الفلسطينيون عنوان الكرامة الإنسانية

بي دي ان |

15 مارس 2025 الساعة 04:17ص

الكاتب
رغم ان القيادة الفلسطينية تعاملت بمرونة عالية مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب، وحرصت على عدم الرد على الانتهاكات العدوانية المتواصلة ضد الشعب والقضية والمصالح الوطنية من قبل أركانها مجتمعين وكل على انفراد، بدءً من الرئيس ال47 وصولا لآخر عضو فيها، والوقوف بصلف وفجور فائض عن الحاجة خلف حكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية، لا بل تجاوزت في عدائها وعنصريتها أهداف الدولة العبرية اللقيطة، ليس استسلاما ولا اذعانا لمشيئة الإدارة الجمهورية، انما رغبة منها في ثني ساكن البيت الأبيض وفريقه المتغطرس عن خيارهم المتناقض مع ابسط مبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وتمثلا لروح الحكمة السياسية، التي تتطلب سعة الصدر، وعدم اللجوء للسياسة الانفعالية غير الإيجابية، واستجابة للتكامل مع السياسة العربية الرسمية، وبالأساس لحماية الشعب ومصالحه العليا، وتجنبا لأية أخطار قد تنجم عن ردود الأفعال السلبية، وبالتالي الانحناء المؤقت أمام العاصفة الهوجاء الأميركية، تهدف لكسر حدة الرياح الشديدة الآتية من الغرب الأميركي المنفلت من كل عقال قانوني ومنطقي.
ومع ذلك، ومع ان الرئيس ترمب تراجع تماما عن خطته المجنونة، الداعية للتطهير العرقي والتهجير القسري لأبناء الشعب من قطاع غزة، يوم الأربعاء 12 اذار / مارس الحالي اثناء المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء الأيرلندي في البيت الابيض، مايكل مارتن، حيث أكد، انه "لا أحد يطرد أي فلسطيني من قطاع غزة." الا انه مازال يواصل العداء للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، لا بل أنه كرر "إساءته" و"إهانته" لمكانته الإنسانية، التي ذكرها في ولايته الأولى 2017 / 2021، والعام الماضي اثناء الحملة الانتخابية، عندما وصف الرئيس السابق، جو بايدن، بأنه فلسطيني، عندما وصف تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أمام الصحفيين، بأن "شومر فلسطيني بقدر ما يهمني. لقد أصبح فلسطينيا. كان يهوديا في السابق، لم يهوديا الان." وللعلم فإن شومر، هو أعلى مسؤول يهودي أميركي منتخب في الولايات المتحدة.
هذا التوصيف لزعيم الديمقراطيين الاميركيين، بأنه فلسطينيا، وليس يهوديا، حمل التطاول على الرجل، لأنه اتخذ موقفا إيجابيا نسبيا لصالح الشعب الفلسطيني، ورفض مع باقي الديمقراطيين التساوق مع سياسات ترمب المتهافتة المجدفة في الاتجاه المتناقض مع مصالح الولايات المتحدة، ليس ضد الفلسطينيين لوحدهم، انما ضد العديد من الدول والشعوب، مما أثار غضب وسخط ساكن البيت الأبيض. مما كشف عن عنصرية بغيضة ولا إنسانية، بالتمييز بين اتباع الديانات السماوية، وبين بني البشر، حمل امتهانا لمكانة الشعب العربي الفلسطيني، والتطاول على انسانيته، وتجريده منها، ومن حقوقه السياسية وكرامته الوطنية. مع أن الشعب الفلسطيني كان ومازال عنوانا للكرامة الإنسانية الجمعية، ورمزا للكفاح الوطني التحرري في العالم، ومثالا للشجاعة والبطولة والصمود في مواجهة الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية، كونه الشعب الأخير في هذا الكون الذي مازال يناضل من اجل نيل حريته واستقلاله الوطني على ارض دولته الوطنية المستقلة على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا التصريح الخطير والمعيب بحق زعيم القطب العالمي الأول، أماط اللثام عن السقوط المريع لأخلاقية وقيم وديمقراطية الولايات المتحدة، ونزع عن وجهها كل المساحيق الكاذبة بادعاء الديمقراطية، وأغرقها في مستنقع العنصرية الوحشية، وهدد ويهدد مستقبلها كزعيمة للعالم الحر، حيث طالبت كايا كالاس، مفوضة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، باختيار زعيم جديد له، بدلا من رئيس الولايات المتحدة الحالي.
ودفع تصريح ترمب العنصري قطاعات واسعة من النخب السياسية والبرلمانية عموما، ومن اتباع الديانة اليهودية خصوصا الى ردود فعل غاضبة، ومظاهرات حاشدة ضده، حتى اقتحمت مجموعات منهم برج ترمب في نيويورك، واعتصموا به، وانتقدت مجموعات الدفاع عن المسلمين واليهود في الولايات المتحدة موقف الرئيس الجمهوري، الذي وصف شومر بالفلسطيني، في امتهان للرجل وللشعب الفلسطيني على حد سواء. وأدانت إيمي سبيتانيك، الرئيسة التنفيذية للمجلس اليهودي للشؤون العامة، تصريحات ترمب، مؤكدة أنها تعكس تحيزا غير مقبول. كما انتقدت هالي سويفر، الرئيسة التنفيذية للمجلس الديمقراطي اليهودي لأميركا تصريح الزعيم الأميركي. وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي الوطني لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، إن "استخدام ترمب لمصطلح فلسطيني كإهانة، هو أمر مسيء ولا يليق بمنصبه." وأضاف أن تعليقاته تعكس "التجريد المستمر من الانسانية" للفلسطينيين. وغيرها من ردود الفعل التي لم تتوقف حتى الان
بالنتيجة عنصرية ترمب تؤكد، انه ليس زعيم الدولة الأولى عالميا، انما هو زعيم عصابة عنصرية فاقدة الاهلية في إدارة حي في إحدى الولايات، وليس زعيم الدولة العظمى. وبقدر ما اساء وأهان الشعب الفلسطيني، بذات القدر وأكثر أعطى مصداقية لمكانة الشعب والقيادة الفلسطينية في الأوساط الأميركية خصوصا والعالم عموما.
[email protected]
[email protected]