إلى أي مدى سيستطيع العرب مجاملة الدوحة ؟!

بي دي ان |

15 سبتمبر 2025 الساعة 11:47ص

المشرف العام
في ظل انعقاد القمة العربية والإسلامية في الدوحة اليوم، 
لابد لنا أن نقف وننظر إلى أي مدى يستطيع العالم العربي والإسلامي مجاملة قطر، أعتقد أنه مهما كان السخاء بالمجاملة لن يتعد بوابة القاعة العملاقة، هكذا أثبت التاريخ العربي وعلى ما يبدو سيبقى مستمر بذات الوتيرة التي لا ترضي الشعوب العربية على الأغلب، وحسب المتوقع أن يتم إصدار بيانات واستنكارات معدة مسبقاً في الإطار المسموح به.

نعم لقد تم انتهاك سيادة قطر ممن تستضيفهم قطر على أرضها، وممن تدفع لهم مليارات الدولارات وبسخاء، انتهك سيادتها وشرعيتها من تدفع لهم تحت الطاولة شهرياً، ومن تدعمهم في انتخاباتهم الحكومية، ومن تدفع لهم لكبرياء قطر الذي كانت تظن أنه لن يكسر، وبالمناسبة وبغض النظر عن موقفي شخصياً من الدوحة وما لعبته من أدوار مشينة في موسم "الخريف العربي" ودعم حركة حماس في الإنقلاب على السلطة الفلسطينية في غزة، ودورها سيء الصيت والسمعة بدعم الانقسام الفلسطيني على حساب تعزيز قيام الدولة الفلسطينية، ودورها في تأجيج الصراعات الطائفية العربية، رغم كل ذلك نرفض بشدة ونأسف هذا الانتهاك الصارخ والفاضح لسيادة أي دولة عربية لأنه يعتبر انتهاكاً للعواصم العربية. 

لقد كان ومازال - موقف قطر غريباً وغير مفهوماً حيال دعمها بملايين الدولارات شهرياً لحركة حماس عبر مطار بن غوريون الإسرائيلي، في حين لم تدفع هذه المبالغ لتعزيز الصف الفلسطيني ودعم الوحدة الفلسطينية، وهذا بالطبع حمل ومازال يحمل علامات استفهام كثيرة، وقد لا نحتاج جواباً من أحد، فصورة الموقف القطري جلية وواضحة. 

يجتمع اليوم بالدوحة الرؤساء العرب والمسلمين للبحث في طبيعة الرد على الانتهاك الإسرائيلي لسيادة الدوحة، لعل الدوحة تدرك أن العمق العربي الذي كثيراً ما تخلت عنه ولم تضعه في عين الاعتبار، وأدارت له ظهرها متجهة نحو أعداء الأمة العربية والإسلامية، هم الذين بإمكانهم مساندتها فعلياً وإن كان بشكل متواضع، أو على الأقل لن يضروها بشيء مما فعلت.
 
نعم حضر وسيحضر الرؤساء العرب للدوحة، لكن إلى أي مدى ممكن مجاملة قطر هذا السؤال المهم، فإذا كانت المقتلة الإسرائيلية وحرب الإبادة على غزة خلال ما يقارب عامين، لن تستطع خلالها الأمة العربية من التقدم خطوة واحدة تجاه غزة، ولم يستطيعوا تقديم كسرة خبز ولا كوب ماء، ولا فردة حذاء لأطفال غزة الجوعى والحفاه بفعل أسوأ وأقذر احتلال في العصر الحديث، وإذا كانت جميع مشاهد الحرب الدامية والمرعبة، والتي توصف بأنها من أهوال يوم القيامة، لم تحرك العرب حيالها ساكن، بل إن صوت واحد من الشعوب العربية لم يخرج، بخلاف دول الغرب التي تنظم يوميا مظاهرات واعتصامات استطاعت بالفعل تشكيل رأي عام والتأثير على حكوماتهم، في حين الأخوة العرب في صمت قتل معنى وجوهر الأخوة والعروبة، وعلى القومية.. السلام. 

إذا إزاء هذا المشهد الفلسطيني، هل سيكون انتهاك سيادة قطر أعظم من الجرائم البشعة التي تنفذ كل لحظة بحق المواطنين في غزة، هل سيكون انتهاك الأرض على أهميتها أهم وأخطر من انتهاك أعراض النساء وقتل الأطفال وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها ؟! 

إن مشهد أمس لقصف الاحتلال الإسرائيلي، لأبراج غزة والتي تطايرت خلاله جثث وأشلاء الأطفال لمناطق وأحياء سكنية أخرى من هول القصف وشدة كمية المتفجرات المستخدمة، كان أولى أن يحرك الرؤساء والزعماء لاتخاذ إجراءات صارمة وقرارات حقيقية نافذة بحق الكيان المارق، وبما أن الفاعل في غزة والدوحة واحد، إذا سيكون ذات الرد العربي الاستنكاري، وذات التحذير والتهويش (وفق المسموح به) وبالمناسبة هذا أيضاً يحزن الشعوب العربية والإسلامية كافة، فالشعوب تريد رؤية دولها وحكوماتها ذات نفوذ وصاحبة قرار ينفذ ويحترم. 

تتطلع الشعوب لهذه القمة في ظل هذا التبجح الأمريكي والإسرائيلي بعين الأمل، أن تختلف هذه القمة عن سابقاتها، ويستفاد من الدروس السابقة والقاسية، لأن هذه القمة قد تكون الفرصة الأخيرة أمام الدول العربية والإسلامية لتحديد موقف واضح وجريء وشجاع تجاه أعداء الأمة، وتشكيل قوة عربية قادرة على التصدي لأي عدوان خارجي، وهذا ما طرحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2015 ، فهل يفعلها العرب؟! 

في ذات السياق هل ستقوم حماس بإلقاء ملف المفاوضات بيد العرب على أمل وقف الإبادة الجماعية وليفعل العرب ما يجب فعله إزاء وقف الحرب، أم أن حماس ستظل ماضية في تيهها وضلالها خدمة لمصالحها الحزبية على حساب الدم الفلسطيني ؟! 
لننتظر ماتحمله القمة في جعباتها على كل الأصعدة ولنرى.