تسونامي الاعتراف بفلسطين "يخلخل" أعمدة الرواية الإسرائيلية الزائفة

بي دي ان |

22 سبتمبر 2025 الساعة 09:23م

المشرف العام
أكاد أجزم أنه لايوجد "علم" رفع في ساحات الميادين والأماكن العامة، والبرلمانات، وتوشح به عرب وعجم في كل دول العالم، كما رفع العلم الفلسطيني، في دلالة واضحة على العدالة والحق والإنسانية، علم فلسطين كما الكوفية الفلسطينية، باتوا رمزاً للنضال الفلسطيني ورمزاً للحرية، ووشاحا يرتديه أحرار العالم، الرافضين لكل أوجه الاحتلال والإضطهاد. 

إن ما حدث أمس الأحد من موجات اعترافات دول أوروبية وازنة بالدولة الفلسطينية بعد ما يقارب من 78 عاما من النضال هو نتيجة حتمية للدماء التي نزفت في فلسطين عامة وغزة تحديداً بفعل الإبادة الجماعية خاصة، إن ارتكاب الجرائم الإسرائيلية في غزة وممارستها لتجويع الفلسطينيين وقتلهم وتدمير منازلهم فوق رؤوسهم وغيرها، جعلت العالم أمام مأزق المفاهيم والقيم الإنسانية التي تدعو لها ولم تمارسها أمام شعوبها، مما أثار حفيظة الأحرار في العالم خاصة الشعوب الأوروبية، من طلاب وأكاديميين ونقابات وغيرهم.
 
الإعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية هي استحقاق متأخر، ومع ذلك الاعتراف خير من تجاهل الحق الفلسطيني، وهو خطوة تاريخية أولى مهمة لتثبيت الحق الفلسطيني على أرضه وتعزيز الحضور الفلسطيني في المنظمات والهيئات الدولية نحو حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

إن اعتراف بريطانيا تحديدا وعلى أهمية الدول الأوروبية جميعها، يبقى لها رمزية أكثر أهمية ودلالة، فهي صاحبة الجرم الأكبر في إعطاء فلسطين لليهود عبر "وعد بلفور" ، وها هي اليوم في خطوة علها تكون تكفيراً للذنب، وأن يكون الاعتراف مصحوباً بإجراءات تنفيذية صارمة لوقف الحرب أولا في غزة، ومن ثم وقف الاستيطان وضم الضفة الغربية وغور الأردن، والوصول لحل الدولتين رغم صعوبة الأمر. 

هذه الاعترافات تضع إسرائيل في عزلة ومربع المنبوذ المكروه رغم أنها أوقعت نفسها في مصيدة العزلة والقطيعة بالفعل في كل المجالات "الدبلوماسي والثقافي والأكاديمي والرياضية والفني" وهنا نذكر أن "4000 شخص من السينمائيين حول العالم" وقعوا على عريضة دعت إلى مقاطعة كاملة للتعاون مع إسرائيل، أيضاً إسبانيا، إحدى الدول الخمس الكبار التي تمول مسابقة اليوروفيجين، أعلنت أنها ستنسحب من المسابقة في 2026 في فيينا في حال شاركت إسرائيل، وبهذا تنضم إلى هولندا وأيرلندا وسلوفينيا التي أعلنت احتمالية الإنسحاب أيضا. 

أكاديميا: يتم عزل إسرائيل بباحثيها وأكاديمييها ومقاطعتهم في جمعيات أكاديمية، ووقف العلاقات بين العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث وتم طرد العديد منهم ومقاطعتهم ومنعهم من المشاركة العلمية في برامج بحثية. ناهيك عن منع دول كثيرة من بيع أو استيراد أسلحة من الكيان بسبب المجازر في غزة، والغاء صفقات أسلحة بلغت مئات الملايين من الدولارات. وقريبا جدا قد يتم تعليق اتفاقيات تجارية كانت قد أبرمت بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. 

إذا الكيان أمام حالة اختناق كبيرة وغرق في وحل جرائمه ومجازره، التي اقترفها بكل عنجهية ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، ولا شك أنه أصيب بحالة هستيرية من هذا التسونامي، مما أدى إلى ردات فعل سريعة، حيث ضاعف القصف والقتل على غزة من جانب، واستنكر الكثير من الوزراء موجات الاعتراف، وبدأ يطلق تهديدات بتحويل أراضي B إلى c، ونزع أراضي من السلطة الفلسطينية وضم أجزاء من الضفة، ومنهم من نادى بضم الضفة الغربية كلها، واعتقال الرئيس الفلسطيني، وغير ذلك. 

إذا نحن على العتبات الأولى لإنصاف الفلسطينيين ولكن مع ذلك مطلوب زيادة الاعتراف من باقي الدول، والأهم العمل على تنفيذ خطوات عملية توقف الحرب وتوقف الدمار والجنون الإسرائيلي الجارف في غزة والضفة والقدس، وصولاً للحرية والإنعتاق من هذا الاحتلال وجرائمه. 

وفي ذات السياق سيجتمع غداً ترامب بقيادة دول عربية "الإمارات مصر الأردن قطر السعودية إلى جانب تركيا"، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للبحث في آلية وقف الحرب واليوم التالي، نتمنى ألا يخضع العرب لشروط ورغبات ترامب التجارية العقارية، وأن يشكلوا نواة لوحدة عربية قوية قادرة على الدفاع عن الحقوق العربية، وأن يكونوا قد استخلصوا العبر من انتهاك سيادة قطر، وأدركوا أن أميركا لا حليف لها ولا صديق، على أمل أن يضغطوا باتجاه وقف المقتلة في غزة، مستغلين سلسلة الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، فمازال ترامب يسعى لتنفيذ صفعة القرن التي تعتبر صفعة للعرب والمسلمين جميعا في حال تمت لاقدر الله، فهل يفعلها العرب ويوقفوا الحقد الأسود والجرم الأبشع في العصر الحديث؟!