الدولة وحزب الله والسلاح

بي دي ان |

21 أغسطس 2025 الساعة 09:02ص

الكاتب
القى زعيم حزب الله، نعيم قاسم خطابا يوم الجمعة 15 آب / أغسطس 2025 في اعقاب قرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة وحدها دون غيرها من القوى والأحزاب اللبنانية في الخامس من ذات الشهر، ولم يكن القرار منفردا للحكومة، انما هو بإجماع الرئاسات الثلاث: الرئاسة اللبنانية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، واستنادا الى خطاب القسم الذي القاه الرئيس جوزيف عون، وبيان الحكومة التي يشارك فيها وزراء من حزب الله، ولم يعترضوا عليه. بالتالي اتهام الحكومة لوحدها، وكأنها تفردت بالقرار دون التوافق والتكامل مع الرئاسات الأخرى فيه اجحاف وقلب للحقائق، والأخطر كان تهديد قاسم ب "حرب كربلائية"، وقلب ظهر المجن في وجه الشعب والدولة والحكومة بالقول "إما نعيش معا، أو على الدنيا السلام، وأنتم تتحملون المسؤولية، ولا حياة للبنان إذا كنتم ستقفون في مواجهتنا." ورفض تسليم السلاح أو وضع صيغة مشتركة تضمن السلم الأهلي والاستقرار والتعايش المشترك للكل اللبناني. لا سيما وان الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، زعيم القطب الشيعي الثاني، ورئيس الحكومة نواف سلام حريصون على حل مسألة سلاح الأحزاب والقوى السياسية ومنها حزب الله بما يضمن سلامة ومستقبل الدولة ووحدتها ووحدة الشعب، دون العودة للوراء، وترك الأمور على عواهنها وبلاءاتها السابقة.
ثم لماذا التهديد والوعيد وعظائم الأمور والحرب الكربلائية؟ هل تستدعي اللحظة السياسية التي يعيشها لبنان في الظرف والواقع الحالي اللجوء الى ذلك؟ ألم يوافق الحزب على وقف إطلاق النار والانسحاب خلف نهر الليطاني بعد النكسات الخطيرة التي اصابته في مقتل بعد اغتيال زعمائه السابقين وعلى رأسهم الأمين العام السابق حسن نصر الله وخليفته المفترض هاشم صفي الدين، ومقتلة البيجرز التي طالت الالاف من شهداء الحزب، وقبلهم اغتيال فؤاد شكر الرجل الثالث في الحزب في نهاية تموز / يوليو 2024؟ وعلى أهمية ما ورد في خطاب الأمين العام الحالي بشأن استطلاع الرأي الذي أشار الى ان نسبة اللبنانيين الذين يعتقد 72% منهم، ان السلطة اللبنانية لا تستطيع لوحدها لجم إسرائيل، ولكن هل هذه النسبة طالبت أن يبقى السلاح بيد الحزب، أم انها افترضت ان على لبنان الاستعانة بالأشقاء العرب والقوى الضامنة للاتفاق بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية لكف يد إسرائيل النازية عن لبنان؟ أين هي مصلحة الحزب والدولة والشعب؟ هل بالذهاب الى حرب كربلائية وفتح نيران الحرب الاهلية مجددا؟ ألا يكفي لبنان ما واجهه على مدار العقود الماضية من حروب؟
ما ذكره قاسم عن نزعات إسرائيل ومن خلفها الإدارة الأميركية بالسعى لتوسيع سيطرتها على فلسطين التاريخية ولبنان وسوريا والأردن ومصر والعراق والسعودية، أي إقامة إسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، وهذا ما أعلنه بنيامين نتنياهو وأركان ائتلافه النازي صحيح، لكن كيف تتم مواجهة ذلك؟ ألا يوجد خيار غير الحرب الاهلية؟ لماذا تجاهل امين عام الحزب لغة الحوار الوطني، ووضع رؤية برنامجية وطنية، أو كما ذكر بوضع الدولة خطة وطنية دفاعية استراتيجية والحقيقة ان المطلوب من أهل النظام العربي الموجه له التهديد المباشر بالسيطرة على أراضيهم وللدول العربية الأخرى بشكل غير مباشر استراتيجية موحدة لمواجهة الاخطار الإسرائيلية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار. لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع؟ وهل الاتكاء على الجمهورية الإيرانية والاستقواء بها على الدولة اللبنانية يصب في مصلحة الحزب؟ وهل شرعية الحزب لا تكون الا ببقاء السلاح بيد مقاتليه؟ الا توجد صيغة أخرى؟ وهل مازال الحزب قادرا على المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة بعد الضربات المميتة التي تعرض لها؟ الم تتغير المعادلات السياسية والأمنية العسكرية في الساحة اللبنانية ودول الجوار العربي المحيطة بلبنان؟
من حق الحزب الدفاع عن وجوده كشريك في المعادلة اللبنانية، ولكن كيف يدافع عن وجوده؟ هل بالحرب الاهلية والحرب الكربلائية والاستقواء بإيران التي تخلت عن الحزب، وتركته يدفع الثمن غاليا من دم قياداته واعضائه وانصاره؟ أين هي حكمة حسن نصر الله، التي نطق بها في اعقاب حرب 2006، وحكمتكم بعد سلسلة الضربات التي وجهت لكم منذ تموز / يوليو الماضي وما اعقبها حتى ابرام الاتفاق في 27 تشرين ثاني / نوفمبر 2024، وموافقتكم على وقف الحرب المجنونة على لبنان عموما والحزب وجماهيره خصوصا في الجنوب والضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت؟ الا يمكن الدفاع عن مكانة الحزب وشرعيته بالحضور السياسي والمشاركة الفاعلة مع المكونات اللبنانية المختلفة؟ وهل شرعية حركة أمل شريككم الشيعي ارتكزت على السلاح، أم على مشاركتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؟ وهل تمكنتم من مواجهة إسرائيل المنفلتة من عقال القانون الدولي؟  
النتيجة المنطقية والمتوائمة مع المعادلات الجديدة في الساحة اللبنانية والمنطقة العربية والاقليم تتطلب رؤية أكثر حكمة ومسؤولية تجاه الذات الحزبية وتجاه مصالح الشعب والدولة اللبنانية بعيدا عن لغة العنتريات والتهديد والوعيد، والاستقواء بإيران الفارسية، التي تريد ابقاءكم أداة في عجلة حساباتها وأهدافها القومية. لأن الخاسر الأكبر سيكون الحزب ومعه الشعب اللبناني ككل. لذا مطلوب من قيادة الحزب مراجعة الذات وقراءة المشهد بنظرة واقعية للخروج من المأزق.
[email protected]
[email protected]