمب. لأنها "صممت لتؤدي الى زوال حركة حماس، سواء قبلت الحركة بها أم لا." وأشار الوسطاء الى ان الحداد "مصمم على مواصلة القتال". لأن الخطة تهدف الى القضاء على حركة حماس. وأشارت القناة الى أن تأثير قادة حماس في الخارج يبقى محدودا (لا بل معدوما) أمام القادة الموجودين على الأرض، موضحة "حتى لو اعتقدنا أن بعض قيادات حماس السياسية في الدوحة منفتحة على قبول الخطة مع بعض التعديلات، لكن تأثيرها سيظل محدودا لعدم امتلاكها السيطرة على الأسرى الإسرائيليين في القطاع. وبالتالي لن يتم الأفراج عن الرهائن الإسرائيليين لا في 72 ولا أكثر من ذلك، ضمن الزمن الذي حددته الخطة. لأن الممسك بالقرار على الأرض رافض لها من حيث المبدأ. متجاهلا شروط الحرب الاجرامية المائلة لصالح العدو الإسرائيلي، ويبدو انه غائب كليا عن رؤية حجم الإبادة الوحشية ضد الشعب واطفاله ونسائه.
تضمنت المواقف المعلنة من قبل من قادة حركة حماس العديد من المواقف العنترية والمتباينة لا بل المتناقضة، معتبرا بعضهم أن حركتهم "منتصرة" وتستطيع ان التقرير في مسار الحرب الاجرامية، ويتجاهلون جميعا موازين القوى على الأرض، وان الاشقاء العرب والقادة المسلمين وخاصة حواضن حركة حماس موافقين على الخطة، فضلا عن ان التناقض جلي وواضح بين من يملك القرار على الأرض، عز الدين الحداد، وبين قادة الحركة في الدوحة، ومن سيدفع الثمن هو الشعب في حال لم يتم الالتزام بالخطة، ويتجاهل جميعهم بغض النظر عن التباينات والاختلافات بينهم، أن دورهم الوظيفي انتهى، وان عليهم الخروج من المشهد السياسي والأمني، وأما عنوان المقاومة فليتركوه للشعب والقيادة، لأن المقاومة فكرة وعطاء وحماية مصالح وحقوق الشعب السياسية والقانونية، وحقن دم أبنائه من الإبادة الجماعية، فضلا عن ان المقاومة ليست الكفاح المسلح فقط، بل هي النضال السياسي والقانوني والمقاومة الشعبية السلمية، وبالتالي عليهم الكف عن المتاجرة بالدين ودم الشعب، وليقطعوا لمرة واحدة الطريق على العدو الإسرائيلي النازي، وأما وفاء إسرائيل من عدمه بالعهود والاتفاقات، فهو معروف جيدا لكل بصير، لن يوفوا بأي عهد، ولن يتقيدوا بالخطة، رغم انها لصالحهم، لأن نتنياهو وفريقه يريدون ادامة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولكن في حال وافقوا على الخطة، فانهم يضعوا رئيس الحكومة الإسرائيلية وائتلافه في مواجهة القوى المختلفة، مع ما تحمله من تداعيات سلبية عليهم.
ملاحظة: كتبت المقالة قبل إصدار حركة حماس موافقتها على خطة ترمب. وومع ذلك الموافقة لا تلغي مضمون المقال.
[email protected]
[email protected]
وإذا أخذنا نموذج حركة حماس، التي انتهى دورها الوظيفي في المشهد الفلسطيني بعد نحو عقدين من الانقلاب الأسود وعامين من الإبادة الجماعية وحرب التجويع، وبعد ان حصد الأعداء أهدافهم المرجوة منه، ولم يعد له دور في أجندة العدو الإسرائيلي، الذي يبحث مع سادته عن أداة جديدة تخدم مخططاته التصفوية للقضية والمشروع الوطني والكيانية الفلسطينية.
ومع تبني الاشقاء العرب وقادة الدول الإسلامية خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الاثنين 22 أيلول / سبتمبر الماضي، ونقل الخطة لقيادة حماس للموافقة عليها، وليس لنقاشها ووضع التعديلات عليها، انطلاقا من موقف زعيم البيت الأبيض المؤكد، أن لدى قيادة حماس من 3 الى 4 أيام التي تنتهي وفقه مساء الغد الاحد 5 تشرين أول / أكتوبر الحالي، ولم يُعر رئيس الإدارة الجمهورية التفاتا للملاحظات التي أعلنها العديد من القادة العرب والمسلمين، بعد إدخال بنيامين نتنياهو تعديلات جوهرية عليها، مما فاقم من الازمة في أوساط قيادة وتيارات حركة حماس، وبينها وبين القيادة الميدانية.
