دروس النكبة المتراكمة
بي دي ان |
14 مايو 2025 الساعة 10:38ص

ونحن نقترب من طي الشهر ال17 من الإبادة الجماعية الصهيو أميركية على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة خصوصا والضفة والقدس العاصمة عموما، يحيى اليوم الأربعاء 14 أيار / مايو 2025 الشعب ذكرى النكبة الكبرى ال77، التي حلت بالشعب والقضية والمشروع الوطني في 15 أيار / مايو 1948 مع الإعلان رسميا عن قيام دولة إسرائيل النازية واللقيطة، ونجم عنها تشريد 950 الف مواطن فلسطيني من أرض الوطن الى المنافي ودول الشتات، والسيطرة على 78% من مساحة فلسطين التاريخية، وضم الأردن الضفة الغربية عام 1950 في مؤتمر اريحا الشكلي، وبقاء قطاع غزة معزولا تحت الإدارة المصرية، وهو الجزء الذي بقي يحمل اسم فلسطين، في ظل تواطؤ الإرادة الأممية وخاصة دول الغرب الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة وبمشاركة بعض الأنظمة العربية آنذاك على الشعب الفلسطيني، وطمس حقوقه السياسية والقانونية في إقامة دولة قرار التقسيم 181 الدولي الصادر عام 1947، رغم الغبن والظلم التاريخي الذي تضمنه القرار الاممي آنف الذكر، ونتاج غياب قيادة وطنية واعية لأبعاد المخطط الاستعماري حينئذ، ووجود انقسام وشرخ بين القيادات الفلسطينية، المنقسمة على نفسها على أساس عشائري وجهوي، فضلا عن تساوقها من حيث تدري أو لا تدري مع المؤسسة الرسمية العربية المتورطة في لعبة الغرب ومشاريعه التآمرية، والتي تم شطبها وتصفية مكانتها الرمزية الوطنية، وإسقاط مكانة فلسطين في المحافل العربية الرسمية وخاصة جامعة الدول العربية، حتى عام 1964 عندما جرى الإعلان عن تأسيس منظمة التحرير بدعم مباشر من الرئيس الخالد جمال عبد الناصر في مؤتمر القمة العربية المنعقد في الإسكندرية، وكلف آنذاك المناضل الوطني والقومي الكبير احمد الشقيري بقيادتها.
وعلى أهمية ما تقدم في تشخيص مرحلة النكبة، وما تلاها من تعمق للمأساة الفلسطينية، وما حملته من تداعيات سلبية على مستقبل النضال الوطني، حيث لا يمكن فصل البعد الوطني عن البعد القومي، بحكم التداخل والترابط الجدلي العميق بين العاملين، بيد ان ما ورد أعلاه لا يجيب على أهم الدروس الفلسطينية المستخلصة من وجهة نظري، ومنها في هذه العجالة: أولا رغم نهوض العاملان الوطني والقومي بعد النكبة وثورة تموز / يوليو 1952 المصرية بقيادة الضباط الاحرار، وبروز أحزاب وحركات قومية، فضلا عن وجود أحزاب شيوعية، وجميعها وضعت على رأس جدول اعمالها "تحرير فلسطين من البحر الى النهر"، وتصفية المشروع الكولونيالي الاجلائي الاحلالي الصهيو أميركي الرأيسمالي، الا ان خطابات وبرامج تلك القوى كانت بعيدة عن محاكاة الواقع، وبقيت أسيرة شعارات غوغائية، فضلا عن بقائها في حالة انقسام وتفتت وحروب بينية، عمقت من ازمة الشعب الفلسطيني؛ ثانيا لم تتمكن أي من الأحزاب والحركات الوطنية من استخلاص الدروس والعبر من تجربة القيادة الفلسطينية قبل النكبة واثناءها وبعدها، حتى تصفية حكومة عموم فلسطين وطرد الحاج أمين الحسيني من مصر الى لبنان؛ ثالثا وعلى أهمية قيادات العمل الوطني، وإطلاق الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة مطلع عام 1965 من قبل حركة فتح، وتمكن فصائل العمل الوطني بعد هزيمة حزيران / يونيو 1967 من تكريس الظاهرة العلنية للثورة في دول الطوق العربية، والتي بدأت في المملكة الأردنية الهاشمية، وخوضها مع الجيش الأردني واحدة من اهم المعارك، معركة الكرامة في 21 اذار / مارس 1968، وما أحدثته من تحولات في سيرورة الظاهرة العلنية، الا أن الفصائل الفلسطينية كافة لم تحسن بناء علاقة وطيدة مع الجماهير العربية الأردنية واللبنانية لاحقا، وكان هناك تطير وسياسات صبيانية مارسها اليسار الفلسطيني، مما أضعف الحاضنة الشعبية العربية، ليس هذا فحسب، بل سمح للسياسات المعادية لوجود الثورة من الاستحواذ على الرأي العام في الساحة الأردنية، ودفع الأمور للصدام المسلح، وما نجم عن ذلك من تداعيات معروفة.
