الخليل رافعة وطنية

بي دي ان |

02 سبتمبر 2025 الساعة 12:27ص

الكاتب
في تزامن وتسارع مع المخطط الاستعماري الإسرائيلي القاضي بفرض السيادة الكاملة على الضفة الغربية، وتبديد الكيانية الفلسطينية، وتصفية المشروع الوطني، وبالتوازي مع تعميق وتوسيع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في محافظات الوطن عموما وقطاع غزة خصوصا على مدار 697 يوما من الحرب الأميركية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، شرعت حكومة بنيامين نتنياهو النازية بتنفيذ مشروعها لفرض السيطرة المتدحرجة على محافظات الشمال بعد فرض التهجير القسري وطرد السكان من مخيمات محافظات جنين وطولكرم وطوباس، وتوسيع عمليات الهدم لأحياء ومنازل المواطنين، وفرض الحصار المطبق عليها لمنع السكان من العودة لمخيماتهم وممتلكاتهم، على مدار الشهور السبعة الماضية وفق خطة منهجية، ومع ما يجري من طرد السكان الفلسطينيين من 33 تجمعا بدويا في محيطة محافظة القدس العاصمة الفلسطينية، بالإضافة للانتهاكات المتشعبة في احياء زهرة المدائن وهدم الاثار التاريخية تحت المسجد الأقصى، أعلنت حكومة الائتلاف الإسرائيلية عن مخطط استعماري جديد يستهدف فصل محافظة خليل الرحمن عن محافظات الوطن الشمالية، وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ودعوة العشائر لإقامة "إمارة مستقلة".
والمشروع الكولونيالي الجديد القديم، الذي يعتبر امتدادا لمشروع روابط القوى الذي سعت لإقامته في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وكانت محافظة الخليل رأس حربه للمخطط الاجرامي، وأفشلته الجماهير الشعبية وقواها الوطنية في الخليل وغيرها من محافظات الوطن، الا ان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وعلى رأسها حكومات نتنياهو الست لم تتوقف عن مواصلة العمل لتحقيق أهدافها الاجرامية لتصفية القضية الوطنية، وكانت تمكنت لفرض الانقلاب الحمساوي على قطاع غزة في أواسط حزيران / يونيو 2007، ومازال قائما حتى اللحظة الراهنة، والذي لن يكون مآله أفضل من المشاريع التأمرية السابقة. لأن الشعب العربي الفلسطيني وقواه الوطنية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب لن تستسلم، ولن تذعن لإرادة المستعمر الصهيو أميركي وادواته.
ومن أهداف المشروع الصهيوني الجديد في محافظة الخليل، التي صاغها كل من الوزير نير بركات والدكتور شموئيل شاي وآخرين، وأطلقوا عليها اسم "السيادة والتعايش – حكم ذاتي متقدم في يهودا والسامرة" ويشمل إقامة "امارة الخليل": أولا إعادة فرض السيطرة الإسرائيلية الشاملة على محافظات الضفة الفلسطينية؛ ثانيا إبقاء الفلسطينيين في كانتونات منفصلة، أو حكم ذاتي في كل محافظة على انفراد، مهمته ترتكز على تقديم الخدمات الأساسية، وإدارة التعليم والمؤسسات الدينية والرعاية الاجتماعية؛ ثالثا الزام الفلسطينيين في الكانتونات المختلفة تبني الرواية الإسرائيلية، وحق إسرائيل الكامل في الهيمنة على الضفة بما فيها القدس العاصمة، والتنازل عن المشروع الوطني والكيانية الفلسطينية، وطمس وهدم والتخلي الطوعي عن الرموز والمعالم الوطنية والقومية وخاصة العلم والنشيد الوطني وإلغاء جواز السفر الفلسطيني؛ رابعا وضعت خطة تحت عنوان "الازدهار الاقتصادي" عبر رصد مبلغ 30 مليار دولار أميركي خلال عقد للاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا الحديثة والخدمات التجارية والسياحية، وتشبيك العلاقة بين الشركات الإسرائيلية والفلسطينية تحت الرعاية الأميركية والعربية الخليجية.
هذه الخطة بالضرورة ستفشل، كما فشلت المشاريع الاستعمارية السابقة، وكان أول مسمار في نعشها، هو المؤتمر الشعبي الذي عقد أمس في مقر محافظة الخليل وشارك فيه وجهاء العشائر من أبناء المحافظة والنخب الوطنية وممثلي القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والدينية تحت رعاية محافظ الخليل وممثلي الدولة الفلسطينية، وأعلنوا بشكل قاطع مبايعتهم والتزامهم بقيادة الرئيس أبو مازن وقيادة منظمة التحرير والحكومة الشرعية، وأكدوا تمسكهم الثابت بوحدة الوطن والشعب، والتفافهم حول المشروع الوطني في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وشددوا على رفض المشروع الصهيوني، ورفض الامارة وتقسيم المحافظة تحت أي ذريعة أو مسمى، وأكدوا على التزامهم ودعمهم للجهود الوطنية في ترسيخ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي تحت الراية الوطنية الجامعة.
وما تقدم، يعكس التماسك الوطني، وأصالة أبناء الشعب عموما وفي مقدمتهم وجهاء العشائر، الذين كان لهم دور أصيل على مدار عقود الصراع مع العدو الإسرائيلي، ولم يتخلفوا تاريخيا عن حماية المشروع الوطني، ولن يذعنوا راهنا لخيار دولة الفصل العنصري النازية الإسرائيلية ومشاريعها الوهمية، ولن ترهبهم أو تثنيهم تهديدات ووعيد أجهزة الامن الإسرائيلية، التي قامت أمس صباحا باقتحام بيوت مدراء المدارس في المحافظة، وابلاغهم "أن مؤسسات السلطة الوطنية لم تعد موجودة، وعليهم الالتزام بالتعليمات الإسرائيلية"، غير انهم اسوة بأبناء المحافظة جميعا، كما كانوا سابقا خط دفاع أمامي عن وحدة الأرض والشعب والمشروع الوطني، مازالوا في الخندق الامامي لمواجهة المشروع التآمري الجديد، ولن يفت في عضدهم الازمة المالية التي تعيشها الحكومة الفلسطينية نتاج القرصنة الإسرائيلية على أموال المقاصة، وسيتحملون المسؤولية الشخصية والوطنية في الدفاع عن مصالح الشعب العليا من خلال حماية المنهاج الوطني وتربية الأجيال الصاعدة تربية وطنية صلبة، وستبقى الخليل كما كانت دوما رافعة أساسية للمشروع الوطني والقيادة الشرعية.
[email protected]
[email protected]