قرار سفر النساء والشباب في غزة بموافقة الولي.. يستدعي وقفة!

بي دي ان |

16 فبراير 2021 الساعة 01:51ص

في الوقت الذي تزداد فيه المطالبة باقرار حقوق المرأة من قبل مؤسسات قانونية وحقوقية دولية، ومؤسسات رسمية ومجتمع مدني وقيادات فلسطينية، إحقاقا لحقوقهن، وليس منة من أحد، وفِي مرحلة حرجة وحساسة في تاريخ قضيتنا الفلسطينية خاصة واننا على أبواب انتخابات تشريعية فلسطينية مرتقبة ومنتظرة منذ أكثر من عقد نستعد فيها لتوحيد شقي الوطن الممزق وتوحيد القضاء والجغرافيا الفلسطينية التي بذل العدو جهدا كبيرا لشق الصف الفلسطيني وفصل الوطن إلى شطرين، وفِي محاولة فلسطينية جادة من كل قوى الشعب الفلسطيني للملمة الشمل وإعادة اللحمة الوطنية، وفِي مرحلة يستبشر بها شعبنا خيراً.

مرحلة تستعد أيضاً  فيها النساء كونها جزء هام وأصيل من مجتمعنا الفلسطيني، لخوض معركة انتخابية من منطلق المرأة الواثقة والقادرة على العطاء والمساهمة في بناء مؤسسات الوطن، نتفاجأ بقرار من "المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بغزة" يقيد حرية السفر للأنثى البكر والثيب على حد سواء، ليتسع القرار ويشترط موافقة الولي في حال السفر، ونحن نستغرب هذا القرار في هذا الوقت الحرج، فالأصل في القرار أن يكون استثناء، أي أنه ممكن أن يمنع السفر في حالات  معينة كدعوى قضائية تستوجب المنع من السفر في حال كان الشخص مرتكب جرم أو شبهة أو ما شابه ذلك، أما أن يكون الأصل المنع فهذا قرار مجحف، ويتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني بنص دستوري الذي يكفل حرية التنقل ولا يجوز بأي حال مخالفته، فتقيد الحركة والتنقل هو قرار مخالف للقانون.

المرأة الفلسطينية هي صاحبة النضال الطويل، وهي الشريك عبر سنوات مريرة تحت وطأة الاحتلال والحصار والانقسام والتي لم تتحمل تبعات كل الواقع المرير فحسب، بل كانت في كثير من الأحيان رب الأسرة والمعيل لها، وكانت عمود الخيمة في حالة فقد الأب، وهي تنتظر الانصاف من مجتمع ذكوري بكل أسف، وتتطلع  لأخذ مكانة أكبر في مجتمعها وتطمح لوصولها إلى محل صناعة القرار، استمرارا لمسلسل العطاء الذي اعتادت عليه طوال حياتها. 

 وهنا نتساءل أن كان يحق للبنت البكر أو المرأة الثيب الترشح لعضوية المجلس التشريعي والرئاسة أيضاً كونها مواطنة فلسطينية أم لا؟! فكيف يحق لها أن تتولى أمور العامة ولا يحق لها السفر ؟! أعتقد أن هذا القرار لا يعتبر مجحفا بحق المرأة فقط، بل يعيدنا إلى العصور الأولى، ويمثل انتهاكا واضحا وصريحا لحقوق وادمية المرأة، أما إذا كان القرار له علاقة بأسلمة القوانين المدنية، فهذا يستوجب إلغاء القانون المدني بكل جوانب الحياة وفرض الشريعة الاسلامية كما وردت.. نحن نتفهم أن يكون هنالك ضوابط للسفر في حالات معينة، كذلك ندرك أن هنالك تنسيق بين عمل القضاء والمعابر في بعض الحالات التي تستدعي منع السفر لأسباب معينة.

 أما أن يتم منع الآلاف بسبب بضع حالات تحوم حولهم شبه معين أو رفض بعض الأهالي لسفر أبناءهم أو بناتهن فهذا غير منصف وغير منطقي، فعلى سبيل المثال كيف لطبيبة أو مديرة مؤسسة لديها مؤتمر بالخارج، هل المنطق أنها تستطيع تمثيل بلدها بالخارج وتنتظر إذن السفر من ولي، وفِي حال كان الأب متوفي وهي إمرأة راشدة هل ستذهب لأخيها الصغير ؟! أرى أن هذا القرار غير مقنع وبهذا الصدد، أعتقد أن إلغاء هذا القرار سيكون قرار صائب لأنه ليس بمحله ولا بوقته. كما أدعو للتصدي له من قبل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية التي تسعى لدعم حقوق المرأة، خاصة أننا اليوم أمام قرار ينتزع أبسط حقوقها وهو حرية التنقل.