السلطة الوطنية... دفاعًا عن المستقبل

بي دي ان |

30 أغسطس 2025 الساعة 09:57م

كاتب
 
لقد حذرنا منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة بأن المعركة الأساسية التي تخوضها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي في الضفة الفلسطينية المحتلة، وأن الحكومة الاسرائيلية اليمينية اتخذت قرارات تعسفية قبل السابع من أكتوبر لتصفية القضية الفلسطينية وتقويض المشروع الوطني الفلسطيني. ومن ثم، استغلت هذه الحكومة أحداث السابع من أكتوبر لتسريع مشروعها الاستعماري الاحلالي في الضفة المحتلة. وبالفعل، ما زالت اسرائيل تنفذ سياساتها في إطار مسارين واضحين: الأول هو تقويض وإنهاء السلطة الوطنية الفلسطينية، والثاني هو توسيع الاستيطان وابتلاع مناطق الضفة وعزلها عن بعضها البعض. 
في الواقع، إن الشعب الفلسطيني يخوض الان معركة كبرى، ولربما هي كبرى المعارك، وتتمثل هذه المعركة بضرورة الدفاع عن السلطة الوطنية وتعزيز صمودها في ظل قيام إسرائيل بالعديد من الخطوات الرامية الى إنهاء وجود السلطة الوطنية في قطاع غزة والضفة المحتلة، وفي ظل قيام حكومة الاحتلال بتجفيف مصادر التمويل لدى السلطة، وقرصنة أموال المقاصة، وإضعاف قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في فرض الأمن والاستقرار. وفي النتيجة، فإن السلطة الوطنية تواجه اليوم أعتى حكومة إسرائيلية من حيث التطرف والراديكالية والشعبوية، وهذا ما يظهر جلياً في تصريحات وزراء الحكومة الاسرائيلية مثل نتنياهو وسموتريتش وبن غفير الذين يتهمون السلطة بالارهاب، ويطالبون بتطبيق مزيد من السياسات التي تهدف الى تقويضها. 
إننا مطالبون اليوم كفلسطينيين ليس فقط الى الصمود، وإنما أيضاً الى تعزيز صمود السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية في مواجهة هذه المعركة الموجهة ضدها وضد الشعب الفلسطيني. إنها بالفعل أكبر المعارك، حيث أن غياب السلطة الوطنية وإضعافها يعني غياب وحدة التمثيل والهوية النضالية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية، ويعني تراجع قضية الأسرى والشهداء، وغياب كفالة السلطة لعائلاتهم، ويعني أيضاً غياب معركة الدولة الفلسطينية المستقلة عن المحافل الدولية. ويعني إضافةً الى ذلك انتشار الفوضى وعدم الاستقرار في كافة مناطق الضفة الفلسطينية المحتلة. وأخيراً، فإن إنهيار السلطة الوطنية سيؤدي الى فقدان أكثر من 165 ألف موظف فلسطيني لوظائفهم وانتشار الفقر في عائلاتهم. وبالضرورة، وتبعاً لذلك، فإن وجود السلطة الوطنية وبقائها ودفاعها عن الحق الفلسطيني يعتبر مطلباً فلسطينياً بامتيار، فهو مطلب كل الفلسطينيين في الضفة المحتلة والقطاع. وبالتالي، علينا جميعاً أن نقف صفاً موحداً للحيلولة دون نجاح حكومة إسرائيل المتطرفة للقضاء عليها. يجب علينا أن نتماسك في هذا الظرف الدقيق، وأن نوحد طاقاتنا ونستدعي وحدتنا الوطنية، ونمنع التعامل مع كافة الأجسام البديلة، وأن نعزز الوعي بالسيادة الوطنية التي تمثلها سلطتنا الوطنية، فالسيادة ليست فقط عملية سلطوية مادية، وإنما أيضاً هي مكانة الدولة في الوعي الفردي والجمعي للمواطنيين بأن لهم دولة أو انه يجب ان تكون لهم دولة.