حرب مفتوحة بين الدولة العميقة والعصابة الحاكمة
بي دي ان |
16 مارس 2025 الساعة 04:38ص

من احد عوامل تفتت الأنظمة السياسية والدول، ليس الصراع بين البنائين التحتي والفوقي فقط، كعامل مقرر فيما ستؤول اليه الأمور، ولكن بروز الصراع داخل أركان البناء الفوقي الى العلن، والتصادم بين مؤسسات الدولة العميقة وأركان النظام السياسي الممسك بقرون الحكم، الناجم عن جموح قادة الحكم في الانقلاب على ركائز الدولة العميقة، وعمودها الفقري أجهزة الامن هنا أو هناك، وإحداث شلل وتعطيل التكامل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي ركائز أي نظام يدعي، انه نظام ديمقراطي، بغض النظر عن خلفية وطبيعة ديمقراطية هذا النظام.
وما تقدم، ينطبق تماما على دولتين راهنا: الولايات المتحدة الأميركية تحت قيادة دونالد ترمب، ودولة إسرائيل اللقيطة، مع الفرق بين الدولتين، فالأولى دولة تاريخية، والثانية دولة لقيطة، لا ركائز تاريخية لها، وهي رغم كل ما تتمتع به من دعم غربي رأسمالي وخاصة أميركي، وما تمتلكه من أسلحة ونفوذ في الإقليم، فهي دولة هشة، أقدامها من خشب مليء بالسوس والعفن. وسأتوقف امام ما تواجهه إسرائيل منذ ما بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، حيث تجلى التناقض بين المستويين السياسي والأمني، وقبل 7 أكتوبر ظهر في الانقلاب القضائي على مدار العام 2023، عندما سعى اركان حكومة نتنياهو السادسة بتوجيه وقرار من رئيس الوزراء لإعادة هيكلة القضاء بما يتوافق مع مصالحه الشخصية، وهروبه من المحاكمة على قضايا الفساد المتهم بها، وبما يسمح له ولحكومته فرض هيمنتها على السلطات الثلاث، ورغم خفوت صوت المظاهرات ضد الانقلاب القضائي، الذي عاد في الآونة الأخيرة يتمظهر بعناوين مختلفة، ودون ضجيج لاستكمال العملية بسبب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، الا ان التناقض اتخذ منحى آخر، وسطع في المستوى الحكومي الأول بين المستويين السياسي والعسكري الأمني، نتاج غياب خطة واضحة للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، واولويات الحرب، وأهدافها واليات العمل المتبعة فيها، وغياب التنسيق الحقيقي بين رئيس الحكومة والفريق الأمني المفاوض للأفراج عن الرهائن، وتعمقت بعد عزل رئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس الموساد، دافيد برنياع عن ملف المفاوضات، ومحاولة الالتفاف على ملف الافراج عن الرهائن الإسرائيليين بهدف تخريب وتعطيل اتفاق وقف اطلاق النار في الدوحة الموقع عليه في 17 كانون ثاني / يناير الماضي.
وتفاقم التناقض بين رئيس الائتلاف الحاكم، نتنياهو وبين رئيس الشاباك السابق، نداف أرغمان، حيث هدد الأخير الأول بكشف المستور، ونشر المعلومات السرية التي لديه عنه، في لقاء مع قناة "كيشت نيوز"، ونقلته القناة العبرية ال13 يوم الأربعاء 12 اذار / مارس الحالي، وجاء في المقابلة على لسان ارغمان "إذا توصلت الى استنتاج بأن رئيس الوزراء قرر العمل خلافا للقانون، فلن يكون هناك خيار آخر، سأكشف كل ما أعرفه، والذي امتنعت عن الإفصاح عنه حتى الان." وأضاف "يجب التوقف عن تعريض حياة جنودنا للخطر، والانسحاب من قطاع غزة، وإبقاء منطقة عازلة"، وتابع و"يجب الخروج من محور فيلادلفيا، لأن وجودنا هناك لا يعني وقف التهريب تحت الأرض." وأردف قائلا: "اليوم نحن لا نقاتل، ولا نحصل على أسرانا، وهذه خسارة من جميع الاتجاهات." والأخطر مما قاله نداف ارغمان، أن "نتنياهو يستهدف وحدة المجتمع الإسرائيلي بشكل متعمد، وفي حال تفككنا من الداخل، فلا يمكنك التغلب على ذلك." وهنا بيت القصيد من تفاقم حدة الصراع بين اركان الدولة العميقة والعصابة الحاكمة بقيادة بيبي، ولذا هدد زعيم الشاباك السابق رئيس الحكومة خشية على مستقبل الدولة الآيلة للسقوط بفعل عوامل عديدة، أبرزها صعود الائتلاف النازي الحاكم نهاية عام 2022.