رابعا مع ان قيادة فصائل العمل الوطني تربعت على رأس منظمة التحرير الفلسطينية في دورة المجلس الوطني الخامسة عام 1969، الا ان سياسة المحاصصة والاستحواذ والتفرد في الهيمنة على القرار السياسي والمالي، شكل عامل تعطيل لبناء وحدة وطنية حقيقية في الساحة الفلسطينية، وبقيت الوحدة عنوانا شكليا بلا مضمون، ودون تكريس في الواقع الذاتي، مما اضعف الدور الفلسطيني في المحافل العربية والإسلامية والدولية في العديد من المحطات؛ خامسا حتى عندما تطور الفكر الفلسطيني في عام 1974، وأعتمد المجلس الوطني البرنامج المرحلي بنقاطه العشر، ذهبت القيادة الفلسطينية بعيدا في فهم المساومة والتنازلات السياسية، وبدل ان تتمسك على الأقل بقرار التقسيم رقم 181، ذهبت الى أبعد من ذلك، عندما هبطت في سلم تنازلاتها الى الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران / عام 1967، دون قدرة على إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي، ونتاج غياب المعرفة الحقيقية بالعقلية والرؤية البرنامجية للحركة الصهيونية، ونتاج التسرع والتساوق مع بعض رموز الحكم العربي، الذين روجوا لبضاعة فاسدة في عقول العديد من القيادات الفلسطينية، وفي الوقت ذاته، بقيت بعض الفصائل تراوح في خنادق الشعارات الوطنية والقومية البعيدة عن الواقع، وحتى عندما سعت لعمل مقاربة بين الشعارات الديماغوجية والتحولات السياسية العميقة في الواقع ، لم تستطع ان تبقى في مواقعها، ولا تمثلت روح الواقع الجديد، وظلت أسيرة الاغتراب عن الواقع. وللحديث بقية في حلقة جديدة غدا.
[email protected]
[email protected]
وعلى أهمية ما تقدم في تشخيص مرحلة النكبة، وما تلاها من تعمق للمأساة الفلسطينية، وما حملته من تداعيات سلبية على مستقبل النضال الوطني، حيث لا يمكن فصل البعد الوطني عن البعد القومي، بحكم التداخل والترابط الجدلي العميق بين العاملين، بيد ان ما ورد أعلاه لا يجيب على أهم الدروس الفلسطينية المستخلصة من وجهة نظري، ومنها في هذه العجالة: أولا رغم نهوض العاملان الوطني والقومي بعد النكبة وثورة تموز / يوليو 1952 المصرية بقيادة الضباط الاحرار، وبروز أحزاب وحركات قومية، فضلا عن وجود أحزاب شيوعية، وجميعها وضعت على رأس جدول اعمالها "تحرير فلسطين من البحر الى النهر"، وتصفية المشروع الكولونيالي الاجلائي الاحلالي الصهيو أميركي الرأيسمالي، الا ان خطابات وبرامج تلك القوى كانت بعيدة عن محاكاة الواقع، وبقيت أسيرة شعارات غوغائية، فضلا عن بقائها في حالة انقسام وتفتت وحروب بينية، عمقت من ازمة الشعب الفلسطيني؛ ثانيا لم تتمكن أي من الأحزاب والحركات الوطنية من استخلاص الدروس والعبر من تجربة القيادة الفلسطينية قبل النكبة واثناءها وبعدها، حتى تصفية حكومة عموم فلسطين وطرد الحاج أمين الحسيني من مصر الى لبنان؛ ثالثا وعلى أهمية قيادات العمل الوطني، وإطلاق الرصاصة الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة مطلع عام 1965 من قبل حركة فتح، وتمكن فصائل العمل الوطني بعد هزيمة حزيران / يونيو 1967 من تكريس الظاهرة العلنية للثورة في دول الطوق العربية، والتي بدأت في المملكة الأردنية الهاشمية، وخوضها مع الجيش الأردني واحدة من اهم المعارك، معركة الكرامة في 21 اذار / مارس 1968، وما أحدثته من تحولات في سيرورة الظاهرة العلنية، الا أن الفصائل الفلسطينية كافة لم تحسن بناء علاقة وطيدة مع الجماهير العربية الأردنية واللبنانية لاحقا، وكان هناك تطير وسياسات صبيانية مارسها اليسار الفلسطيني، مما أضعف الحاضنة الشعبية العربية، ليس هذا فحسب، بل سمح للسياسات المعادية لوجود الثورة من الاستحواذ على الرأي العام في الساحة الأردنية، ودفع الأمور للصدام المسلح، وما نجم عن ذلك من تداعيات معروفة.
رابعا مع ان قيادة فصائل العمل الوطني تربعت على رأس منظمة التحرير الفلسطينية في دورة المجلس الوطني الخامسة عام 1969، الا ان سياسة المحاصصة والاستحواذ والتفرد في الهيمنة على القرار السياسي والمالي، شكل عامل تعطيل لبناء وحدة وطنية حقيقية في الساحة الفلسطينية، وبقيت الوحدة عنوانا شكليا بلا مضمون، ودون تكريس في الواقع الذاتي، مما اضعف الدور الفلسطيني في المحافل العربية والإسلامية والدولية في العديد من المحطات؛ خامسا حتى عندما تطور الفكر الفلسطيني في عام 1974، وأعتمد المجلس الوطني البرنامج المرحلي بنقاطه العشر، ذهبت القيادة الفلسطينية بعيدا في فهم المساومة والتنازلات السياسية، وبدل ان تتمسك على الأقل بقرار التقسيم رقم 181، ذهبت الى أبعد من ذلك، عندما هبطت في سلم تنازلاتها الى الموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران / عام 1967، دون قدرة على إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي، ونتاج غياب المعرفة الحقيقية بالعقلية والرؤية البرنامجية للحركة الصهيونية، ونتاج التسرع والتساوق مع بعض رموز الحكم العربي، الذين روجوا لبضاعة فاسدة في عقول العديد من القيادات الفلسطينية، وفي الوقت ذاته، بقيت بعض الفصائل تراوح في خنادق الشعارات الوطنية والقومية البعيدة عن الواقع، وحتى عندما سعت لعمل مقاربة بين الشعارات الديماغوجية والتحولات السياسية العميقة في الواقع ، لم تستطع ان تبقى في مواقعها، ولا تمثلت روح الواقع الجديد، وظلت أسيرة الاغتراب عن الواقع. وللحديث بقية في حلقة جديدة غدا.
[email protected]
[email protected]