سوقً حرة

بي دي ان |

28 أغسطس 2025 الساعة 08:59ص

الكاتب
 بعيون مفتوحة لا تَطرُف، ونظرات تُنذِر بثورة لا يعلم سوى الله مداها، ثورة الصامتِين الذين طال بهم الصمت والصبر، سألني: تفتكر كم واحد بيؤيد موالسة الخراب و أتحاد ملاك القضية لآن؟ قلت له : مش أكتر من 1000 عشان أي حد تاني بيؤيدهم، يا خايف على نفسه يا على أكل عيشه.

الواقع يقول أن تقضي كل شرائح المجتمع بقية عمرها غاضبة، تعاني الأَمرَّين وأن تظل تستمع لدجل ودجلانة ثنائية الجحيم، ولكلٍّ منهم أسبابه؛ لكن العامل المشترك بين كل هؤلاء، هو الاتفاق على فشل ثنائية الجحيم  فشلا ذريعا ومخزيا، كلٌ فيما يخصه، واستمرارهم معناه كارثة آخرى محققة.

صحيح أن هناك بالطبع فئات أقل، متعاطفة مع ثنائية الجحيم ولكن لايصلح ولا يصح القياس عليها، فهم إما خائفون من فقدان الوظيفة، أو لأنهم أصحاب منفعة. 
طيب، هل ثنائية الجحيم منتبها لحالة الغضب المُتفشية بين شرائح المجتمع وفئاته المختلفة و واعية لتعدد أسبابها؟ لا أظن، فنظام موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية لايزال يسير على ذات النهج القديم، هو لايعي أن الزمن تغير وأن الظرف اختلف.

فقال: لكل حرفة صيَّاعها، و كل حزب فى فمه قطعة لحم من موطن برئ، و كل شيء الآن بثمنه؛ ثنائية الجحيم أصبحا شركاء الانقسام بعد تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، بفضل سجلِّهم الحافل بالتأمر وتنجير الخوازيق لبعضهم البعض، في عددٍ من صفقات السوق السوداء، وهذا هو الوقت الملائم لاقتطاع جزءٍ أكبر من الكعكة، لكل من ينجح في ترويج البضاعة المربحة...مصيبتُنا تأتي دائمًا من داخلنا لا من أعدائنا.

قلت له: نحن نتراوح بين السيئ والأسوأ ، لكن إمتى حانِخلَص من أفلام الكارتون وأحزاب الكارتون، وموالسة الكارتون، و عرائس "الماريونيت" و شخصيات  كَخُشُبٍ مسنده..هل هذا يليقُ بنا؟ فقال: اليس تاريخ العالم ، في معظمه، صراع شعوب من اجل نيل حريتها من اغراب محتلين او حكام جائرين بعضهم لم يكن اكثر من عصابة من اللصوص؟ لماذا يعتقد البعض أن القضية تشذ عن القاعدة؟ لماذا يتجاهل البعض التاريخ الوطني العظيم والكفاح المشرف للشعب منذ النكبة، حتى تاريخه والذي يملأ مجلدات من الشرف والتضحية والرجولة؟

فقال: نعم... لكن بعد أن تحوَّلتْ قضيتك المنكوبة إلى مركزٍ للتآمر السياسي والانقسامات والجاسوسية، ووكرٍ لتجارة الوطنية والدماء والأرزقية والمتطفلين، بجانب جهاتٌ لا تعلو على الشبهات، و لكل إنسانٌ فاشل غير جدير بالاحترام...جماعات متفرقة شلل ودكاكين بأكملها على هيئة غير هيئة بني الوطن!! أحزاب وتنظيماتٌ سياسية تُموِّلها جهات مختلفة، تقدر تقول...سوقًا حرة لكافَّة المصالح وشخصيات احتكَرتْ أمورَ البلد وثَرواتِها؛ و كلهم مثل بعض، و الكل الآن ينوعون ارتباطاتهم تحسُّبًا للمفاجآت، أن كل ما جرى من أضرارٍ وضحايا لم يعُد ذا موضوع، بالنسبة لثنائية الجحم.

قلت له: والناس. كيف يسكتون على ذلك؟!
ابتسَم في شيءٍ من التهكُّم وقال: إن ثنائية الجحيم قتَلت في الناس كل قدرة على العمل الجماعي بعد تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني؛ صدِّقني...هم عارفين كتالوج الشعب كويس جدا جدا. أو على الأقل عشان مبقاش مُبَالغ، هم هارشين كل الحركات اللي ممكن تعملها الناس، وخصوصا بعد تنفيذ مخطط الانقسام، وعارفين يطلعوك إمتى، ويخفوك إمتى، ويضربوك في اعصابك إمتى.

وممكن خلال 5 دقايق تلاقيهم عاملين لك محرقة او انقسام جديد على الانقسام الحالي او على قديمة، وفوقه محرقة هدية. فالقضية الوطنية لم يعد لها معنًى عندهم، فماذا تنتظر منهم؟ أن الأمر أعمقُ من ذلك بكثير. نحن لا نأخذ منهم غير الكلام والفساد، لسنا سوى قطع شطرنج في اللعبة بين ثنائية الجحيم، وثنائية الجحيم قطع احجار بين الشرق والغرب، و بين العرب والعجم، و بين الروس والأمريكان.

لا شيء. سوى أننا ملَلْنا هذا النوع من الأفلام، ثم إنهم سبب البلاء الذي نعيش فيه، فهناك جوانبُ عديدة غامضة في نظري. لكن الوقت ضيقًا، وكنتُ أعرف بتجربتي أن الأمور تتضح دائمًا مع الوقت.
فاقتنعت ولساني حالي يقول له... تصدق انت صح.
وللحديث بقية.