على إثر ذلك، توجه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو الى الشرطة، وقدم شكوى ضد رئيس جهاز الشاباك السابق نداف ارغمان يوم الخميس 13 /3 الحالي، وذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية يوم الجمعة 14 / 3، واتهم مقدم الشكوى خصمه ب "الابتزاز العلني"، مشيرا الى أن الهدف من هذه الحملة، هو إعاقة إصلاح جهاز الشاباك بعد فشله في التعامل مع هجوم 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وأضاف أن "التهديدات بأسلوب المافيا لن تمنعني من اتخاذ القرارات اللازمة لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين." ولم يكن الصراع المحتدم بين نتنياهو وارغمان، مفصولا عن الصراع مع رئيس جهاز الشاباك الحالي، رونين بار، الذي يلاحقه نتنياهو وأركان ائتلافه ويطالبه بالاستقالة، كمقدمة لعزل رئيس جهاز الموساد برنياع، واستكمال دائرة الانقلاب على مقاليد الدولة العميقة الذي يطمح له زعيم العصابة الحاكمة في تل ابيب.
هذه الظاهرة لم تشهدها الدولة الإسرائيلية اللقيطة منذ نشوئها قبل 77 عاما، ولكنها تعاظمت وتفاقمت في زمن العصابة الفاشية الحاكمة، وانسجاما مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية داخل الدولة الإسرائيلية، ومع تعمق التناقضات بين مكونات الدولة الإسرائيلية المختلفة، وجميعها تحمل في طياتها عوامل هدم الدولة اللقيطة، حتى لو وقفت خلفها كل دول العالم، فلن تكون قادرة على الصمود، لان عملية الهدم الداخلية، كعامل حاسم في مستقبل الدولة، أكثر تأثيرا ونفاذا في الجسد الإسرائيلي المتعفن والمنهك منذ وجد من المسكنات، والمستقبل يحمل بالضرورة الجواب.
[email protected]
[email protected]
وما تقدم، ينطبق تماما على دولتين راهنا: الولايات المتحدة الأميركية تحت قيادة دونالد ترمب، ودولة إسرائيل اللقيطة، مع الفرق بين الدولتين، فالأولى دولة تاريخية، والثانية دولة لقيطة، لا ركائز تاريخية لها، وهي رغم كل ما تتمتع به من دعم غربي رأسمالي وخاصة أميركي، وما تمتلكه من أسلحة ونفوذ في الإقليم، فهي دولة هشة، أقدامها من خشب مليء بالسوس والعفن. وسأتوقف امام ما تواجهه إسرائيل منذ ما بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، حيث تجلى التناقض بين المستويين السياسي والأمني، وقبل 7 أكتوبر ظهر في الانقلاب القضائي على مدار العام 2023، عندما سعى اركان حكومة نتنياهو السادسة بتوجيه وقرار من رئيس الوزراء لإعادة هيكلة القضاء بما يتوافق مع مصالحه الشخصية، وهروبه من المحاكمة على قضايا الفساد المتهم بها، وبما يسمح له ولحكومته فرض هيمنتها على السلطات الثلاث، ورغم خفوت صوت المظاهرات ضد الانقلاب القضائي، الذي عاد في الآونة الأخيرة يتمظهر بعناوين مختلفة، ودون ضجيج لاستكمال العملية بسبب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، الا ان التناقض اتخذ منحى آخر، وسطع في المستوى الحكومي الأول بين المستويين السياسي والعسكري الأمني، نتاج غياب خطة واضحة للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، واولويات الحرب، وأهدافها واليات العمل المتبعة فيها، وغياب التنسيق الحقيقي بين رئيس الحكومة والفريق الأمني المفاوض للأفراج عن الرهائن، وتعمقت بعد عزل رئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس الموساد، دافيد برنياع عن ملف المفاوضات، ومحاولة الالتفاف على ملف الافراج عن الرهائن الإسرائيليين بهدف تخريب وتعطيل اتفاق وقف اطلاق النار في الدوحة الموقع عليه في 17 كانون ثاني / يناير الماضي.
