حرب الاشاعات عبثية
بي دي ان |
23 فبراير 2025 الساعة 12:29ص

حرب الاشاعات جزء لا يتجزأ من منظومة الحروب بين الأعداء، أو هي أحد الأسلحة الهامة في المواجهة بين القوى المتصارعة، ولها دور هام في التأثير السيكولوجي النفسي على الجبهات الداخلية عموما وفي أوساط الجيوش المتحاربة خصوصا. والاشاعات تستخدم في زمني السلم والحرب، ولا تقتصر حدودها بين الدول والقوى، وانما قد تستهدف المؤسسات والأحزاب والافراد. وتعود جذورها الى الحقب التاريخية القديمة، على سبيل المثال لا الحصر، دفع الفيلسوف اليوناني سقراط حياته نتاج إشاعة ملفقة، لا أساس لها من الصحة، عندما اتهم بإفساد الشباب وتحريضهم على الثورة. كما أن تحتمس الثالث لجأ الى الاشاعة والخديعة في حربه لفتح يافا، بالتالي الاشاعة ليست وليدة الحربين العالميتين الأولى والثانية، التي انشئ فيها هتلر اول وزارة للدعاية بقيادة غوبلز، وبريطانيا أسست "قسما للدعاية برئاسة اللورد نور ثكليف، والرئيس الأميركي، وودرو ويلسون بإنشاء مكتب للاستعلامات برئاسة جورج سريل، لقناعة الدول بأهمية ومركزية سلاح الاشاعة والدعاية ضد خصومها وأعدائها، وبالتالي باتت أحد الأسلحة الهامة للدول كافة..
ولم تتورع دولة إسرائيل عن استخدام سلاح الاشاعة في حروبها منذ تاسيسها، وحتى قبل الـتأسيس عندما قامت العصابات الإرهابية الصهيونية باستخدام هذا السلاح ضد المواطنين الفلسطينيين البسطاء، وفي حروب إسرائيل عام 1956 و1967 عندما رفعت على دباباتها أعلام الدول العربية لإيهام الفلسطينيين والعرب للتقدم في الأراضي الفلسطينية والعربية، فضلا عن أن وسائل اعلامها المختلفة تلجأ دوما لهذا السلاح لتفتيت الجبهة الفلسطينية الداخلية، وتمزيق وحدة الدول والشعوب العربية..
وآخر تقليعة إسرائيلية هذه الأيام، بعد اعلان الرئيس دونالد ترمب عن خطته بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة التي تراجع عنها أول أمس الجمعة في لقائه مع فضائية "فوكس نيوز" الأميركية، قيام طائراتها بإلقاء مناشير عليهم يوم الخميس 20 شباط / فبراير الحالي لترهيبهم وإشاعة الخوف بينهم بعظائم الأمور إن لم يخرجوا من ديارهم ووطنهم الام، ومما جاء فيها "لم يبق الا القليل، وانتهت اللعبة، ونحن هنا باقون الى يوم القيامة." وبأن "خطة ترمب الاجبارية ستفرض عليكم التهجير القسري، شئتم أم أبيتم." وتضمنت مدخلا استند الى بعض آيات قرآنية تتحدث عن الابتلاء والمصيبة وأجر الصابرين. وتوجه المنشور الإسرائيلي ب"نداء أخير لمن يريد أن نقدم له مساعدات،" ودعا الجماهير الفلسطينية لأن يعيدوا حساباتهم قبل فوات الأوان، وقالوا في منشورهم، أن خريطة العالم لن تتغير إن اختفى كل أهل غزة عن الوجود، و" لن يشعر بكم أحد، ولن يسأل عنكم أحد. إيران لا تستطيع حماية نفسها حتى تحميكم." كما ذكر المنشور " لا اميركا ولا أوروبا تهتم بغزة بأي حال من الأحوال، حتى دولكم العربية، التي أصبحت الان حليفة لنا، تزودنا بالاموال والأسلحة بينما ترسل اليكم الاكفان فقط." وغيرها من الأكاذيب والافتراءات والترهيب للمواطنين الفلسطينيين.
