تقرير: "شح الغاز يفرض واقعه.. المواطن بين أزمة الأنابيب ولظى الحطب"

بي دي ان |

05 ديسمبر 2024 الساعة 11:47ص

صورة تعبيرية
أمام خيمتها التي تنتصف قارعة الطريق، تجلس النازحة إلهام أبو عودة وراء موقد الطعام محاولةً تسخين بضع كسراتٍ من الخبز الجاف تسُدُّ بها رمق جوع أطفالها، تطالع السَّماء الملبدة بالسحبِّ كتلبّد غيوم الكدر على صدرها، بعد محاولاتٍ عديدة من إشعال النيران المتمردة بفعلِ قوةِ الرّياح.

وفي حديثها لـ "پي دي ان" تقول أبو عودة: "أولادي بلموا كرتون و نايلون من الجمَّاعات الصبح، وبعد الضهر بوقفوا على التكيّة" 

وتحاول أبو عودة الجالسة وسط أطفالها الستة كبح جماح دموعها لتستكمل: "طلعنا من تحت القصف لا معنا جرّة ولا غيرها، يا ريت أصير أسجل اسمي زي هالناس وأعبي غاز؛ تعبت من النار وصحتي انهلكت"، ليقاطع استرسال حديثها طفلها ذو السبعة أعوام "أبويا استشهد وأمي تصاوبت هان وهان" وهو يشير بيدهِ على أنحاءٍ متفرقة من جسدها المتعب.


 وبعجزٍ وقهر شديد تستطرد  أم وسام (44 عامًا) حديثها  "طلع اسمي وأخدت جرّة من جارنا" بعد أيام قليلة طلب الجرّة وهي أكتر من نصها وما رضي يخليها عندي واعتبر الغاز مقابل إعطائي الجرّة"

وفي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تجلس سجى أبو عاصي على كرسيٍّ محاذٍ لخيمتها تتأفف رفض أخوتها جمعهم الكرتون والنايلون من الطرقات ليتمكنوا من صنع الطعام، "أبويا بالشمال ومعناش جرّة، وضعنا تحت الصفر".

تنفست سجى الصَّعداء والحسرة تبدو في عيناها "سجلنا اسمنا بدورات الغاز من 3 شهور وما طلع غير مرة وحدة قبل شهر" 

وتابعت بحديثٍ منزوع الدمع "يا فرحة ما تمت بعنا الاسم ومش قادرين نشتري اشي بالمصاري، السوق أسعاره زي النار".

وعلى مقربةٍ من خيمة سجى وعائلتها، تعيش الحاجة زهر شبات داخل مركزٍ لإيواء النازحين، برفقة ابنها وابنتها وأطفالهم، "إحنا من بيت حانون انقصفنا وطلعنا بـ 10/11 ومعناش حتى شبشب نلبسه، كان معنا شوية مصاري اشتركنا وشرينا جرّة بـ 300شيكل أم 12 كيلو كانت رخيصة مش زي هلقيت".

"تسليم الاسطوانة" هي رسالة كفيلة بإدخال الفرحة على عائلة زهر الكبيرة، التي تحدثت عن تكبّد عناء استعمالهم الحطب ما يقارب 10 أشهر كاملة جراء استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا منذ السابع من أكتوبر 2023.

والتفتت شبات خلفها وكانت الساعة قد تجاوزت التاسعة صباحًا، لتقول: "ايش ذنب الطفل هادا لهلقيت مش ملاقي فطور يأكله لا في طحين ولا غاز نسخن عليه آخر رغيف ناشف عنا"، لتطلق ابنتها تنهيدةٍ مختلطةٍ بالحيرة "الغاز كأنه تيار، في بيوتنا كنا زي هيك عائلة كبيرة والجرّة تكفينا من 40 لـ 45 يوم، هلقيت بتكفيش 10 أيام".

"حسبي الله ونعم الوكيل وكلوا فينا الحراميّة، أكتر من نص الناس فش عندهم جرّات، بدنا نعيش بدنا طحين ومية نضيفة وغاز، بدنا أمان" ألقت زهر كلماتها المصاحبة لعبرّات نديّة يشوبها الحزن والضياع.

أما وفاء اللوح (65 عامًا) بعد هدم منزلها الذي يقع على الحدود الشرقية لدير البلح، فُرِضَ عليها وعلى عائلتها واقع الخيام المرير، فقد طال القصف كل مكان إلى أن حطّت رحالهم العيش داخل المقبرة.

وتشكي اللوح سوء المعيشة وقلة ما في اليد، لافتةً: "بناتي بساعدونا بحق الجرّة لما يطلع اسمنا".

وفقًا لذلك، تحدث عمرو مشمش (موزع غاز في النصيرات)، لصحفية "بي دي ان" عن الآلية المتبعة لتعبئة الغاز، فيقول: "نحصل على كشف من الجهات المختصة لكل من النازحين وأهل البلد، يحتوي الاسم الرباعي، ورقم الجوال، ورقم الهوية، ونحن نبلغهم بموعد التسليم إما بمكالمة أو رسالة، وفي حال كان هناك خطأ بالرقم نبلغ المسؤولين".

وأجاب مشمش عن طريقة تعامله مع مشكلة عدم توفر اسطوانات لدى النازحين المدرجة أسماءهم في الكشوفات التي تصل إليه: "حسب اتفاقنا، بنرفع أعذارهم لمراقب من طرف هيئة البترول أو وزارة الاقتصاد؛ وبنطلب منه يعطيهم مهلة لتدبير اسطوانة من أحد الأقارب أو المعارف أو الجيران، لو ما لقوا بضل حقهم محفوظ لحد ما يقدروا يدبروا".

فعلى الرغم من حرص الهيئة العامة للبترول استفادة كافة المواطنين من دورات الغاز جنوب قطاع غزة، إلا أنّ عدم توفر اسطوانات بحجم 12 كيلو لدى غالبية النازحين بشتى المناطق، يقف حجر عثرةٍ بطريقهم تؤول بهم لاستمرار معاناتهم مع استعمال الحطب.