وتفاقم التناقض بين رئيس الائتلاف الحاكم، نتنياهو وبين رئيس الشاباك السابق، نداف أرغمان، حيث هدد الأخير الأول بكشف المستور، ونشر المعلومات السرية التي لديه عنه، في لقاء مع قناة "كيشت نيوز"، ونقلته القناة العبرية ال13 يوم الأربعاء 12 اذار / مارس الحالي، وجاء في المقابلة على لسان ارغمان "إذا توصلت الى استنتاج بأن رئيس الوزراء قرر العمل خلافا للقانون، فلن يكون هناك خيار آخر، سأكشف كل ما أعرفه، والذي امتنعت عن الإفصاح عنه حتى الان." وأضاف "يجب التوقف عن تعريض حياة جنودنا للخطر، والانسحاب من قطاع غزة، وإبقاء منطقة عازلة"، وتابع و"يجب الخروج من محور فيلادلفيا، لأن وجودنا هناك لا يعني وقف التهريب تحت الأرض." وأردف قائلا: "اليوم نحن لا نقاتل، ولا نحصل على أسرانا، وهذه خسارة من جميع الاتجاهات." والأخطر مما قاله نداف ارغمان، أن "نتنياهو يستهدف وحدة المجتمع الإسرائيلي بشكل متعمد، وفي حال تفككنا من الداخل، فلا يمكنك التغلب على ذلك." وهنا بيت القصيد من تفاقم حدة الصراع بين اركان الدولة العميقة والعصابة الحاكمة بقيادة بيبي، ولذا هدد زعيم الشاباك السابق رئيس الحكومة خشية على مستقبل الدولة الآيلة للسقوط بفعل عوامل عديدة، أبرزها صعود الائتلاف النازي الحاكم نهاية عام 2022.
على إثر ذلك، توجه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو الى الشرطة، وقدم شكوى ضد رئيس جهاز الشاباك السابق نداف ارغمان يوم الخميس 13 /3 الحالي، وذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية يوم الجمعة 14 / 3، واتهم مقدم الشكوى خصمه ب "الابتزاز العلني"، مشيرا الى أن الهدف من هذه الحملة، هو إعاقة إصلاح جهاز الشاباك بعد فشله في التعامل مع هجوم 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وأضاف أن "التهديدات بأسلوب المافيا لن تمنعني من اتخاذ القرارات اللازمة لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين." ولم يكن الصراع المحتدم بين نتنياهو وارغمان، مفصولا عن الصراع مع رئيس جهاز الشاباك الحالي، رونين بار، الذي يلاحقه نتنياهو وأركان ائتلافه ويطالبه بالاستقالة، كمقدمة لعزل رئيس جهاز الموساد برنياع، واستكمال دائرة الانقلاب على مقاليد الدولة العميقة الذي يطمح له زعيم العصابة الحاكمة في تل ابيب.
هذه الظاهرة لم تشهدها الدولة الإسرائيلية اللقيطة منذ نشوئها قبل 77 عاما، ولكنها تعاظمت وتفاقمت في زمن العصابة الفاشية الحاكمة، وانسجاما مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية داخل الدولة الإسرائيلية، ومع تعمق التناقضات بين مكونات الدولة الإسرائيلية المختلفة، وجميعها تحمل في طياتها عوامل هدم الدولة اللقيطة، حتى لو وقفت خلفها كل دول العالم، فلن تكون قادرة على الصمود، لان عملية الهدم الداخلية، كعامل حاسم في مستقبل الدولة، أكثر تأثيرا ونفاذا في الجسد الإسرائيلي المتعفن والمنهك منذ وجد من المسكنات، والمستقبل يحمل بالضرورة الجواب.
[email protected]
[email protected]