وتناست إسرائيل وأركان ائتلافها الحاكم أن الشعب العربي الفلسطيني تعلم الدرس، وأخذ العبر من تجاربه المعاصرة في مواجهة التحديات الإسرائيلية، ولم يعد لقمة سائغة يمكن ان ترهبه منشوراتهم، وحملاتهم الدعاوية المفضوحة والمكشوفة الأهداف الخبيثة والغبية في آن. وتجاهل الإسرائيليون أنفسهم الدرس الفلسطيني الماثل امامهم بعودة ابنائه من أماكن نزوحهم من جنوب القطاع الى شماله تأكيدا على تمسكهم بترابهم الوطني، ورفضهم التهجير القسري مهما كانت التضحيات، ولم تثنيهم الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية، رغم سقوط نحو 250 ألف انسان بين شهيد وجريح، بالإضافة الى تدمير نحو 90% من الوحدات السكنية والمباني عموما في مدن وقرى ومخيمات القطاع. ولن يكرروا تجربة النكبة الكبرى عام 1948، وهزيمة 1967. لأنهم تعلموا الدرس، واكتووا بمرارة ولعنة المخيمات والتطهير العرقي من وطنهم فلسطين المحتلة.
وبعكس ما تضمنه منشورهم، فإن العالم بقضه وقضيضه يقف على رجل واحدة دعما للشعب الفلسطيني، والى جانب عدالة قضيته وحقوقه السياسية والقانونية والإنسانية، وباتت السردية الفلسطينية هي الأعلى والسائدة في أوساط الراي العام العالمي. كما أن الاشقاء العرب جميعهم وقفوا الى جانبهم، ولم يكتفوا بإرسال الاكفان، كما ذكر بيانهم، وانما تنادوا الى قمة الاخوة السباعية المصغرة أول أمس الجمعة في الرياض، والقمة الطارئة في القاهرة في 4 اذار / مارس القادم لاتخاذ قرارات هامة لا تنحصر في ادخال المساعدات الإنسانية كافة بما فيها المواد الغذائية والدوائية والايوائية، وانما أعدت مصر الشقيقة بالتكامل مع القيادة الفلسطينية وحكومتها ومع الاشقاء العرب خطة لإعادة الاعمار، وعقد مؤتمر دولي للمانحين للإسهام في إعادة الاعمار، الذي ستلعب فيه دول الاتحاد الأوروبي ودول العالم المختلفة دورا هاما، والتحضير للقمة المرتقبة للمؤتمر الدولي الداعم لخطة استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، في يونيو القادم في نيويورك بقيادة المملكة السعودية وفرنسا، ومن ثم الذهاب للمؤتمر الدولي لتطبيق وتنفيذ الخيار المذكور، وانسحاب إسرائيل الكامل من أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
النتيجة المفترضة على الإسرائيليين ومن يقف خلفهم، ان يتعلموا الدرس، وان يذعنوا لخيار السلام. لأن ترمب تراجع عن خطته، ولم تعد مطروحة، والتاريخ لن يرحم قادة إسرائيل في حال واصلوا التخندق في خنادق الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولم يعد لديهم الكثير من الوقت لإعادة النظر في دوامة الحروب، التي سترتد عليهم بعظائم الأمور.
[email protected]
[email protected]
ولم تتورع دولة إسرائيل عن استخدام سلاح الاشاعة في حروبها منذ تاسيسها، وحتى قبل الـتأسيس عندما قامت العصابات الإرهابية الصهيونية باستخدام هذا السلاح ضد المواطنين الفلسطينيين البسطاء، وفي حروب إسرائيل عام 1956 و1967 عندما رفعت على دباباتها أعلام الدول العربية لإيهام الفلسطينيين والعرب للتقدم في الأراضي الفلسطينية والعربية، فضلا عن أن وسائل اعلامها المختلفة تلجأ دوما لهذا السلاح لتفتيت الجبهة الفلسطينية الداخلية، وتمزيق وحدة الدول والشعوب العربية..
