سلوفينيا ومجموعة لاهاي تتقدم الصفوف

بي دي ان |

07 أغسطس 2025 الساعة 11:01م

الكاتب
شكلت الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحولا نوعيا في الرأي العام العالمي بمستوييه الأهلي والرسمي، وإن كان بعض الانزياح الرسمي لصالح فلسطين وحقوق شعبها، جاء نتيجة ضغط القوى الشعبية الداخلية والعالمية، وأي كان سبب الانزياح، فانه يعتبر نقلة هامة تستوجب المراكمة عليها. ومما لاشك فيه، يمثل التطور النوعي في مواقف الشعوب والدول رافعة هامة في دعم القضية والشعب والمشروع الوطني والدولة الفلسطينية المحتلة، رغم تعاظم وحشية الإبادة الجماعية وحروب التجويع والامراض والاوبئة، وانتقال المشروع الصهيوني من إدارة الصراع مع القيادة والشعب الفلسطيني الى مرحلة الحسم والتصفية في السنوات الأخيرة التي تفتك بأبناء الشعب أطفالا ونساءً وشيوخا، الا أن نبض وأنين ووجع وصراخ المجوعين المكتوم، لأنهم لم يعودوا يقووا على الحديث او حتى البكاء، لأن الدموع جفت ونضبت في العيون، ومع ذلك بات صدى صوت كارثتهم وفاجعتهم يصل الى آخر أصقاع الأرض، وطرق أبواب قلوب وعقول الحكام والنخب السياسية، حتى أن نكبتهم العظمى وصلت لبعض أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزب الجمهوري، وحدث ولا حرج عن المشهد العالمي بدءً من جامعات وميادين وشوارع الولايات المتحدة الأميركية مرورا بلندن وباريس وبرلين ولاهاي وروما وهافانا وبوغوتا وكيت تاون وبرازيليا ودبلن ولشبونة ومدريد وجاكرتا وتونس والرباط والجزائر وبغداد وطرابلس الغرب وماناغوا وسانتياغو واوسلو وغيرها من عواصم القارات الخمس.
هذا التطور خطا خطوة هامة في تموز / يوليو الماضي، حيث أعلنت 13 دولة من "مجموعة لاهاي لدعم فلسطين" في مؤتمرها الأخير الذي عقد في العاصمة الكولومبية بوغوتا يومي الخميس والجمعة 17 و18 من الشهر بمبادرة من كل من كولومبيا وجنوب افريقيا عن فرض عقوبات على دولة الإبادة الجماعية الاسرائيلية منها: وقف تصدير الاسلحة الى إسرائيل، ومنع مرور السفن المحملة بها عبر موانئ هذه الدول، ومراجعة شاملة للصفقات الحكومية لمنع أي دعم مالي أو مؤسسي لدولة الاستعمار الإسرائيلي، كما تعهد المشاركون بدعم التحقيقات الدولية في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة. والدول صاحبة المبادرة الأولى عالميا في فرض العقوبات هي: بوليفيا وكوبا واندونيسيا وكولومبيا والعراق وليبيا وماليزيا وناميبيا ونيكاراغوا وجنوب افريقيا وسلطنة عُمان وسانت فنسنت والغرينادين.
وفي خطوة أوروبية نوعية أعلنت سلوفينيا يوم الخميس في 31 تموز / يوليو، أنها ستوقف كل التبادلات المتصلة بالأسلحة مع إسرائيل بسبب الحرب على قطاع غزة، وأشارت الحكومة السلوفينية في بيانها، الى انها أقرت قرارا بمبادرة من رئيس الوزراء روبرت غولوب، بحظر تصدير وعبور الأسلحة والمعدات العسكرية من جمهورية سلوفينيا أو عبرها الى إسرائيل، وكذلك الاستيراد من إسرائيل الى الدولة. وتابع البيان "يأتي هذا القرار تنفيذا لتصريحات رئيس الوزراء روبرت غولوب، الذي أعلن مرارا – وآخرها على هامش قمة المجلس الأوروبي في حزيران / يونيو الماضي – أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من اتخاذ إجراءات ملموسة بحلول منتصف يوليو، فإن سلوفينيا ستتصرف بشكل مستقل." وأضاف البيان "بسبب الخلافات الداخلية وغياب الوحدة فإن الاتحاد الأوروبي غير قادر حاليا على القيام بهذا الدور."
عليه يعتبر الموقف السلوفيني كسرا للاستعصاء والتعطيل المتعمد من قبل بعض الدول المؤيدة والداعمة للإبادة الجماعية الإسرائيلية، كما انه يشكل حافزا مهما للدول المؤيدة في أوساط الاتحاد الأوروبي للحاق بها، وعدم المراوحة وانتظار الاجماع، كونه لن يحصل بسبب بعض الدول، ويعتبر موقف الحكومة السلوفينية تمثلا للقوانين الدولية، وتعزيزا لها، ورفض سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، وخرقا جليا لسقف السياسة الأميركية، وتجاوزا لعصا الطاعة العمياء لتلك السياسات المتواطئة مع دولة الاستعمار النازي الإسرائيلي، وتعميدا لاستقلالية القرار السلوفيني.
كما ان الضرورة تملي الإقرار بأهمية موقف الدول ال10 التي أعلنت من خلال مشاركتها في مؤتمر نيويورك بقيادة فرنسا والمملكة السعودية يومي الاثنين والثلاثاء في 28و 29 تموز / يوليو الماضي عن استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة ال80 في أيلول / سبتمبر القادم، كما أنه يعتبر إضافة نوعية في مسار دعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وتعزيزا لمكانة الدولة الفلسطينية المحتلة، ودفعا مهما للضغط على حكومة الائتلاف الإسرائيلي الحاكم للوقف الفوري والدائم للحرب، ورفض التهجير القسري، ودعما للمؤسسات الأممية وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا" في مواصلة دورها ومهامها في توزيع المساعدات الإنسانية على أبناء الشعب الفلسطيني، وإعطاء زخم لإعادة اعمار ما دمرته الإبادة الجماعية. والاهم سحب البساط من الرعاية الأميركية المتفردة في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، التي عبثت بالسلام، كونها شريكا وقائدا للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وزيادة عزلة إسرائيل اللقيطة.
المشهد العالمي يشي باتساع دائرة التحول الإيجابي في مواقف وسياسات وإجراءات دول العالم، رغم عتمة وظلام الموت والابادة المتفاقمة والكارثية في فلسطين عموما وقطاع غزة خصوصا.
[email protected]
[email protected]