من المواقف المعلنة لقادة حماس، صرح محمد نزال، عضو المكتب السياسي للحركة بعد تسلم الخطة قائلا "الخطة الأميركية عليها ملاحظات، وسنعلن موقفنا منها قريبا"، وأردف "قررنا مناقشة الخطة الأميركية من منطلق وقف الحرب والمجازر، ولا يمكن ان تكون النهاية التفريط بحقوق شعبنا ومواصلة الإبادة الجماعية (...) وجادون في الوصول الى تفاهمات.. لا نتعامل وفق منطق أن الوقت سيف مسلط على رقابنا- نؤكد إننا معنيون بمصالح شعبنا وبوقف المذبحة، ولن نسمح لها بأن تستمر – سنعلن قريبا جدا موقفنا من الخطة ولن يتأخر كثيرا." لا تعليق على الأكاذيب التي ادعاها.
وأعلن مصدر مسؤول آخر من حماس لفضائية "الحدث" دون ذكر اسمه ونشر الأربعاء الماضي الأول من أكتوبر، قال "أن الحركة طلبت بإيضاح بعض بنود خطة ترمب – الحركة طالبت بضمانات بوقف الحرب بشكل نهائي – الحركة تطالب بعدم عودة إسرائيل للحرب – الحركة تطالب بجدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي من غزة – الحركة طالبت التفريق بين سلاحها الهجومي والآخر الدفاعي – السلاح الدفاعي هو حق قانوني مكفول دوليا – إدارة القطاع يجب ان تكون عبر اللجنة الفلسطينية التي سيتم تشكيلها – نرفض أن يدير أي طرف دولي قطاع غزة – للحركة الحق في ادخال تعديلات على خطة ترمب." لا اعرف عن أي قانون دولي يتحدث، وعن أي سلاح هجومي أو دفاعي، في الحرب هناك منتصر وآخر مهزوم، أو ضعيف، عليه ان يقبل بالمساومة حتى لو كانت تحمل غبنا وظلما مقابل حماية الشعب.
في حين ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية، أن قائد كتائب القسام في قطاع غزة عز الدين الحداد، أبلغ الوسطاء برفضه لخطة ترمب. لأنها "صممت لتؤدي الى زوال حركة حماس، سواء قبلت الحركة بها أم لا." وأشار الوسطاء الى ان الحداد "مصمم على مواصلة القتال". لأن الخطة تهدف الى القضاء على حركة حماس. وأشارت القناة الى أن تأثير قادة حماس في الخارج يبقى محدودا (لا بل معدوما) أمام القادة الموجودين على الأرض، موضحة "حتى لو اعتقدنا أن بعض قيادات حماس السياسية في الدوحة منفتحة على قبول الخطة مع بعض التعديلات، لكن تأثيرها سيظل محدودا لعدم امتلاكها السيطرة على الأسرى الإسرائيليين في القطاع. وبالتالي لن يتم الأفراج عن الرهائن الإسرائيليين لا في 72 ولا أكثر من ذلك، ضمن الزمن الذي حددته الخطة. لأن الممسك بالقرار على الأرض رافض لها من حيث المبدأ. متجاهلا شروط الحرب الاجرامية المائلة لصالح العدو الإسرائيلي، ويبدو انه غائب كليا عن رؤية حجم الإبادة الوحشية ضد الشعب واطفاله ونسائه.
تضمنت المواقف المعلنة من قبل من قادة حركة حماس العديد من المواقف العنترية والمتباينة لا بل المتناقضة، معتبرا بعضهم أن حركتهم "منتصرة" وتستطيع ان التقرير في مسار الحرب الاجرامية، ويتجاهلون جميعا موازين القوى على الأرض، وان الاشقاء العرب والقادة المسلمين وخاصة حواضن حركة حماس موافقين على الخطة، فضلا عن ان التناقض جلي وواضح بين من يملك القرار على الأرض، عز الدين الحداد، وبين قادة الحركة في الدوحة، ومن سيدفع الثمن هو الشعب في حال لم يتم الالتزام بالخطة، ويتجاهل جميعهم بغض النظر عن التباينات والاختلافات بينهم، أن دورهم الوظيفي انتهى، وان عليهم الخروج من المشهد السياسي والأمني، وأما عنوان المقاومة فليتركوه للشعب والقيادة، لأن المقاومة فكرة وعطاء وحماية مصالح وحقوق الشعب السياسية والقانونية، وحقن دم أبنائه من الإبادة الجماعية، فضلا عن ان المقاومة ليست الكفاح المسلح فقط، بل هي النضال السياسي والقانوني والمقاومة الشعبية السلمية، وبالتالي عليهم الكف عن المتاجرة بالدين ودم الشعب، وليقطعوا لمرة واحدة الطريق على العدو الإسرائيلي النازي، وأما وفاء إسرائيل من عدمه بالعهود والاتفاقات، فهو معروف جيدا لكل بصير، لن يوفوا بأي عهد، ولن يتقيدوا بالخطة، رغم انها لصالحهم، لأن نتنياهو وفريقه يريدون ادامة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولكن في حال وافقوا على الخطة، فانهم يضعوا رئيس الحكومة الإسرائيلية وائتلافه في مواجهة القوى المختلفة، مع ما تحمله من تداعيات سلبية عليهم.
ملاحظة: كتبت المقالة قبل إصدار حركة حماس موافقتها على خطة ترمب. وومع ذلك الموافقة لا تلغي مضمون المقال.
[email protected]
[email protected]