وآخر تقليعة إسرائيلية هذه الأيام، بعد اعلان الرئيس دونالد ترمب عن خطته بالتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة التي تراجع عنها أول أمس الجمعة في لقائه مع فضائية "فوكس نيوز" الأميركية، قيام طائراتها بإلقاء مناشير عليهم يوم الخميس 20 شباط / فبراير الحالي لترهيبهم وإشاعة الخوف بينهم بعظائم الأمور إن لم يخرجوا من ديارهم ووطنهم الام، ومما جاء فيها "لم يبق الا القليل، وانتهت اللعبة، ونحن هنا باقون الى يوم القيامة." وبأن "خطة ترمب الاجبارية ستفرض عليكم التهجير القسري، شئتم أم أبيتم." وتضمنت مدخلا استند الى بعض آيات قرآنية تتحدث عن الابتلاء والمصيبة وأجر الصابرين. وتوجه المنشور الإسرائيلي ب"نداء أخير لمن يريد أن نقدم له مساعدات،" ودعا الجماهير الفلسطينية لأن يعيدوا حساباتهم قبل فوات الأوان، وقالوا في منشورهم، أن خريطة العالم لن تتغير إن اختفى كل أهل غزة عن الوجود، و" لن يشعر بكم أحد، ولن يسأل عنكم أحد. إيران لا تستطيع حماية نفسها حتى تحميكم." كما ذكر المنشور " لا اميركا ولا أوروبا تهتم بغزة بأي حال من الأحوال، حتى دولكم العربية، التي أصبحت الان حليفة لنا، تزودنا بالاموال والأسلحة بينما ترسل اليكم الاكفان فقط." وغيرها من الأكاذيب والافتراءات والترهيب للمواطنين الفلسطينيين.
وتناست إسرائيل وأركان ائتلافها الحاكم أن الشعب العربي الفلسطيني تعلم الدرس، وأخذ العبر من تجاربه المعاصرة في مواجهة التحديات الإسرائيلية، ولم يعد لقمة سائغة يمكن ان ترهبه منشوراتهم، وحملاتهم الدعاوية المفضوحة والمكشوفة الأهداف الخبيثة والغبية في آن. وتجاهل الإسرائيليون أنفسهم الدرس الفلسطيني الماثل امامهم بعودة ابنائه من أماكن نزوحهم من جنوب القطاع الى شماله تأكيدا على تمسكهم بترابهم الوطني، ورفضهم التهجير القسري مهما كانت التضحيات، ولم تثنيهم الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية، رغم سقوط نحو 250 ألف انسان بين شهيد وجريح، بالإضافة الى تدمير نحو 90% من الوحدات السكنية والمباني عموما في مدن وقرى ومخيمات القطاع. ولن يكرروا تجربة النكبة الكبرى عام 1948، وهزيمة 1967. لأنهم تعلموا الدرس، واكتووا بمرارة ولعنة المخيمات والتطهير العرقي من وطنهم فلسطين المحتلة.
وبعكس ما تضمنه منشورهم، فإن العالم بقضه وقضيضه يقف على رجل واحدة دعما للشعب الفلسطيني، والى جانب عدالة قضيته وحقوقه السياسية والقانونية والإنسانية، وباتت السردية الفلسطينية هي الأعلى والسائدة في أوساط الراي العام العالمي. كما أن الاشقاء العرب جميعهم وقفوا الى جانبهم، ولم يكتفوا بإرسال الاكفان، كما ذكر بيانهم، وانما تنادوا الى قمة الاخوة السباعية المصغرة أول أمس الجمعة في الرياض، والقمة الطارئة في القاهرة في 4 اذار / مارس القادم لاتخاذ قرارات هامة لا تنحصر في ادخال المساعدات الإنسانية كافة بما فيها المواد الغذائية والدوائية والايوائية، وانما أعدت مصر الشقيقة بالتكامل مع القيادة الفلسطينية وحكومتها ومع الاشقاء العرب خطة لإعادة الاعمار، وعقد مؤتمر دولي للمانحين للإسهام في إعادة الاعمار، الذي ستلعب فيه دول الاتحاد الأوروبي ودول العالم المختلفة دورا هاما، والتحضير للقمة المرتقبة للمؤتمر الدولي الداعم لخطة استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، في يونيو القادم في نيويورك بقيادة المملكة السعودية وفرنسا، ومن ثم الذهاب للمؤتمر الدولي لتطبيق وتنفيذ الخيار المذكور، وانسحاب إسرائيل الكامل من أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
النتيجة المفترضة على الإسرائيليين ومن يقف خلفهم، ان يتعلموا الدرس، وان يذعنوا لخيار السلام. لأن ترمب تراجع عن خطته، ولم تعد مطروحة، والتاريخ لن يرحم قادة إسرائيل في حال واصلوا التخندق في خنادق الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولم يعد لديهم الكثير من الوقت لإعادة النظر في دوامة الحروب، التي سترتد عليهم بعظائم الأمور.
[email protected]
[email protected]