بعض معايير الإصلاح الوطني

بي دي ان |

13 مارس 2025 الساعة 10:55ص

الكاتب
خطاب الرئيس أبو مازن أمام القمة العربية الطارئة في القاهرة 4 اذار / مارس الحالي، حمل نقاط إيجابية عديدة، بالإضافة للجانب السياسي والأمني واللوجستي المتعلق بملف الإبادة الجماعية على الشعب عموما وفي قطاع غزة تحديدا، اتخاذه قرارات هامة تتعلق بالإصلاح داخل حركة فتح ومنظمة التحرير والدولة الفلسطينية، وحسب المعطيات المتوفرة لدي، لم يكن ما طرحه عباس مفاجئا لعدد من الزعماء العرب المشاركين في القمة، وإن كان مفاجئا لغالبية القيادات الفلسطينية، التي لم تكن تتوقع تضمن الخطاب ملف الإصلاح، مما دفعها للغوص في دائرة السؤال، في محاولة لاستشراف الخلفيات والدوافع لإثارة الموضوع في القمة، وتباينت الاجتهادات بين مرحب ومؤيد من حيث المبدأ لخيار الإصلاح، وبين مرحب بتحفظ، واتجاه متردد وباحث في سبر أغوار الرجل وخطابه، والاتجاه الأخير انحصر في أوساط حركة فتح. لا سيما وان الدورة ال12 للمجلس الثوري للحركة عقدت قبل أيام قليلة من عقد القمة العربية، وكان ملف الإصلاح الداخلي والوطني مثارا في جدول اعمال دورة المجلس، وتبنى قرارا بإضافة عدد من الأعضاء للهيئتين القياديتين اللجنة المركزية والمجلس الثوري. الامر الذي اثار العديد من الأسئلة بشأن العفو الذي أعلنه أبو مازن عن المفصولين من الحركة، وهل يعني العفو عودة المفصولين بشكل جماعي أم فردي؟ وهل العفو يقفز عن محددات ومعايير وضوابط اللجنة الفتحاوية لعودة الفتحاويين المفصولين، أم يستند لها، ويعتبرها الأساس الناظم للعفو؟ وهل ستكون نصوص مواد النظام الداخلي للحركة ذات الصلة بعودة المفصولين، بالإضافة للنقاط التي حددتها اللجنة برئاسة أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، هي الناظم للعودة، ام سيجبها العفو المعلن أمام القمة؟ وهل سيكون لبعض الأطراف العربية تأثير على القرار الفتحاوي الداخلي، أم لا؟
مؤكد الإصلاح المتعلق بالوضع الداخلي لحركة فتح، يعود للأليات التي ستعتمدها الحركة في معالجة هذا الملف، بغض النظر عن التداخل والعلاقة الجدلية بين البعدين التنظيمي الداخلي والوطني العام، وانعكاس ذلك على العلاقة مع عدد من الأنظمة العربية ذات الصلة بإثارة ملف الإصلاح. وهو ما يفرض على قيادة الحركة عقد سلسلة من الاجتماعات الداخلية لاتخاذ القرارات المتوافقة والمنسجمة مع مصالح الحركة التنظيمية والوطني، وهنا يبرز سؤال، هل تستدعي الضرورة عقد المؤتمر الثامن للحركة أم لا؟
وأما موضوع الإصلاح الوطني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، فهو يهم الهيئات القيادية للمنظمة والقوى الفلسطينية كافة من فصائل ومستقلين ومنظمات واتحادات شعبية وقطاعات الشعب المختلفة. لأنه أحد همومها وعناوين حديثها ومطالباتها الدائمة بهدف تفعيل دور ومكانة المنظمة، وتطوير أدائها الوطني والقومي والاممي، واخراجها من دائرة المراوحة والتعثر التي تعاني منها.
وتملي الضرورة قبل عقد جلسات الحوار الوطني لفصائل المنظمة وباقي مكونات وقطاعات الشعب، وعقد دورة عادية وكاملة للمجلس المركزي للمنظمة، حسم مسألة طبيعة الكيانية الفلسطينية، هل هي سلطة وطنية، أم دولة بعيدا عن رؤية ومواقف الولايات المتحدة ومعها دولة إسرائيل، التي ستلغي اتفاقات أوسلو قريبا. لا سيما وان هناك مشروع قانون طرحه ايتمار بن غفير، زعيم "القوة اليهودية" بهذا الصدد؟ لأن بقاء هذه الازدواجية في توصيف الكيانية مثار جدل وتساؤل بين الكل الفلسطيني؟ وهل نائب رئيس الدولة المقرر تعينه بعد تعديل النظام الأساسي (الدستور المؤقت)، هو نفسه نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة؟ وهل هناك ضرورة إذا ما تم التوافق على قرار، ان الكيانية الفلسطينية هي دولة، هل هناك حاجة لطرح مشروع دستور للدولة، وتجاوز مرحلة النظام الأساسي الذي أقره المجلس التشريعي الأول؟ والا تملي الضرورة الفصل بين الدولة والمنظمة، خاصة وان الدولة تقتصر على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، في حين المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وحيثما وجد فلسطيني في بقاع الأرض؟ وألم يحن الوقت لتهيئة الواقع لعملية الفصل بين المستويات القيادية المنظمة والدولة وحركة فتح، وإزالة التداخل، وبما يسمح لتفعيل دور كل منها على أرضية التكامل والتطوير في آن للنظام السياسي والمنظمة والعمود الفقري للحركة الوطنية حركة فتح؟ وفي السياق، آما آن الأوان لإعادة تشكيل المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية وفق معايير وطنية جديدة لاستنهاض الذات الفلسطينية، أم سيبقى مرهونا بدخول بعض الحركات الإسلامية واقصد حركتي حماس والجهاد الإسلامي؟ وماذا ان بقيت تراوح في خنادق الانفصال ورفض خيار الوحدة الوطنية؟ ما العمل عندئذ؟ وما هي الحلول لإنقاذ الشعب من تبعات الانقلاب الحمساوي، واستعادة السيطرة الكاملة للمنظمة والدولة والحكومة لولايتها السياسية والقانونية واللوجستية على قطاع غزة؟  
أسئلة عديدة مرتبطة بخطة الإصلاح التي طرحها الرئيس محمود عباس أمام القمة، على الهيئات القيادية وكل معني بالأمر بمحاولة الاسهام في الإجابة عليها، وطرح الأفكار والاقتراحات المساعدة في بلوغ عملية اصلاح تعزز مكانة ودور المنظمة والدولة والشعب، وكمقدمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الوقت المناسب.
[email protected]
[email protected]